وزير المعادن السوداني لـ «الشرق الأوسط»: احتياطي السودان المؤكد من الذهب يبلغ 1550 طنًا

الكاروري توقع تجاوز السودان جنوب أفريقيا في إنتاج المعدن الأصفر النفيس

أحمد محمد صادق الكاروري وزير المعادن السوداني («الشرق الأوسط»)
أحمد محمد صادق الكاروري وزير المعادن السوداني («الشرق الأوسط»)
TT
20

وزير المعادن السوداني لـ «الشرق الأوسط»: احتياطي السودان المؤكد من الذهب يبلغ 1550 طنًا

أحمد محمد صادق الكاروري وزير المعادن السوداني («الشرق الأوسط»)
أحمد محمد صادق الكاروري وزير المعادن السوداني («الشرق الأوسط»)

توقع وزير المعادن السوداني أن يتجاوز إنتاج الذهب في بلاده الإنتاج في جنوب أفريقيا في وقت قريب، بحجم بلغ 93.4 طن من الذهب خلال العام الماضي، بما يجعل السودان يأتي في المرحلة الثانية أفريقيًا بين منتجي الذهب في العالم.
وقال الوزير أحمد محمد صادق الكاروري، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن بلاده تحوز احتياطي ذهب مؤكدا يبلغ ألفا و550 طنا، وإن أراضيها غنية بآلاف الأطنان من احتياطي الذهب غير المؤكد، متوقعًا تضاعف الاحتياطات المؤكدة خلال السنوات القليلة المقبلة. بيد أن الوزير كشف أن حجم الصادرات الفعلية من الذهب بلغ 28.9 طن خلال العام السابق بقيمة بلغت 1.156 مليار دولار، وأن الفاقد بين الصادر والمنتج ناتج عن عمليات التهريب والتصنيع المحلي والتخزين وتصفية الخام في الخارج، وصعوبة السيطرة على التعدين التقليدي.
وأوضح الوزير أن الشركة الروسية العاملة في التنقيب عن الذهب، المثيرة للجدل المعروفة باسم «سيبريان»، لم توف بدفع مبلغ 5 مليارات دولار تعهدت بدفعها ضمانا للاستثمار لإشكالات تواجهها في بلادها، وتعهد بدراسة المبررات التي قدمتها واتخاذ القرار المناسب بشأنها في الوقت المناسب. كما توقع الوزير أن يبدأ السودان والمملكة العربية السعودية استثمار المعادن في المنطقة المشتركة بينهما في أعماق البحر الأحمر، والوصول إلى مرحلة الإنتاج عام 2020، بعد حصول شركة «منافع» على امتياز التنقيب.

> كلما ذكرت المعادن في السودان، ذهب الحديث إلى الذهب، هل يملك السودان احتياطات ذهبية حقيقية كبيرة؟
- في السودان ما يزيد على ثلاثين معدنا، ولا نركز على الذهب تحديدا في العملية التعدينية، بل نعمل في إنتاج كل هذه المعادن، وتنتج كميات كبيرة مقارنة الذهب. وأنتج السودان 10 آلاف طن من المنجنيز، ومن الكروم 45 ألف طن، ومن معدن الكرنكل 3 آلاف و371 ألف طن، والكاولين والجبس والجير وغيرها، فآلاف الأطنان خلال 2016. ولمقارنة سعر الذهب بالمعادن الأخرى يأتي الذهب في مقدمة الصادرات المعدنية.
> ما احتياطات الذهب الفعلية في السودان؟
- لدينا عدد من الشركات العاملة في دراسات تحديد احتياطي الذهب، بجانب الدور البحثي لهيئة الأبحاث الجيولوجية. كونوا لجنة جمعت الاحتياطي المؤكد. والاحتياطي المؤكد ألف و550 طنا من الذهب. وببلوغ الشركات مراحل متقدمة من البحث يمكن أن تتضاعف هذه الأرقام. لكن لدينا احتياطات غير مؤكدة بآلاف الأطنان.
> ما احتياطات المعادن النادرة الأخرى مثل اليورانيوم؟
- لم يتم التأكد من احتياطي المعادن النادرة مثل اليورانيوم، لأن العمل فيها حساس ويحتاج إلى إمكانات كبيرة. لكننا بدأنا بتكليف الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية الذراع الفنية، لتبادر باستكشاف اليورانيوم وغيره من المعادن النادرة والاستراتيجية.
> تتداول معلومات كثيرة في الفترات السابقة، تتعلق بمحاولات اعتداء وسرقة يورانيوم من السودان من دول أجنبية؟
- ليس لديّ معلومات عن دخول أجانب واعتدائهم على هذه الاحتياطات، ربما تم تداول هذا الموضوع في عهود سابقة، أما الآن لا توجد عملية للاعتداء على اليورانيوم.
> ذكرتم أن السودان أنتج العام الماضي 93.4 طن ذهب بعائدات بلغت 1.156 مليار دولار، وبمقارنة العائد بالمنتج وسعر طن الذهب، هناك فرق كبير.
- تحدثنا عن العائدات التي تم تصديرها بواسطة بنك السودان، كجهة مشترية ومصدرة وحيدة، وقد تسمح لبعض الشركات العاملة بتصدير جزء من إنتاجها. وما تم تصديره عن طريق البنك المركزي 28.9 طن، وبالقيمة التي ذكرتها. ويأتي الفرق من أن هناك صادرا بغرض التصنيع وإعادته، واستهلاكا محليا عبارة عن مشغولات، وتخزينا داخليا، يضاف إلى هذا التهريب.
> ألا تملكون آليات رقابة فعلية للتقليل من هذا التهريب؟
- أنشأنا الشركة السودانية للمعادن، كذراع رقابية تقوم بالرقابة الفنية على كل القطاعات المنتجة الأربعة «التعدين التقليدي، وشركات الامتياز، والتعدين الصغير، وشركات مخلفات التعدين»، وتقوم بالرقابة الفنية والمالية والمسؤولية المجتمعية والبيئية، منذ مرحلة ما قبل الإنتاج حتى التصدير.
> ما الإجراءات للتقليل من حجم التهريب؟
- في الغالب مناطق التعدين نائية، وينشط التعدين التقليدي في 12 ولاية، و44 محلية، و65 سوقا، و221 موقعا، و43 ألفا و890 بئرا، والسيطرة عليها شبه مستحيلة، لذا شرعنا سياسات لجذب المنتج، ومن بينها إدخال القطاع الخاص للاستثمار في الشراء والتصدير، وقررنا سعرًا مجزيًا نعمل على أن تقلل من حجم التهريب.
> كم عدد الشركات التي تعمل في مجال التنقيب في السودان؟
- 52 شركة، بعضها صينية، وروسية، وتركية، وشركات عربية وغربية، بما فيها شركات كندية. ولتصل لمرحلة الإنتاج تحتاج إلى سنين ودراسات رغم استخدام التقنيات الحديثة في الاستكشاف والبحث والتحليل. ثم قللنا الوقت الذي كانت تستغرقه في السابق من سبع سنوات إلى سنتين، يجدد لعام إضافي بعد التأكد من جدية الشركة. نتوقع بداية الإنتاج الفعلي للشركات الكبيرة في 2017 و2018. فهي ذات إمكانيات أكبر، وتستعمل وسائل أفضل تمكنها من الوصول إلى أعماق لا يصلها المعدن التقليدي، مما يجعلنا نتوقع زيادة مضطردة بمتوالية هندسية في إنتاج الشركات.
> لا تزال شركة «سيبريان» الروسية تثير كثيرا من الجدل بالأرقام الكبيرة من احتياطات الذهب التي قدمتها والوعود الكبيرة التي بذلتها، ماذا فعلت هذه الشركة؟
- «سيبريان» شركة روسية يملكها فلاديمير جوكوف، اشتغلت في البداية استشاريا لتقديم دراسات لشركات أخرى عبر تقنيات الاستشعار عن بعد، وأجرت دراسات لشركات من بينها شركة «موسى موسيان»، ودرست موقعين قبل أن نوقع معها على عقد في يوليو (تموز) 2015.
وسجلت «سيبريان» 2013 كشركة تعمل في المعادن في السودان، واسمها المسجل في روسيا وهو «Golden Stone». ونص البروتوكول الموقع بين السودان وروسيا 2013، أي قبل توقيعها معنا 2015، على دعم الجانب الروسي لها، بالإضافة إلى الشركات الروسية الأخرى. التزمت الشركة بتقديم أول إنتاج في 7 فبراير (شباط) 2016، وأخضعنا دراساتها الفنية لمختصين من الوزارة وهيئة الأبحاث الجيولوجية، للتأكد من الاحتياطي الذي تحدثت عنه.
> ما تفسيرك للضجة التي أثارتها هذه الشركة؟
- قد يكون بسبب الاحتياطي الكبير الذي أعلنته، أو بسبب المعلومات غير الدقيقة والصحيحة التي يتداولها الناس، البعض يتحدث أن احتياطي أميركا من الذهب لا يتجاوز ثمانية آلاف طن، رغم أنه الاحتياطي الذي بحوزة البنك المركزي، وهكذا بالنسبة لبقية الدول. والناس قارنوا بين ما هو في حوزة البنوك المركزية من احتياطات وما في باطن الأرض. نحن مقتنعون أن في باطن أرض السودان احتياطيا بعشرات آلاف الأطنان. والآن نستخدم تقنيات الاستشعار عن بعد، بما يمكنها من تحديد هذه الاحتياطات، وبالتأكيد هي تحتاج أيضًا إلى عمل أرضي لتأكيد هذه الاحتياطيات. نفذت «سيبريان» كثيرا من الأعمال عن طريق الاستشعار عن بعد، واستخدمت تقنيات الحديثة، وأخذت عينات من الأرض، وحللت في السودان وروسيا لتأكيد ما أعلنوه من احتياطات. مثلها مثل الشركات الأخرى أجرت دراسات، وتعمل الآن على استخراج الذهب من مربعها.
> وعدت «سيبيريان» بتقديم ما قيمته 5 مليارات دولار كقرض لضمان الاستثمار، هل أوفت بهذا الشرط؟
- لم توف بالشرط، بسبب بعض الإشكالات التي تواجهها في روسيا، وجزء منها خاص بالتحويلات وآخر خاص بها في روسيا. ولا شأن لنا بالأسباب التي منعت التحويل.
> هل أنتم مطمئنون لهذه المبررات؟
- سندرس هذه المبررات، وسنتخذ قرارنا في الزمن المناسب.
> نسب إليك أن السودان أصبح الدولة الثانية من حيث إنتاج الذهب في أفريقيا بعد دولة جنوب أفريقيا، هل هو الإنتاج الفعلي أم الاحتياطات؟
- تقدير يقوم على الإنتاج الفعلي، فقد بلغ في العام الماضي 93.4 طن، فتجاوزنا عددا من الدول التي كانت تسبقنا في أفريقيا، لكن جنوب أفريقيا في المقدمة يليها السودان. فبعد أن كانت 70 في المائة من ذهب العالم، تدنى إنتاجها، الآن لتكون في المرتبة الخامسة أو السادسة بين منتجي الذهب. والسودان ما زال بكرًا وثرواته لم تستهلك، مقارنة بعمر المناجم في جنوب أفريقيا الذي يتجاوز المائة عام، نحن بدأنا فتح المناجم الآن، وإنتاجنا في تصاعد، وإنتاج جنوب أفريقيا في انخفاض، لذلك سيكون المستقبل لإنتاج الذهب في السودان.
> لماذا لا تعمل مصفاة الذهب السودانية، ليصدر بنك السودان الذهب المصنع بدلاً عن الخام؟
- مصفاة الذهب تعمل بكفاءة، وما تم تصديره عبر القنوات الرسمية، تمت تصفيته وتنقيته في مصفاة السودان للذهب. المصفاة طاقتها التصميمية كبيرة جدا تستوعب كل إنتاج السودان بل والقارة الأفريقية، فهي تصفي 270 طنا من الذهب خلال العام. وتقوم بمحاولات لاستقطاب ذهب الدول الأخرى لتصفيته.
> تحدثت عن الرمز الوطني والمواصفة السودانية للمعادن، هل تمت إجازتها؟
- الرمز الوطني التعديني «National Mining Code»، يستخدم في الدول التي سبقتنا في التعدين، فهي لديها رمز وطني ومواصفة خاصة بها. واهتداء بما فعلته الدول الأخرى وضرورات العمل التعديني، تم إنشاء لجنة من الخبراء من الوزارة ومن خارجها لوضع مواصفة سودانية للجيولوجيا والتعدين. تبدأ بمرحلة التقديم ونيل الامتياز وشروطه وانتهاءً بنهاية العملية التعدينية بإغلاق المناجم، وهي من 90 صفحة تحتوي على كل مطلوبات العملية التعدينية وفقًا للظروف السودانية.
> انتقلت ملكية شركة «آرياب» للتعدين من فرنسية لمصرية لسودانية، هل أصبحت غير مربحة؟
- العمل في «آرياب» للفرنسيين أو الشريك المصري نجيب ساويرس كان مجزيا بحسب أرقام الإنتاج وحسب الاحتياطات المؤكدة، والشركة في تطور مستمر. منذ بدأت الإنتاج 1991 وحتى عام 2015 أنتجت 82 طنا من الذهب. خرج الأطراف بإرادة مشتركة لخلافات إدارية، ورغبة الشريك في رفع أسهمه في الشركة. فاتفقنا على فض هذه الشراكة ودفعنا جل قيمة أسهم الشريك من إنتاج الشركة نفسه. وتؤكد الدراسات أن لديها موقعين فقط، احتياطي من الذهب قدره 140 طنا، وألف و300 طن، والنحاس 700 ألف طن الزنك، والفضة 3 آلاف طن، ولديها مشروعان بدأنا في تنفيذهما لاستخلاص هذه الكميات من الذهب.
> تم توقيع اتفاقية ما يعرف بكنز البحر الأحمر أو مشروع «أطلانتس2»، بين السودان والمملكة العربية السعودية قبل عامين، أين وصل هذا المشروع؟
- هو مشروع قديم نسبيا وقع أول مرة 1974، وتم تفعيله في العامين الأخيرين برغبة مشتركة، وعقدت خلال عام 2016 اجتماعين أحدهما مع وزير النفط والمعادن السعودي السابق علي النعيمي في أبريل (نيسان) الماضي بالخرطوم، وآخر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في المملكة، بحضور وزير النفط والمعادن الجديد خالد الفالح، مما يدل على الاهتمام بهذا المشروع، ويؤكد وجود احتياطات كبيرة جدا من الذهب والمعادن الأخرى، مثل النحاس والحديد والزنك وغيرها من المعادن، وبالمزيد من الاستكشافات نتوقع أن تتضاعف هذه الاحتياطيات.
ووقعنا مع شركة «منافع» السعودية، وحصلت على رخصة العمل بالنسبة لهذا المشروع، فاستعانت بشركات ذات مقدرة للعمل الجيولوجي في أعماق البحار، وعثرنا على شركات لديها تقنيات للعمل في أعماق البحار حتى حدود 6 آلاف كيلومتر تحت الماء. ونتوقع أن تصل مرحلة الإنتاج عام 2020، وهناك لجنة تنفيذية تتابع، وضابطا اتصال هو صديق عبد القادر من الجانب السوداني، ونظيره السعودي، ونحن على اتصال دائم حتى وصول مرحلة الإنتاج.
> تثير كثير من المجتمعات المحلية قضية تأثر البيئات المحيطة بتعدين الذهب، وتأثير مادة الزئبق ماذا ستفعلون لتجنيبها الأضرار؟
- أي نشاط يقوم به الإنسان له أثر بيئي سلبي أو إيجابي. نعمل على تعظيم الآثار الإيجابية وتقليل الآثار السلبية. أنشأنا جهازا رقابيا، وهو الشركة السودانية للمعادن، وداخلها إدارة البيئة والمسؤولية المجتمعية. يستخدم في التعدين التقليدي معدن الزئبق، أما المنظم فيستخدم السيانيد بضوابط محددة، وآثار السيانيد السالبة ليست كبيرة، لأنه يعمل في مناطق مغلقة وبمواصفات تمنع تسربه إلى باطن الأرض والإضرار بمساقط المياه والإنسان والحيوان، وتعريضه لأشعة الشمس يقلل من سميته ومفعولة.
أما عن استخدام الزئبق من المعدنين التقليديين، فقد كلفنا لجنة خبراء وضعت الخطة الوطنية للتخلص من الزئبق على أربع مراحل، أكملنا مرحلتها الأولى مرحلة التشريعات، ثم مرحلة التوعية، ونحن بصدد المرحلة الثالثة وإيجاد البدائل، وقد أدخلنا عددا من البدائل مع ضبط الاستخدام للزئبق عن طريق التوعية، والمرحلة الرابعة وهي الحظر، وتتماشى مع اتفاقية ميانمات باليابان وتحظر استخدام الزئبق بحلول عام 2020.
> يتسبب تعدين الذهب في منطقة جبل عامر بدارفور بمشكلات أمنية وسياسية كبيرة، هل تسيطر الوزارة على ما يحدث هناك؟
- العمل في جبل عامر عمل تقليديين، وصحيح أن إنتاجه لم يصل خزينة الدولة حتى الآن، لكننا نعمل على تنظيم العمل في جبل عامر، لتعم الفائدة بالنسبة للمعدنيين التقليديين والمجتمع المحلي والسودان ككل.



سكوت بيسنت... وزير الخزانة الذي يرسم ملامح حرب ترمب التجارية

وزير الخزانة الأميركي في اجتماع مجلس الوزراء في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
وزير الخزانة الأميركي في اجتماع مجلس الوزراء في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
TT
20

سكوت بيسنت... وزير الخزانة الذي يرسم ملامح حرب ترمب التجارية

وزير الخزانة الأميركي في اجتماع مجلس الوزراء في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
وزير الخزانة الأميركي في اجتماع مجلس الوزراء في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

في اجتماع مجلس الوزراء يوم الخميس، حيث أظهرت مؤشرات الأسهم الأميركية علامات جديدة على الضيق من سياسات دونالد ترمب التجارية، لجأ الرئيس إلى سكوت بيسنت لإطلاعه على آخر المستجدات في الأسواق.

«أنا لا... لا أرى أي شيء غير عادي اليوم»، رد وزير الخزانة، محاولاً تقديم بعض الراحة لترمب من خلال الإشارة إلى انخفاض أرقام التضخم وتراجع أسعار النفط ومزاد السندات الأميركية الذي لاقى استحساناً كبيراً، والنتيجة الإيجابية المتوقعة للمحادثات الرامية إلى نزع فتيل التوترات مع شركاء أميركا التجاريين الكبار، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشال تايمز».

ووعد قائلاً: «سنصل في نهاية المطاف إلى حالة من اليقين الكبير خلال الـ90 يوماً القادمة بشأن التعريفات الجمركية».

قد يكون هذا مجرد تفكير متفائل من جانب مدير صندوق التحوط السابق البالغ من العمر 62 عاماً من ولاية كارولينا الجنوبية.

لقد واجه وزراء الخزانة من قبله نوبات من المشاكل الاقتصادية والمالية الخطيرة؛ من تيم غيثنر وهانك بولسون خلال الأزمة المالية إلى ستيفن منوشين وجانيت يلين في ذروة الجائحة. ولكن بيسنت مكلف إدارة تداعيات الصدمة التي تلقاها العالم من الرئيس الذي يعمل لديه، بعد أن فرض ترمب رسوماً شاملة بنسبة 10 في المائة على مجموعة واسعة من السلع المستوردة من جميع أنحاء العالم، وفرض رسوماً جمركية أعلى على العديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين، وزيادة الرسوم على الصين بشكل كبير.

بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك خلف ترمب وهو يوقع أحد الأوامر التنفيذية الخاصة بالرسوم (أ.ف.ب)
بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك خلف ترمب وهو يوقع أحد الأوامر التنفيذية الخاصة بالرسوم (أ.ف.ب)

وفي حين تراجع ترمب عن بعض خططه بشكل مفاجئ استجابةً لضغوط المستثمرين، استمرت أسعار الأصول الأميركية في المعاناة. ويخاطر بيسنت بأن يصبح معروفاً بأنه لا يترأس انفصال أميركا عن الاقتصاد العالمي فحسب، بل قد يتسبب في ضربة ذاتية للأسواق الأميركية، الأمر الذي قد يُعرض وضع الدولار كعملة احتياطية في العالم للخطر.

وقد كتب لورانس سامرز، وزير الخزانة الأميركي السابق، على منصة «إكس» في وقت سابق من هذا الأسبوع: «قد نكون متجهين نحو أزمة مالية خطيرة ناجمة بالكامل عن سياسة التعريفة الجمركية التي تتبعها الحكومة الأميركية».

ومع ذلك، فقد برز بيسنت بالنسبة لمؤيديه كمنقذ محتمل؛ فهو أكبر مسؤول يقف بين ترمب وحرب تجارية عالمية شاملة، في إدارة مكدسة بالمتشددين. وبعد أن التقى ترمب في فلوريدا يوم الأحد الماضي، فتح الرئيس الأميركي الباب أمام إجراء محادثات مع اليابان وكوريا الجنوبية، مما جعل بيسنت في موقع المسؤولية. وكان بيسنت أيضاً في المكتب البيضاوي يوم الأربعاء عندما أعلن ترمب عن وقف مؤقت لمدة 90 يوماً للرسوم الجمركية التي هي أكثر حدة، باستثناء الصين.

يقول مايكل أوليفر واينبرغ، أستاذ التمويل والاقتصاد في كلية إدارة الأعمال بجامعة كولومبيا: «إنه الشخص المثالي لإعادة أجندة الرئيس ترمب إلى مسارها الصحيح، حتى لا تؤدي إلى تدهور الاقتصاد أو الأسواق المالية. بعض الأشخاص في الإدارة الأميركية ليسوا على دراية بالاقتصاد والأسواق والازدهار والكساد، في حين أن سكوت على دراية بذلك».

بيسنت يستعد للإجابة عن أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
بيسنت يستعد للإجابة عن أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

وُلد بيسنت في عام 1962 في كونواي، بالقرب من مدينة ميرتل بيتش الساحلية في ساوث كارولينا. كان والده مستثمراً عقارياً، وساعدت والدته في إدارة أعمال العائلة.

في جامعة ييل، حصل على شهادة في العلوم السياسية قبل أن ينمي شغفه بالتمويل. جاءت أول فرصة كبيرة له في أوائل التسعينات عندما انضم إلى شركة «سوروس» لإدارة الصناديق التي يديرها المستثمر الليبرالي الملياردير جورج سوروس. ومن مكتب لندن، لعب دوراً رئيسياً في رهان المجموعة المربح ضد الجنيه الإسترليني.

يقول واينبرغ: «كان سكوت هو الشخص الموجود على أرض الواقع في لندن، حيث كان يقدم حقاً الأساس الاقتصادي والأساس المنطقي والأطروحة التي تفسر لماذا يجب على بريطانيا الخروج من آلية سعر الصرف». خلال فترة ثانية من العمل لدى «سوروس»، قاد بيسنت رهاناً ناجحاً آخر؛ هذه المرة ضد الين الياباني.

وفي عام 2011، تزوج من جون فريمان، المدعية العامة السابقة في نيويورك، ولديهما طفلان، وباعا مؤخراً قصرهما التاريخي الوردي الذي تبلغ قيمته ملايين الدولارات في تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية. وقال لمجلة خريجي جامعة ييل في عام 2015: «لو أخبرتني في عام 1984، عندما تخرجنا في الجامعة، وكان الناس يموتون بسبب الإيدز، أنني بعد 30 عاماً سأتزوج بقانونية وسننجب طفلين عن طريق تأجير الأرحام، لَما صدقتك».

في عام 2015، ترك بيسنت «سوروس» ليؤسس مجموعة «كي سكوير»؛ صندوق التحوط الخاص به. وتزامنت هذه الخطوة مع دعمه المتزايد لتطلعات ترمب السياسية. وقد تبرع لحفل تنصيب ترمب عام 2017، وأصبح أحد المتبرعين الرئيسيين لحملته الانتخابية في عام 2024، متبنياً عرضه لتخفيض الضرائب وإلغاء القيود. قال أحد الممولين المقربين منه: «لطالما كان لديه المال... لقد كان يعيش بشكل جيد؛ طائرات خاصة، ومنازل جميلة».

بعد فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الثانية، كان ستيفن بانون، الخبير الاستراتيجي السياسي، هو بطل بيسنت الذي كان مرشحاً لتولي منصب وزير الخزانة. وقد كتب بانون في رسالة نصية إلى صحيفة «فاينانشال تايمز»: «إنه رجلي المنشود». وأضاف بانون، في إشارة إلى البودكاست الذي يستضيفه الآن: «إنه مساهم في برنامج (غرفة الحرب) لمدة عامين».

لم يمر بيسنت برحلة سهلة في الأشهر القليلة الأولى له في منصبه؛ فقد كلفه ترمب تأمين صفقة مع أوكرانيا لتأمين الوصول إلى معادنها ومواردها الطبيعية. ولم يتم توقيعها بعد. وانخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 13 في المائة منذ أن أدى اليمين الدستورية، وارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، وهو مؤشر السوق الذي يراقبه عن كثب، ارتفاعاً طفيفاً على الرغم من عمليات البيع، مما يشير إلى أن المستثمرين يفقدون الثقة في وضعه كملاذ آمن. وقد هاجمه الديمقراطيون ووصفوه بالعاجز والمنعزل. وقالت إليزابيث وارين هذا الأسبوع: «نحن بحاجة إلى وزير خزانة يعيش في العالم الحقيقي».

ولا تزال هيئة المحلفين غير متأكدة مما إذا كان بيسنت قادراً على تشكيل حرب ترمب التجارية بطريقة تكون مستساغة للأسواق والاقتصاد والحكومات الأجنبية.

ويقول الخبير المالي الذي يعرفه: «لطالما كان شخصاً شديد الخصوصية. يعمل في فرق صغيرة... بعيداً عن الأنظار... والآن، فجأةً، أصبح شخصية عامة بارزة في قلب فوضى عارمة».