يواصل الروس احتفالاتهم بعيد رأس السنة، ضمن برامج كثيرة ومتنوعة تستمر لغاية التاسع من يناير (كانون الثاني)، اليوم الأخير من عطلة العيد رسميًا. حيث توقف كل مؤسسات الدولية والشركات الخاصة والمصانع عملها، ليتم تكريس كل تلك الأيام فقط للاحتفاء بقدوم العام الجديد. وما إن تقترب ساعات المساء، وتمتص بوادر ظلمة الليل ضوء النهار الخافت عادة خلال هذه الأيام من فصل الشتاء في العاصمة الروسية، يخرج الآلاف إلى الساحات الرئيسية في العاصمة الروسية وعدد من الشوارع، لا سيما في مركز المدينة، للاحتفال بالعيد في مدينة جعلتها «زينة العيد» مثل واحدة من تلك الحكايات الخيالية «الطيبة الجميلة» عن العيد وسحره.
ويفضل أبناء العاصمة الروسية الخروج في وقت المساء، ذلك لأن زينة العيد هذا العام تعتمد بصورة رئيسية على كتابة الحكاية بالأضواء، حيث يكون المشهد أكثر وضوحًا وجمالاً في «عتم الليل». وعلى الرغم من انخفاض الحرارة في موسكو في الأيام الأخيرة من عطلة العيد إلى درجات قياسية من البرودة، حتى 25 درجة تحت الصفر ليلاً، فإن ساحات الاحتفالات بقيت مكتظة بأعداد كبيرة من الزوار، وأغلب الظن أن روح العيد تمنحهم دفئًا يتجاوزن معه صقيع الشتاء القارس. أما الساحة الأهم التي يفضل كثيرون زيارتها في أيام الأعياد فهي بالطبع الساحة الحمراء والساحات التي تحيطها، مثل ساحة «مانيج» والساحة التي يطل عليها مسرح البولشوي. ويتوافد الزوار إلى تلك المناطق بواسطة مترو الأنفاق غالبًا، لأنه وسيلة أسرع وأفضل للوصول إلى وسط العاصمة التي تشهد الطرقات فيها ازدحامًا مروريًا خانقًا طيلة أيام الأعياد.
وتكون بداية الفرحة بالعيد منذ صعود عربة المترو، حيث قامت بلدية موسكو بتصميم زينة خاصة لتلك العربات، جعلتها شبيهة بعربة «بابا نويل» وبعضها يشبه صالة احتفالات بعيد رأس السنة. وعند الخروج من المترو في محطة «أخوتني رياد» على الساحة الحمراء، يدخل الزوار على الفور في عالم العيد، حيث تستقلهم مجسمات عملاقة على شكل «بوابات» يدخلون عبرها إلى ساحة تنتشر عليها مختلف الألعاب الخاصة للأطفال. منها على سبيل المثال هضبة من الجليد ينزلق عليها الصغار، أو يتراكضون في الأنفاق الجليدية تحت الهضبة، يتضاحكون ويمرحون بفرح. وتستمر الفرحة عند رؤية شجرة العيد وسط الساحة، تتراقص تحت تأثير الإضاءة عليها وبريق زينتها من الكرات الزجاجية بمختلف الألوان.
وتزداد بهجة العيد مع الدخول إلى الساحة الحمراء التي تتوسطها شجرة عيد ضخمة، تقف على طرف مساحة تم تخصيصها لإقامة ساحة للتزلج على الجليد، حيث أصبح هذا الأمر تقليدًا يمارسه الموسكوفيون في الساحة المركزية في العاصمة خلال أعياد رأس السنة. وعلى الطرف الآخر من ساحة التزلج يقف مبنى المركز التجاري الحكومي المعروف باسم (غوم)، وهو مبنى تاريخي يطل على الساحة الحمراء. وحرص منظمو فعاليات العيد على تزيين ذلك المبنى بإضاءة استعانوا فيها بأهم الخبراء في مجال التصميم الفني الضوئي، حتى إن بلدية موسكو استعانت هذا العام بفنانين فرنسيين لتزيين بعض المباني والشوارع.
وتخلف نزهة على الطريق الدائري الذي يحيط بمركز موسكو، ويعرف باسم «بولفارنوي كولتسو»، انطباعات لا تقل بإيجابيتها عن تلك التي يحملها معه الزائر من الساحة الحمراء ومحيطها. وتبدأ النزهة على «البولفار» عادة من ساحة بوشكين على شارع «تفيرسكايا» وسط موسكو، هناك يُقام عادة معرض منحوتات من الجليد، وسط غابة من الأشجار التي تصبح فيها الأضواء بديلاً شتويًا عن أوراق الشجر وثمارها. أما البولفار نفسه فيكون محاطًا على الجانبين بمجسمات من «حبال ضوئية» بعضها يكون على شكل دب أو أرنب أو غيره من كائنات برية تجسد شخصيات من حكايات عيد رأس السنة، لذلك يطلق عادة على الفعاليات الاحتفالية هناك اسم «حكاية الميلاد».
رغم البرد الشديد.. احتفالات رأس السنة مستمرة في موسكو
العاصمة الروسية تحولت إلى مدينة من قصص الخيال
رغم البرد الشديد.. احتفالات رأس السنة مستمرة في موسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة