الطيور الجارحة لاصطياد الـ«درون» غير المرغوب فيها

شركات ناشئة تطور وسائل لتعطيل الطائرات من دون طيار

جهاز «سكايدرونر 500» المضاد للطائرات من دون طيار (درون) أثناء تجربته في سنغافورة (رويترز)
جهاز «سكايدرونر 500» المضاد للطائرات من دون طيار (درون) أثناء تجربته في سنغافورة (رويترز)
TT

الطيور الجارحة لاصطياد الـ«درون» غير المرغوب فيها

جهاز «سكايدرونر 500» المضاد للطائرات من دون طيار (درون) أثناء تجربته في سنغافورة (رويترز)
جهاز «سكايدرونر 500» المضاد للطائرات من دون طيار (درون) أثناء تجربته في سنغافورة (رويترز)

مع انتشار الطائرات من دون طيار وخروجها عن المجال الحربي، بدأ استخدامها ينتشر في أغراض مختلفة، منها الترفيه والتجارة وأيضًا الاستخدام الشخصي، بعد أن انخفضت أسعارها وأصبحت في متناول المستخدم العادي. ولكن التقنية سرعان ما تحولت لخدمة أغرض إجرامية أو عبثية، مثل التهريب أو نقل المخدرات والأسلحة لنزلاء سجون ملثما حدث في بريطانيا. كذلك تسببت تلك الطائرات في تعطيل الملاحة الجوية في حالات كثيرة. نتيجة لذلك ظهرت شركات ناشئة تهدف إلى منع هذه الطائرات من التحليق، حيث لا ينبغي لها ذلك إما بتعطيلها أو بإبعادها عنوة عن الأجواء.
وحسب تقرير لوكالة «رويترز» فتعكف عشرات الشركات الناشئة على تطوير أساليب - بدءًا من استخدام الطيور الجارحة وانتهاء بإطلاق الغاز عبر القاذفات المحمولة - للتخلص من الطائرات من دون طيار.
ويستفيد سباق التسلح بعض الشيء من بطء وتيرة تنظيم الحكومات لتحليق الطائرات من دون طيار. ففي أستراليا على سبيل المثال تنظم وكالات مختلفة عمل الطائرات من دون طيار والتكنولوجيات المضادة لها. وقالت إدارة سلامة الطيران المدني لـ«رويترز»: «هناك مسائل محتملة تتعلق بالخصوصية فيما يتصل بتشغيل الطائرات عن بعد، لكن دور إدارة سلامة الطيران المدني يقتصر على السلامة. الخصوصية ليست من اختصاصنا».
ومن المتوقع أن تصل قيمة سوق الطائرات من دون طيار لأغراض استهلاكية إلى خمسة مليارات دولار بحلول عام 2021، وفقًا لشركة تراكتيكا لأبحاث السوق. وتتوقع شركة «إن بي دي جروب» الاستشارية أن تتجاوز تكلفة الطائرة من دون طيار في الولايات المتحدة ما يزيد على 500 دولار في المتوسط، وأن تكون مزودة بخواص كثيرة كالكاميرات عالية الدقة ونظام «جي بي إس» لتحديد المواقع.
وخففت السلطات الأسترالية من ضوابط الطائرات من دون طيار في سبتمبر (أيلول)، فسمحت بتحليق أي طائرة لا يتجاوز وزنها كيلوغرامين دون تدريب أو تأمين أو تسجيل أو توثيق. وفي أماكن أخرى يمكن للملايين التحليق بطائرات من دون طيار باهظة الثمن، ويمكن لمهربي المخدرات والعصابات الإجرامية والمتمردين فعل الشيء نفسه. واستخدمت الطائرات من دون طيار لتهريب هواتف محمولة ومخدرات وأسلحة إلى سجون وتسببت في حالة شغب في إحدى الحالات.
وقال نيك جنزن - جونز، مدير خدمات أبحاث التسلح، وهي شركة استشارية في مجال الأسلحة إن هناك تزايدًا في استخدام الجماعات المسلحة في العراق وأوكرانيا وسوريا وتركيا للطائرات من دون طيار لأغراض الاستطلاع أو كعبوات ناسفة بدائية الصنع. وأسفرت طائرة ملغومة من دون طيار أطلقها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية عن مقتل اثنين من قوات البيشمركة الكردية وإصابة جنديين فرنسيين في أكتوبر (تشرين الأول) قرب مدينة الموصل بالعراق. ويرجح جنزن - جونز انتشار استخدام مثل هذه الجماعات لهذا النوع من الطائرات. وأضاف لـ«رويترز»: «هناك إدراك لإمكانية انتقال الخطر إلى ما وراء مناطق الصراع الحالية». كل هذا يغذي الطلب على تكنولوجيا أكثر تطورًا لإسقاط الطائرات من دون طيار غير المرغوب فيها أو تعطيلها.
فعلى سبيل المثال قال سويرد هوجندورن، الرئيس التنفيذي لشركة «جارد فروم أباف»، في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الشرطة الهولندية اشترت مؤخرًا عددًا من الطيور الجارحة من شركته الناشئة لمهاجمة الطائرات من دون طيار غير المرغوب فيها في السماء.
وتركز أساليب أخرى على نصب الشباك لهذه الطائرات، إما باستخدام طائرات بلا طيار أكبر منها، أو من خلال أسلحة تطلق شبكة ومظلة باستخدام الغاز المضغوط. وتتبع شركات أخرى مثل شركة «دي درون» الألمانية نهجا مختلفا، إذ تستخدم مجسات مختلفة - أدوات التقاط إشارات بصرية وسمعية ولاسلكية وأجهزة رصد ترددات لاسلكية - لمراقبة الطائرات من دون طيار في أماكن محددة. لكن شركات ناشئة أحدث تركز على تعطيل أنظمة الإشارات اللاسلكية التي تستخدم للتحكم في توجيه الطائرة وحمولتها، ثم السيطرة عليها وتعطيل أجهزة الفيديو بها. وفي الشرق الأوسط تتفاوض فنادق راقية مع شركتين على الأقل لمنع الطائرات من دون طيار من التقاط صور لضيوفها المشاهير وهم مسترخون بجانب حمام السباحة مثلا.
وسيزيد الاهتمام بالأجواء.
وقال جنزن - جونز إن لندن سوف تستضيف هذا العام أول مؤتمرين عالميين عن التكنولوجيا المضادة للطائرات من دون طيار.ويقول أوليج فورنيك من شركة «درونشيلد» إن الشركة أحصت مائة شركة ناشئة مختصة بالتصدي للطائرات من دون طيار، وأنها تتفاوض مع أكثر من 12 منها كأهداف استحواذ محتملة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».