الجزائر: بن فليس يعلن مقاطعة انتخابات البرلمان

اعتبر التلويح بـ«اليد الأجنبية» لتفسير الأزمة الداخلية مخادعة من النظام

الجزائر: بن فليس يعلن مقاطعة انتخابات البرلمان
TT

الجزائر: بن فليس يعلن مقاطعة انتخابات البرلمان

الجزائر: بن فليس يعلن مقاطعة انتخابات البرلمان

أعلن علي بن فليس، رئيس الوزراء الجزائري سابقا وزعيم الحزب المعارض «طلائع الحريات»، عن مقاطعة انتخابات البرلمان المرتقبة في مايو (أيار) المقبل، بحجة أن النتيجة محسومة سلفا للأحزاب التي تنتمي للسلطة، وبخاصة «جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحي.
وتم الإعلان عن المقاطعة أمس بالعاصمة، بمناسبة اجتماع «اللجنة المركزية» للحزب، التي تضم أكثر من مائتي قيادي، وقال بن فليس في بداية الاجتماع إن «السلطة السياسية تدرك أن اليد الأجنبية ليست سوى حجة مخادعة، تستعملها أنظمة تعمل خارج القانون، لما تضيق بها السبل وتصبح في حيرة من أمرها»، في إشارة ضمنها إلى رئيس الوزراء عبد المالك سلال، الذي قال إن «يدا خفية» حركت أعمال عنف بالجزائر وقعت الأسبوع الماضي، بصفتها رد فعل على فرض رسوم وضرائب للتخفيف من الأزمة المالية.
وأضاف بن فليس موضحا: «كان على هذه السلطة أن تدرك أن اليد الأجنبية هي التفسير السهل، الذي تلجأ إليه كل الأنظمة السياسية المستبدة لإعفاء نفسها من مسؤولياتها المباشرة على الانسداد المحتوم، الذي تقود إليه البلدان التي تحكمها... وكان على هذه السلطة أن تدرك مؤخرا أن اليد الأجنبية هي التبرير الملائم للحكومات السياسية الفاشلة».
وبخصوص خطة التقشف، التي بدأت الحكومة في تنفيذها مطلع العام الجديد، قال بن فليس إنه «لم يعد هناك مكان للوصفات العجيبة، ولم يعد هناك وجود للعصا السحرية ولا لخاتم سليمان؛ فلا يمكن لمنظومة سياسية بالية أن تنتج حداثة سياسية؛ ويستحيل على الدولة الأبوية، والزبائنية، والريعية، إنتاج تجديد للمنظومة الاقتصادية الوطنية؛ كما يستحيل على نظام سياسي يعيش قطيعة كاملة مع باقي المجتمع إنتاج إصلاحات اجتماعية عميقة وذات معنى وفاعلية وجدوى».
وقبل أن يصبح بن فليس من أشد خصوم بوتفليقة، كان مدير حملته الانتخابية في 1999، ثم أصبح مديرا لديوانه الرئاسي ثم رئيسا لحكومته، لكن اختلف الرجلان عندما قررا الدخول سويا التنافس في معترك انتخابات الرئاسة عام 2004، وكان بن فليس يومها مدعوما من طرف رئيس أركان الجيش الفريق محمد العماري، فيما تلقى بوتفليقة سندا قويا من رئيس الاستخبارات العسكري الجنرال محمد مدين.
وأوضح بن فليس أن «نظاما سياسيا لا هدف له سوى ديمومته، لا يمكنه أن يكون حاملا لمشروع وطني يحقق التفاف كل الجزائريات وكل الجزائريين حوله، ويضمن نصرتهم اللامحدودة واللامشروطة له... إن نظاما سياسيا لا شغل شاغلا له عدا الحفاظ على الحد الأدنى من التناغم والتماسك بين أجنحته، لا يمكن أن يكون صانع التجمع الوطني الكبير الذي يتطلع إليه البلد، لمواجهة الأزمات التي تحيط به من كل جانب... وإن نظاما سياسيا اختصر اهتماماته في عد الأيام، واقتصرت طموحاته على ربح الوقت، لا يستطيع النظر بعيدا، ولا أن يكون صاحب طموحات معبأة وجامعة وهادفة».
وفي حين سيغيب حزب بن فليس، المحسوب على التيار الوطني، عن سباق الانتخابات التشريعية، ستشارك أغلب الأحزاب الإسلامية التي أعلن بعضها مشروع وحدة، مثل «حركة مجتمع السلم» و«جبهة التغيير».
ولاحظ رئيس الوزراء سابقا أن الانسداد السياسي الشامل الذي يواجه الجزائر يستمر، «ولذلك تبدو مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة بعيدة المنال بالنسبة للنظام السياسي القائم، إذ منيت بفشل ذريع في ظل الخطوات المرتجلة والوصفات السطحية والمبادرات الزهيدة، التي اكتفى النظام السياسي بها؛ ظنا منه – غلطا - أنها كافية لمواجهة أزمة اقتصادية لم تحسب لها حساباتها الدقيقة، ولم تقدر خطورتها حق تقديرها ولم يحسن تحديد طبيعتها وحجمها... وبهذه الأسباب نفسها تُفسر حالة الرعب، والذهول والارتباك الذي يوجد فيه هذا النظام في مواجهة تنامي الاضطرابات الاجتماعية التي يصعب التنبؤ بتداعياتها والتكهن بعواقبها».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.