حلقات النقاد.. فائزون ومرشحون من نيويورك إلى لندن

«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز

الفيلم الأجنبي الأكثر حظاً بين احتمالات الجوائز «توني إردمان»
الفيلم الأجنبي الأكثر حظاً بين احتمالات الجوائز «توني إردمان»
TT

حلقات النقاد.. فائزون ومرشحون من نيويورك إلى لندن

الفيلم الأجنبي الأكثر حظاً بين احتمالات الجوائز «توني إردمان»
الفيلم الأجنبي الأكثر حظاً بين احتمالات الجوائز «توني إردمان»

اجتمع النقاد المسجلون في «حلقة نقاد نيويورك»، وعددهم 37، أول من أمس في مطعم «تاو داونتاون» الواقع في الشارع التاسع من المدينة. وبعد التشاور، أعلنوا عن نتائج تصويتهم في مجال أفضل أفلام وأفضل سينمائيي العام. والنتيجة كانت متوقعة بالنسبة للفيلم الفائز بجائزة هذه الجمعية النقدية كونه هو ذاته المرشح بقوة للحصول على «غولدن غلوب»، وأفضل فيلم، و«أوسكار» أفضل فيلم.
هذا الفيلم هو «لا لا لاند» للمخرج داميال شازيل (31 سنة)، تلك الدراما العاطفية المملوءة حماسًا للموسيقى الاستعراضية ولموسيقى الجاز الذي كان أخفق في نيل جائزة مهرجان «فينسيا» الأولى، لكنه عوّض هذه الخسارة حتى الآن بـ89 فوزًا من أصل 134 ترشيحًا معظمها من مؤسسات نقدية أميركية وغير أميركية.
لكن هذه هي الجائزة الأساسية الوحيدة التي نالها «لا لا لاند» في حفل «حلقة نقاد نيويورك»، فجائزة أفضل مخرج ذهبت إلى باري جنكينز عن «مونلايت» عوض شازيل، وجائزة أفضل ممثل حطت بين يدي كايسي أفلك عن «مانشستر على البحر»، عوض رايان غوزلينغ، الممثل الأول في «لا لا لاند»، بينما ذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى الفرنسية إيزابل أوبير عن «هي» فخسرتها إيما ستون بطلة الفيلم الموسيقي.
أما جائزة أفضل فيلم أجنبي نالها الفيلم الألماني «توني إردمان» لمارين آد، وهو بدوره سيكون منافسًا صعبًا في «أوسكار» و«غولدن غلوبس» هذا العام.
ما لفت الأنظار في حفل جمعية نقاد نيويورك، هو الهجوم الذي تعرض له، ولو بكلمات مازحة، الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وهذا بدأ بالكلمة التي ألقاها ديفيد إلدستين، رئيس الجمعية وناقد مجلة «نيويورك» الأسبوعية حين قال: «أشياء قليلة جيدة وقعت خلال الاستعراض الذي وقع في العام المنصرم». واستمر خلال الحفل عندما وقف المخرج جوناثان ديمي لتقديم إحدى الجوائز ومن خلال كلمات المضيف تريفور نواه، وهو مقدم برنامج «ذا ديلي شو» خلفًا لجون ستيوارت.
في لندن، حيث جرى إعلان ترشيحات «حلقة نقاد لندن» في دورتها السابعة والثلاثين قبل أسبوعين، نصت العناوين والأسماء المتداولة على ترشيحات أوسع شأنًا من مثيلات هذه الجمعية في الولايات المتحدة.
ففي مسابقة أفضل فيلم عشرة أفلام لا فرق في هوياتها فهناك الأفلام الناطقة بالإنجليزية جنبًا لجنب تلك الناطقة بلغات أخرى (علمًا أن للأفلام الأجنبية مسابقتها الخاصة أيضًا). وهذه الأفلام العشرة هي «عسل أميركي»، أول فيلم للبريطانية أندريا أرنولد تصوّره في الولايات المتحدة، و«أنا، دانيال بلايك» لكن لوتش (الفائز بذهبية مهرجان «كان» في السنة الماضية والذي لا يتردد اسمه كثيرًا على الجانب الآخر من الأطلسي) و«حب وصداقة» لويت ستيلمن المقتبس عن رواية أخرى لجين أوستن، تلحق بما تم اقتباسه عن رواياتها في السنوات القليلة الأخيرة، كما «مانشستر على البحر» لكنيث لونرغان و«لا لا لاند» و«مونلايت». وهذه الثلاث الأخيرة هي الأكثر ترددًا على الجانب الأميركي. والفيلم العاشر، تبعًا للترتيب الأبجدي الإنجليزي هو الألماني - الفرنسي «توني إردمان».
الأفلام الأخرى المتنافسة هي الأميركي «حيوانات ليلية» لتوم فورد والإيطالي «نار في البحر»، تسجيلي لجيانفرانكو روزي (فاز بذهبية برلين) و«توني إردمان» كما «ابن شاوول» للاسلو نيميش الذي لم يرشح عن عام 2015 كونه لم يعرض في لندن إلا في السنة الماضية.
خمسة من مخرجي هذه الأفلام يتنافسون على جائزة أفضل إخراج وهم مارن أد (عن «توني إردمان») لجانب داميان شازيل وباري جنكينز («مونلايت») وتوم فورد ولاسلو نيميش وكينيث لونرغان.
لم يجرِ ضم مل غيبسون كأفضل مخرج، ولا فيلمه الممتاز «هاكسو ريدج» في نطاق أفضل فيلم، لكن بطل الفيلم، أندرو غارفيلد أحد الواثبين على سباق أفضل ممثل لجانب كايسي أفلك (عن «مانشستر على البحر») وأدام درايفر («باترسون») وجايك جيلنهال («حيوانات ليلية») وبيتر سيمونيشيك («توني إردمان»).
في المقابل النسائي: آمي أدامز عن «وصول» وكايت بكنسال عن «حب وصداقة» وساندرا هولر عن «توني إردمان» وإيزابيل أوبير عن «هي» كما إيما ستون عن «لا لا لاند».
«لا لا لاند» و«مونلايت» و«مانشستر على البحر» و«حيوانات ليلية» و«جحيم أو فيضان» و«هاكسو ريدج» هي من أكثر الأفلام ترددًا في سباق الجوائز حاليًا. كذلك الممثلون بن أفلك وأندرو غارفيلد ورايان غوزلينغ لجانب فيغو مورتنسن (عن «كابتن فانتاستك») وجووَل إدجرتون («لفينغ») وتوم هانكس (سولي).
نسائيًا، يتكرر ظهور إيما ستون («لا لا لاند») وأمي أدامز («وصول») وإميلي بْلنت («فتاة على القطار») لجانب نتالي بورتمن («جاكي» وجسيكا شستين («مس سلون») وتراجي هنسن («أشكال مخفية»).
مسابقات كثيرة أخرى ستتوالى في هذا الشهر ومطلع الشهر التالي. أهمها «غولدن غلوبس» التي ستعلن الفائزين بها في العاشر من هذا الشهر وجمعيات المصوّرين والكتاب والمخرجين والممثلين والمنتجين وصولاً إلى الأوسكار ذاته، الذي يقف على رأس هذا الهرم منذ أن كان المانح الوحيد لجوائز السينما سنة 1927.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».