مخاوف من خروقات أمنية في لبنان مع تضييق الخناق على «داعش» و«النصرة» في سوريا

مصدر أمني: المولوي المرتبط بـ«النصرة» يدير شبكات إرهابية من «عين الحلوة»

مخاوف من خروقات أمنية في لبنان مع تضييق الخناق على «داعش» و«النصرة» في سوريا
TT

مخاوف من خروقات أمنية في لبنان مع تضييق الخناق على «داعش» و«النصرة» في سوريا

مخاوف من خروقات أمنية في لبنان مع تضييق الخناق على «داعش» و«النصرة» في سوريا

تنامت المخاوف الأمنية في الداخل اللبناني بعد العملية الإرهابية التي استهدفت مدينة إسطنبول التركية ليلة رأس السنة. فعلى الرغم من تهافت المسؤولين اللبنانيين لطمأنة المواطنين بأن الأمن ممسوك، فإن مراقبين رجحوا أن يكون لبنان، كما تركيا والأردن وقطر، في عين العاصفة في المرحلة المقبلة، وبالتحديد مع تثبيت قرار وقف إطلاق النار في سوريا وتضييق الخناق على المجموعات الإرهابية هناك وأبرزها تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، (أو فتح الشام)، مما سيزيد من وتيرة عملياتها الانتقامية في البلدان المجاورة.
وتفاقمت هذه المخاوف جراء عمليات التوقيف التي نفذتها الأجهزة الأمنية قبيل الأعياد وبعدها، حيث تم إلقاء القبض على انتحاري جنوب البلاد كان يخطط لتفجير نفسه، كما تم ضبط خلية إرهابية كانت تخطط لإرسال سيارات مفخّخة إلى ضواحي مدينة بيروت واغتيال مدنيين وضبّاط في الجيش اللبناني.
وقال مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع الأمني بشكل عام «مطمئن» نتيجة تكثيف الأجهزة الأمنية من عملياتها الاستباقية التي تؤدي لكشف الخلايا الإرهابية قبل تنفيذ مهام كُلفت بها، لافتا إلى أن «الاستنفار الأمني» الذي رافق أعياد الميلاد «كانت له مفاعيل إيجابية جدا، لجهة تمرير الأعياد من دون أي حادث يُذكر، إضافة لإلقاء القبض على شبكات إرهابية كانت تخطط لأكثر من عملية تستهدف مناطق وشخصيات لبنانية». وإذ أكد المصدر جهوزية الأجهزة اللبنانية للتعاطي مع أي «مفاجأة أمنية» وضبط الوضع بما نسبته 90 في المائة، عدّ أن «ما تتعرض له المجموعات الإرهابية؛ إن كان في العراق أو في سوريا، سيكون له صداه في الدول المجاورة نتيجة العمليات الانتقامية التي من المتوقع أن يقوموا بها، ولعل ما حصل في إسطنبول أول الغيث». وأشار المصدر إلى أن «الإرهابي شادي المولوي، المرتبط بـ(جبهة النصرة) وبمجموعات إرهابية أخرى، يقود، ومن داخل مخيم عين الحلوة (الواقع جنوب لبنان)، شبكات وخلايا في الداخل اللبناني سعيا لتنفيذ عمليات إرهابية، وهو ما يخلق لنا إشكالية كبيرة مع القيّمين على أمن المخيم المطالبين بتسليم المطلوبين داخله». وأضاف: «نحن أمهلنا الجهات الفلسطينية بعض الوقت للبدء بتسليم هؤلاء الذين يهددون الاستقرار اللبناني، لكننا لا شك لن ننتظرهم للأبد، وسنعود لاستكمال بناء الجدار حفاظا على أمن لبنان واللبنانيين في حال لم يتجاوبوا».
وأحالت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني إلى القضاء المختص «خلية إرهابية جرى توقيفها في مدينة طرابلس (شمال لبنان) مؤلفة من أحد عشر شخصًا ومرتبطة بالقيادي في (جبهة النصرة) الإرهابي الفار إلى مخيم عين الحلوة شادي المولوي». وقالت قيادة الجيش في بيان أصدرته أمس إن هذه الخلية «خطّطت بأمر من المولوي لإرسال سيارات مفخّخة إلى ضواحي مدينة بيروت واغتيال مدنيين وضبّاط حاليّين ومتقاعدين في الجيش اللبناني». وأوضح البيان أنّه «بناءً على اعترافات أفراد الخلية المذكورة، تمّت مداهمة عدّة أماكن في مدينة طرابلس، وتمّ ضبط كمية كبيرة من المتفجرات، وحزام ناسف، وأجهزة تفجير عن بعد، وأسلحة مع ذخائرها؛ من ضمنها مسدّس مزوّد بجهاز كاتم للصوت».
وعلى الرغم من إعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قبل أيام عن توقيف «أحد الإرهابيين في مدينة صيدا جنوب لبنان كان يحضر لعملية انتحارية»، فإنه قال أمس خلال استقباله عددا من ضباط المديرية إن لبنان «محصن أمنيا بالمقارنة مع دول المنطقة لعدة أسباب؛ أهمها أن اللبنانيين الذين عايشوا الحرب الأهلية يعرفون أهوالها ويؤمنون بأن الاختلافات لا تحل إلا بالحوار، كما أن المجتمع اللبناني بغالبيته لا يشكل بيئة حاضنة للأفكار الإرهابية الهدامة، إضافة إلى التنسيق المستمر بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والغطاء السياسي المؤمن لهذا التنسيق». وأكد إبراهيم أن المديرية العامة للأمن العام على تنسيق مع كل الأجهزة الأمنية العالمية لـ«حماية لبنان من الخطر الإرهابي»، لافتا إلى أن «المديرية في هذا المجال ليست في موقع المتلقي فقط؛ إنما هي في كثير من الأحيان تقوم بتزويد أجهزة أمنية عالمية بالمعلومات».
وبحسب الباحث السياسي والخبير الاستراتيجي، ماريو أبو زيد، فإن «المستجدات التي تشهدها سوريا تؤثر تلقائيا على لبنان والبلدان المجاورة، بخاصة أنه في حال تم تثبيت وقف إطلاق النار وتركيز الجهود السورية والإقليمية والدولية على محاربة التنظيمات الإرهابية، فإن هذه الأخيرة لن تتردد في القيام بعمليات انتقامية وارتدادية كبيرة في الدول المحيطة، وهو ما شهدناه في إسطنبول أخيرا». وقال أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان وتركيا والأردن وقطر في عين العاصفة حاليا، والخطر يتنامى كلما اقترب الحل في سوريا وتم توحيد الجهود لمحاربة تنظيمي (داعش) و(النصرة)»، لافتا إلى أنه «وبعكس الأجهزة الأمنية التركية التي تبين أنّها مخترقة إلى حد بعيد، فإن الأمن اللبناني يبقى متماسكا نتيجة العمل المتميز وغير المسبوق على صعيد الأمن الاستباقي الذي تقوم به الأجهزة اللبنانية». وأضاف: «إلا أن الخطر يبقى قائما من خروقات معينة باعتبار أن القضاء كليا على هذا الخطر لا يمكن أن يحصل إلا من خلال تفكيك فعلي للشبكات الإرهابية».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.