أنقرة تلوّح بإعادة النظر في استخدام قاعدة إنجيرليك

التحالف يؤكد أهميتها وواشنطن ستبحث دعم «درع الفرات» في الباب

مقاتل من «درع الفرات» يحمل ربطة خبر أمس في بلدة الراعي بريف حلب التي باتت مركزا للحملة العسكرية على مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم (رويترز)
مقاتل من «درع الفرات» يحمل ربطة خبر أمس في بلدة الراعي بريف حلب التي باتت مركزا للحملة العسكرية على مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم (رويترز)
TT

أنقرة تلوّح بإعادة النظر في استخدام قاعدة إنجيرليك

مقاتل من «درع الفرات» يحمل ربطة خبر أمس في بلدة الراعي بريف حلب التي باتت مركزا للحملة العسكرية على مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم (رويترز)
مقاتل من «درع الفرات» يحمل ربطة خبر أمس في بلدة الراعي بريف حلب التي باتت مركزا للحملة العسكرية على مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم (رويترز)

كشف نائب رئيس الوزراء التركي ويسي كايناك عن أن مسألة قاعدة إنجيرليك الجوية التي يستخدمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادة أميركا في توجيه ضرباته للتنظيم في سوريا والعراق، مدرجة على جدول أعمال الحكومة.
وقال كايناك، في مقابلة تلفزيونية، أمس، إن الأتراك تساورهم شكوك حيال جدوى وجود قوات التحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادة الولايات المتحدة في قاعدة إنجيرليك، جنوب تركيا.
وتصاعد الحديث في أنقرة عن جدوى استخدام التحالف الدولي للقاعدة، فيما تواجه تركيا موجة من العمليات الإرهابية التي كان «داعش» مسؤولاً عن عدد كبير منها، فضلاً عن محاربتها للتنظيم في شمال سوريا من خلال عملية «درع الفرات»، في ظل غياب الدعم الجوي من التحالف لهذه العملية.
وقال إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في تصريحات، أمس، إن أنقرة أبلغت مسؤولين أميركيين بأنها لم تتلق دعمًا كافيًا في معركتها ضد «داعش» في الخمسة والأربعين يومًا الأخيرة، وأنها تتوقع مساندة كاملة لمحاولتها طرد المتشددين من بلدة الباب السورية. وشدد على أن لديه انطباعًا بأن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ستكون أكثر مراعاة «للحساسيات» التركية.
كان الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والأميركي باراك أوباما قد تناولا تطورات الوضع في سوريا، في ظل وقف إطلاق النار وعملية «درع الفرات»، في اتصال هاتفي، أول من أمس. وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن أوباما أكد أن واشنطن تشارك أنقرة الرأي بشأن ضرورة خروج القوات الكردية من منبج، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى وجود أزمة ثقة بين الجانبين.
وبدأت تركيا عملية «درع الفرات» في شمال سوريا، التي تدعم فيها قوات من الجيش السوري الحر، في 24 أغسطس (آب)، لتطهير حدودها من تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك منع الأكراد من إقامة كيان فيدرالي على حدودها مع سوريا، واشتكت أكثر من مرة من غياب دعم التحالف الدولي، لا سيما مع انطلاق عملية تحرير مدينة الباب منذ نحو شهرين، التي تتنافس تركيا والقوات الكردية على دخولها.
ومع تصاعد الانتقاد التركي، قال متحدث باسم الجيش الأميركي، مساء أول من أمس، إن واشنطن تجري محادثات مع أنقرة بشأن تقديم الدعم في المستقبل حول مدينة الباب، وإنه من المرجح أن يكون هناك «نوع من الدعم المستمر».
ووصف المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، العقيد جون دوريان، قاعدة إنجيرليك بأنها «جعلت العالم أكثر أمنًا» بسبب العمليات التي نفذها التحالف انطلاقًا منها.
وأضاف دوريان أن «تقديم المعلومات الاستخبارية، وتنفيذ عمليات المراقبة والاستطلاع، إلى قوات شركائنا في التحالف الدولي، وكذلك تنفيذنا لهجمات ضد عدونا (داعش) وموارده، كلاهما مستمر انطلاقًا من قاعدة إنجيرليك الجوية. وما وفرته القاعدة الجوية من قدرات للتحالف لا يقدر بثمن، وبكل تأكيد فإن العالم بكامله أصبح أكثر أمنًا بسبب العمليات التي تم تنفيذها انطلاقًا منها».
ولفت إلى أن «زيادة حجم الدعم» الذي يقدمه التحالف للعمليات التركية في منطقة الباب السورية «ما زالت قيد الحوارات الدبلوماسية بين قادة التحالف وكذلك بين الولايات المتحدة وتركيا»، دون الدخول في تفاصيل.
كما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) بيتر كوك أن التحالف الدولي قدم دعمًا جويًا للقوات التركية بناء على طلب منها قرب مدينة الباب، الأسبوع الماضي، في عملية لم تتضمن تنفيذ «غارة جوية»، ولكن فيما يشبه «استعراضًا للقوة».
في السياق نفسه، أعلن الجيش التركي عن عمليّة عسكرية سيقودها الجنود الأتراك بأنفسهم لتحرير الباب، شمال مدينة حلب السورية، من تنظيم داعش الإرهابيّ، وسيكون دور الجيش السوري الحرّ عبارة عن داعم ومساند للقوات التركية ضمن العملية العسكرية.
وقالت مصادر بالجيش التركي، بحسب صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة، إنه تم الانتهاء من جميع التجهيزات العسكرية من قبل القوات التركية، وهي على استعداد لبدء العملية. وقالت مصادر عسكرية إن عدد الجنود الذين سيشاركون في العملية وصل إلى 8 آلاف، كما تمّ إنشاء 3 مقرّات عسكرية في المنطقة لدعم العملية المنتظرة التي تعتبر جزءًا من عملية «درع الفرات».
وأكدت حركة «أحرار الشام»، المنضوية في «درع الفرات»، أن القيادة التركية أنهت تحضيراتها للمعركة الحاسمة في مدينة الباب، وقامت باستقدام تعزيزات عسكرية كبيرة من بينها ألفي مقاتل و40 آلية عسكرية.
ونقلت وسائل إعلام عن أبو البراء، وهو قائد الحركة في «درع الفرات»، أن فصائل الدرع ستشن قريبًا عملية كبيرة في مدينة الباب لتحريرها من تنظيم داعش عند تحسن الأحوال الجوية.
وكشف أبو البراء عن مشاركة 4 آلاف مقاتل في هذه المعركة، بينهم 13 ألف مقاتل من شرق حلب، بعد خروجهم من الحصار.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.