الجماعات الإرهابية تستهدف مناطق الحكومة اليمنية لإحداث قلاقل

خدمة لصالح والحوثيين الذين تربطهم علاقة وثيقة بها منذ سنوات طويلة

جانب من الدمار الذي خلفته عملية إرهابية بمعسكر الصولبان شرق عدن يوم 18 ديسمبر الماضي (أ.ب)
جانب من الدمار الذي خلفته عملية إرهابية بمعسكر الصولبان شرق عدن يوم 18 ديسمبر الماضي (أ.ب)
TT

الجماعات الإرهابية تستهدف مناطق الحكومة اليمنية لإحداث قلاقل

جانب من الدمار الذي خلفته عملية إرهابية بمعسكر الصولبان شرق عدن يوم 18 ديسمبر الماضي (أ.ب)
جانب من الدمار الذي خلفته عملية إرهابية بمعسكر الصولبان شرق عدن يوم 18 ديسمبر الماضي (أ.ب)

يفتح الاستهداف الدائم من قبل الجماعات الإرهابية للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية الشرعية، أبواب الأسئلة أمام قصر العمليات المنفذة على تلك المناطق مقارنة بمحدوديتها في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون.
أول الإجابات وأوضحها يجيب عليها محللو الشأن اليمني: «هناك علاقة وثيقة بين نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح بهذه الجماعات نشأت على مدار سنوات طويلة».
وطهرت الحكومة اليمنية الشرعية أجزاء كبيرة في محافظات حضرموت وشبوة وأبين (جنوب شرقي) من سيطرة تنظيم «القاعدة» الذي كان ينتشر في هذه المناطق.
ويرى المحللون أن استفادة صالح ومن بعده الحوثيون من تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة» و«داعش» تمت على مراحل متفرقة، استطاع من خلالها الرئيس السابق اختراق هذه التنظيمات واستخدامها بغرض استمرار حكمه وابتزاز الإقليم والعالم للحصول على المساعدات والدعم.
يقول فيصل العواضي وهو محلل سياسي يمني: «لا يوجد في اليمن ما يصطلح عليه بـ(القاعدة) أو (داعش)، بل مجاميع تتبع علي عبد الله صالح وهي قيادات في الحرس الجمهوري، يسند إليها أدوار أنها (قاعدة) أو (داعش)، وبالتالي العمليات التي يقومون بها تهدف إلى زعزعة الأمن في المناطق المحررة».
الدكتور حسين بن لقور الأكاديمي والمحلل السياسي اليمني، يرى أن نشاط الإرهابيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية يعود إلى تاريخ نشوء الإرهاب وصناعته في تسعينات القرن الماضي، عندما استقبل نظام المخلوع صالح عناصر المقاتلين العائدين من أفغانستان بالاتفاق مع أسامة بن لادن.
ويشير بن لقور كذلك إلى استخدام صالح للإرهابيين في حربه ضد الجنوب عام 1994. وأضاف: «في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي والعشرية الأولى من القرن الحالي وصل التعاون بين نظام المخلوع وأمنه السياسي والقومي والجماعات الإرهابية إلى أوج صور التنسيق في تنفيذ أعمال إرهابية».
واستعادت قوات الشرعية اليمنية وبمساندة التحالف العربي مدينة المكلا بمحافظة حضرموت في أبريل (نيسان) 2016. بعد نحو عام من سيطرة تنظيمات إرهابية عليها.
وكانت السعودية أعلنت ديسمبر (كانون الأول) 2015 تشكيل تحالف عسكري إسلامي من دول أبرزها تركيا ومصر وباكستان، يهدف إلى «محاربة الإرهاب».
وبحسب فيصل العواضي، فإن الرئيس السابق علي صالح زرع خلال العقود الثلاثة الماضية عناصره من الحرس الجمهوري والأمن القومي وسط التنظيمات الإرهابية واستطاع اختراقها، وقال: «هناك جماعات من (القاعدة) اعترفت بتلقيها الدعم من علي عبد الله صالح عبر ابن أخيه طارق محمد عبد الله صالح، كما أن قيادات في (القاعدة) اعترفوا بأنهم ضباط في جهاز الأمن القومي التابع لصالح». وتساءل العواضي كيف أن صحيفة «الشورى» الرسمية التي سيطر عليها الانقلابيون اليوم كانت مسجلة باسم شخص كان مسجونا بتهمة انتمائه لـ(القاعدة)، وهو الآن من قيادات الحوثيين وصالح، وتابع: «كذلك القيادي في (القاعدة) محمد المروعي في محافظة إب اليوم يشغل وكيل المحافظة في سلطة الانقلابيين، ويصول ويجول أمام الجميع».
وتقوم طائرات «الدرون» الأميركية المسيرة من دون طيار بعمليات استهداف مستمرة حتى اليوم لعناصر من «القاعدة في اليمن»، خصوصًا المناطق الجنوبية والشرقية وبعض مناطق الوسط.
وأكد فيصل العواضي أن الحكومة الشرعية وبمساعدة التحالف طهرت حضرموت وشبوة وأبين ولم يعد هنالك وجود حقيقي لتنظيم «القاعدة» في هذه المناطق على حد قوله، وأردف «ما تبقى عناصر فردية تحاول القيام بعمليات بائسة عبر الأحزمة الناسفة، ونعتقد أن عودة الحكومة بشكل حقيقي وممارسة مهامها بخطة عمل واضحة وموازنة سيفوت الفرصة على كل التشكيلات الموازية خارج إطار الحكومة الشرعية».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».