الحكومة اللبنانية تجتاز أول اختباراتها بإقرار مرسومين مرتبطين بالتنقيب عن النفط

وزير شؤون النازحين: التوافقات المسبقة على الملفات أنتجت إقرار المراسيم بسلاسة

الرئيس اللبناني ميشال عون يترأس اجتماع الحكومة في القصر الرئاسي (دلاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون يترأس اجتماع الحكومة في القصر الرئاسي (دلاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية تجتاز أول اختباراتها بإقرار مرسومين مرتبطين بالتنقيب عن النفط

الرئيس اللبناني ميشال عون يترأس اجتماع الحكومة في القصر الرئاسي (دلاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون يترأس اجتماع الحكومة في القصر الرئاسي (دلاتي ونهرا)

اجتازت الحكومة اللبنانية، أمس، أول الاختبارات الجدية لعملها، بإقرارها مشروعي مرسومين متعلقين بالتنقيب عن النفط والغاز في لبنان، وتعيين مديرين عامين في قطاع الاتصالات، بعدما كانت تلك الملفات من أبرز الملفات العالقة في الحكومة السابقة.
وأقرت الحكومة - في أولى جلساتها العملية بعد نيلها ثقة البرلمان الأسبوع الماضي - مشروعي مرسومين يتعلقان بالأملاك البحرية ودفتر الشروط الخاص لدورات التراخيص، رغم أن وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي (من كتلة النائب وليد جنبلاط) سجلا اعتراضهما.
وبدا أن التوافقات المسبقة بين الكتل السياسية على حلحلة الملفات العالقة، ساهمت في التوصل إلى إقرارها بسلاسة، على أن تُستكمل في إقرار المرسومين الآخرين، أحدهما مرتبط بالضرائب على الشركات التي ستستثمر في قطاع الطاقة اللبناني.
ولم يخفِ وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي (تيار المستقبل) أن التوافقات المسبقة على كل الملفات «سهلت التوصل إلى هذه النتيجة»، متوقعًا أن تقر المراسيم الأخرى «بالسلاسة نفسها»، مؤكدًا لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا وجود لأسباب تعرقل إقرار المراسيم النفطية تمهيدًا لإحالتها إلى مجلس النواب». وأضاف: «لا أعتقد أن هناك من يمنع إقرار كل الملفات العالقة، فالمؤسسات اكتملت، ونأمل في أن تسير كل الأمور بالسلاسة نفسها».
والمرسومان اللذان تم إقرارهما، يتعلقان بتقسيم «بلوكات» النفط في المياه الإقليمية اللبنانية، ودفتر الشروط ودورة التراخيص. وقال المرعبي إن ملف إقرار المرسومين المتعلقين بقطاع النفط والغاز «استغرق نقاشه وقتًا طويلاً وصل إلى حدود الساعتين ونص الساعة»، لافتًا إلى أن النقاش «كان تقنيًا، حيث كان مرتبطًا بدور وزارة المالية الرقابي والحكومة في إقرار العقود ومرحلة استخراج النفط، وغيرها من التفاصيل».
وحرص المرعبي على القول إن تلك النقاشات «لا تشكل معوقات؛ ذلك أن الحكومة اللبنانية لأول مرة تناقش ملفات مشابهة، خصوصًا وأن ميزانية القطاع وعائداته تتخطى ميزانية الدولة اللبنانية بأضعاف، وهو ما يجعل الجميع مستغرقًا في نقاشات تخوض بالتفاصيل». ولكن رغم إقرار المرسومين، سجل كل من وزير التربية مروان حمادة ووزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أيمن شقير (يمثلان الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة) اعتراضيهما، بحسب ما أعلن وزير الإعلام ملحم الرياشي في تلاوته لمقررات مجلس الوزراء. ويعود اعتراض الوزيرين حمادة وشقير إلى وجهات نظر مرتبطة باقتراح جنبلاط إنشاء «شركة وطنية» تعمل الدولة من خلالها في مجال الاستثمار بقطاع الطاقة، وإنشاء صندوق سيادي، مهمتها مراقبة الشؤون المالية المتعلقة بعائدات النفط والغاز، بهدف تعزيز الشفافية في القطاع، كما قال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط».
وكان الرياشي، أكد أن «كل الملفات تناقش بشكل معمق دون إخفاء أي معلومات، والمناقشة صريحة، لذلك يتم إقرار البنود». وفي تلاوته المقررات، لفت إلى أن «الحكومة وافقت أيضًا على تشكيل لجنة وزارية لدراسة موضوع المناقصة في المعاينة الميكانيكية، وتحديد بدلات أتعاب اللجنة المختصة في طلبات استعادة الجنسية اللبنانية، وتعيين عماد كريدية مديرًا لـ(أوجيرو)، وباسل الأيوبي مديرًا عامًا للاستثمار في وزارة الاتصالات»، مشيرًا إلى أن «المجلس وافق على هبات ونقل اعتمادات لعدد من الوزارات».
وخلال الجلسة، دعا رئيس الحكومة أيضًا إلى تشكيل لجنة وزارية تعنى بوضع خطة عمل لمواجهة أي حادث طارئ، وتبقى على تواصل مع رئيسي الجمهورية والحكومة لمتابعة الإجراءات. ونوّه الرئيس عون بالجهد الحكومي الذي بُذل لنقل جثامين وضحايا هجوم إسطنبول ليلة رأس السنة، مهنئًا القوى الأمنية على إجراءات ليلة رأس السنة. وفي بداية الجلسة، وقف الوزراء دقيقة صمت على نية شهداء هجوم إسطنبول.
ومن جهته اعتبر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في تصريح بعد الجلسة أن إقرار مرسومي النفط هو إنجاز للحكومة الحالية. وقال: «3 مبروك للبنان اليوم؛ النفط والاتصالات واستعادة الجنسية»، معتبرًا «أنها انطلاقة استثنائية لمجلس الوزراء، والشكر لكل من ساهم في هذه الإنجازات الاستثنائية». وكان عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب نبيل نقولا أكد أن هناك هدوءًا وتفاهمًا داخل مجلس الوزراء، لافتًا إلى أن هناك انفتاحًا تامًا بين الوزراء، «وهذا يدل على الوفاق الذي حصل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.