في سن السبعين... ستيفن سبيلبيرغ ما زال يبدع

يستعد لإخراج فيلم الخيال العلمي «ريدي بلاير وان» في 2018

ستيفن سبيلبيرغ
ستيفن سبيلبيرغ
TT

في سن السبعين... ستيفن سبيلبيرغ ما زال يبدع

ستيفن سبيلبيرغ
ستيفن سبيلبيرغ

يتعاون المخرج السينمائي العالمي ستيفن سبيلبيرغ حاليا مع نجم السينما الأميركية هاريسون فورد لتقديم الجزء الخامس من سلسلة أفلام المغامرات «أنديانا جونز»، ومن المقرر إزاحة الستار عن هذا الفيلم عام 2019، رغم أن كليهما قد بلغ من العمر سبعين عاما.
وبلغ سبيلبيرغ عامه السبعين قبل أسبوعين تقريبا؛ لينضم بذلك إلى هاريسون فورد في المرحلة العمرية التي يتقاعد الكثيرون عندما يصلون إليها، ولكن العملاقين في عالم السينما الأميركية لا يشعران بأي إجهاد يذكر عندما يعملان على تقديم المزيد من الأعمال السينمائية.
وذكر سبيلبيرغ الذي حصل على جائزة الأوسكار بصفته أحسن مخرج سينمائي مرتين خلال مشواره الفني في مايو (أيار) الماضي خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي في فرنسا، أنه يعتزم الاستمرار في تقديم الأفلام السينمائية حتى يفارق الحياة.
وخلال مهرجان كان، قدم سبيلبيرغ الفيلم الخيالي «بي.إف.جي» الذي يحمل رقم 29 في سلسلة أفلام الحركة البارزة التي قدمها، ويتناول قصة الصداقة بين فتاة صغيرة وعملاق أسطوري.
ويقول جيفري كاتزنبرج، الذي اشترك مع سبيلبيرغ في تأسيس شركة «دريم ووركس» للإنتاج السينمائي عام 1994: «لا أعرف وقتا كان فيه سبيلبيرغ أكثر غزارة في الإنتاج من الآن».
وخلال مقابلة مع مجلة «هوليود ريبورتر» في يونيو (حزيران) الماضي، وصف كاتزنبرج سبيلبيرغ بأنه «أفضل قصاص في عصرنا»، مضيفا: «إذا نظرت إلى روعة أعماله والأرباح التي تدرها، فسترى أنه ليس له نظير».
وذكر كاتزنبرج «يمكنك أن تنظر إلى جيمس كاميرون أو كريس نولن أو مارتن سكورسيزي، فتجد أن جميعهم بارعون ويتساوون معه في كثير من النواحي، ولكن انظر إلى الجودة والاستمرارية التي يتميز بها سبيلبيرغ ، فستجد أنه ليس له مثيل».
وإلى جانب فيلم «أنديانا جونز» الجديد، يعكف سبيلبيرغ على تقديم أعمال أخرى كثيرة. ومن المقرر أن يكشف النقاب أواخر العام الحالي عن الفيلم الدرامي التاريخي «اختطاف إدجاردو مورتارا» وهو عمل مستوحى من قصة حقيقية يتناول تداعيات اختطاف طفل إيطالي يهودي عام 1858.
وفي عام 2018 من المقرر أن يستكمل سبيلبيرغ إخراج فيلم الإثارة الذي ينتمي إلى عالم الخيال العلمي «ريدي بلاير وان»، أي «استعد اللاعب الأول» الذي تدور أحداثه في العالم الافتراضي على شبكة الإنترنت عام 2044.
وبفضل الأفلام الرائعة التي أخرجها سبيلبيرغ بدءا من «الفك المفترس» عام 1975 وحتى فيلم «بي.إف.جي» العام الماضي، أصبح سبيلبيرغ واحدا من أنجح المخرجين السينمائيين في التاريخ.
ومن أشهر الأفلام التي قدمها سبيلبيرغ، فيلم «إي.تي» أي «الكائن الفضائي» عام 1982. و«قائمة شيندلر» عام 1993 الذي تدور أحداثه في فترة الحرب العالمية الثانية و«إنقاذ المجند راين» عام 1998 و«لينكولن» عام 2012 و«بريدج أوف سبايز» أي «جسر الجواسيس» عام 2015.
ورغم أنه أنجب سبعة أبناء، لم تقف عائلة سبيلبيرغ أمام مستقبله الفني رغم أنه يضعها على رأس أولوياته، حسبما صرح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قبل خمسة أعوام عند إزاحة الستار عن فيلم «مغامرات تان تان» بالعاصمة الفرنسية باريس.
جدير بالذكر، أن سبيلبيرغ متزوج من الممثلة كيت كابشو (63 عاما) وهي زوجته الثانية، وكانت قد شاركت هاريسون فورد في بطولة فيلم «أنديانا جونز والمعبد الملعون».
وبدأ شغف ستيفن سبيلبيرغ بالسينما في بداية حياته، وأخرج أول أفلامه عندما كان هاويا في الثانية عشرة من عمره على شريط سينما 8 ملليمتر. وولد سبيلبيرغ في ولاية أوهايو الأميركية لأسرة يهودية، ولم يسمح لإخفاقه مرتين في مدرستين لتعليم السينما بتعطيل طموحاته للوصول إلى هوليوود.
وكان أول عمل يحصل عليه سبيلبيرغ في هوليوود هو وظيفة مساعد مخرج في مسلسل تلفزيوني. وأخرج أول أعماله وهو الفيلم السينمائي «شوجرلاند إكسبريس» أي «قطار شوجرلاند السريع» من بطولة غولدي هون عام 1974. وأحدث سبيلبيرغ جلبة في هوليود بفضل فيلمه الشهير «الفك المفترس» الذي فتح الباب على مصراعيه أمام عصر الأفلام التي تحقق عائدات ضخمة في شباك التذاكر.
وفي عام 1977 قدم سبيلبيرغ فيلمه «كلوز إنكاونترز أوف ذي ثيرد كايند» أي «مقابلات وثيقة من النوع الثالث»، ثم فيلم «ريدرز أوف ذي لوست أرك» أي «غزاة الهيكل المفقود» عام 1981.
وتدفقت على السينما الأميركية مليارات الدولارات من عائدات شباك التذاكر بفضل ستيفن سبيلبيرغ الذي لم ينظر إليه بجدية حتى أخرج الفيلم الدرامي «ذي كالر بيربل» أي «اللون القرمزي» عام 1985، الذي يتناول قصة امرأة سوداء تعيش في الجنوب الأميركي، وتم ترشيح هذا الفيلم لـ11 جائزة أوسكار.
ولكن سبيلبيرغ اضطر إلى الانتظار سنوات عدة أخرى قبل نيل جائزة الأوسكار التي حصل عليها عن فيلم «قائمة شيندلر» الذي حصد سبع جوائز أوسكار، من بينها جائزتا أفضل مخرج وأفضل عمل سينمائي. كما حصل الفيلم على ثلاث جوائز «غولدن غلوب».
ويقول سبيلبيرغ إن هذا الفيلم، الذي تم تصوير أجزاء منه أمام بوابة معسكر اعتقال النازي «أوشفيتز» قد غير مجرى حياته، حيث دفعه إلى البحث عن أقاربه الذي قضوا نحبهم في محرقة اليهود النازية.
وبعد تقديم «قائمة شيندلر»، أسس سبيلبيرغ مؤسسة «شواه» التي تهدف إلى جمع التسجيلات الصوتية والمرئية للناجين من المحرقة النازية أو للأشخاص الذين عاصروها.
وقال سبيلبيرغ في تصريحات لمجلة «هوليود ريبورتر» إنه سأل نفسه في ذلك الوقت عن ما إذا كان «قائمة شيندلر» سيكون فيلمه الأخير، حيث إنه تأثر بعمق من الآلام التي كابدها في تقديم هذا العمل.
ومرت أربع سنوات قبل أن يعود سبيلبيرغ إلى السينما بفيلمه الشهير «الحديقة الجوراسية... العالم المفقود».
وفي عام 1999 حصل سبيلبيرغ على جائزة الأوسكار الثانية عن فيلمه «إنقاذ المجند راين» الذي تدور أحداثه حول عملية إنقاذ مجند أميركي أثناء نزول جيوش الحلفاء على سواحل نورماندي الفرنسية في أواخر الحرب العالمية الثانية. وكثيرا ما تستند أفلام سبيلبيرغ على مواد تاريخية أو سياسية مثل المذبحة التي ارتكبت خلال أولمبياد ميونيخ الصيفية عام 1972، والثورة على متن سفينة العبيد أميستاد، وعمليات التجسس خلال فترة الحرب الباردة.
وفي يونيو الماضي، قال سبيلبيرغ لمجلة «هوليود ريبورتر» إنه يشعر بحماس بالغ بشأن فيلمه «أنديانا جونز الجزء الخامس»، ولكنه امتنع عن الكشف عن تفاصيل الحبكة الدرامية للفيلم، واكتفى بقوله إنه لن يقتل هايسون فورد خلال أحداث الفيلم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».