أكبر مجمع للأهرامات شمال السودان في متناول السياح

بعد قطيعة عن العالم دامت 25 عامًا

الأهرامات السودانية في الشمال
الأهرامات السودانية في الشمال
TT

أكبر مجمع للأهرامات شمال السودان في متناول السياح

الأهرامات السودانية في الشمال
الأهرامات السودانية في الشمال

بات الآن في متناول السياح الأجانب زيارة 220 هرمًا في ثلاث مناطق من النوبة كأضرحة لملوك وملكات نبتة ومروي.
بالإضافة إلى آثار عمرها مليون سنة و9 محميات طبيعية في السودان، وذلك بعد قطيعة عن العالم دامت 25 عامًا.
وأول الأهرام بنيت في منطقة الكرو شمال السودان. وتشتمل على أضرحة الملك كاشتا وابنه بيا أو بعنخي، ومعها أضرحة لاحقة. وأكثر مواقع بناء الأهرام النوبية هو مروي، الواقعة بين الشلالين الخامس والسادس لنهر النيل، على مسافة نحو 200 كيلومتر شمال الخرطوم ضمن حدود ما يعرف الآن بالسودان. وخلال الفترة المرويّة دفن أكثر من أربعين ملكًا وملكة هناك.
وتختلف أهرامات النوبة بشكل ملحوظ عن الصروح المصرية التي يعتقد بوراثتها لتصاميم المباني النوبية القديمة: فلقد بنيت بمدرجات لحجارة وضعت بشكل أفقي، وتتراوح ارتفاعاتها بين ستة أمتار وثلاثين مترًا، ولكنها ترتفع من قاعدة صغيرة نسبية نادرًا ما تزيد عن الثماني أمتار عرضًا. مكونة بذلك أهرامًا طويلة تنحدر بزاوية 70 درجة تقريبًا.
من ناحية اخرى, استضاف منبر الحديث الأسبوعي بوزارة الإعلام في آخر حلقاته لعام 2016 وزير السياحة محمد أبو زيد مصطفى، الذي قال إن السياحة تعتبر المنصة التي يطل عليها السودان خارجيًا. وأشار أبو زيد إلى أن الوزارة استطاعت أن تستعيد عضوية السودان في منظمة السياحة العالمية بعد أن فقدها بسبب عدم دفع الاشتراكات لأكثر من 25 عامًا، وأبان أن استعادة موقع السودان في المنظمة العالمية استفاد منها السودان في توقيع مذكرات تفاهم مع المنظمة لإنفاذ عدد من الدورات التدريبية والترويج، بجانب التوقيع على اتفاقية انضمام للمنظمة السياحية لمكافحة الفقر ومقرها كوريا الجنوبية بجانب 14 دولة، وأن الاتفاقية هدفها تشجيع الصناعات المحلية واليدوية وخلق فرص في مجال السياحة الهادفة إلى تنمية المجتمعات المحلية.
وأكد وزير السياحة أن السودان ولأول مرة يشارك في معارض دولية بعد غياب دام لأكثر من 10سنوات بكل من (لندن وإسبانيا وبكين وتركيا واليابان وموسكو والإمارات العربية المتحدة). وأشار أبو زيد إلى أن الوزارة تعمل في برامج طور التنفيذ مع الصين في مجال السياحة، باعتبارها من كبريات الدول المصدرة للسياحة، موضحًا أن الوزارة فرغت من اختيار 38 وكالة سياحة لهذا الغرض، بينما بلغت الوكالات الصينية 3231 وكالة.
وقال الوزير إن الوزارة حققت مكاسب كثيرة بعد أن تم تسجيل جزيرة سنجنيب ودنقناب على البحر الأحمر ضمن منظومة التراث الطبيعي العالمي، بينما تم تسجيل البجراوية وجبل البركل ضمن منظومة التراث الثقافي العالمي، وأكد أبو زيد في الحديث الأسبوعي أن عائدات السياحة في السودان تسير إلى الأحسن، حيث بلغت هذا العام مليارًا و5 ملايين دولار بزيادة 7.1 في المائة من العام الماضي. وأكد أبو زيد أن السودان يتمتع بإمكانيات هائلة في مجال السياحة وتوجد به مواقع سياحة قلما يوجد مثيل لها في العالم.
وقال الوزير إن من الصعوبات التي تواجه السياحة في السودان الطرق والكهرباء، وأن الوزارة تحاول مع جهات الاختصاص لإزالة تلك العقبات مستقبلاً، وأنها قدمت 7 طرق لإنشائها عجزت وزارة الطرق والجسور عن إنشائها، وهذه الطرق السياحية تسهم في إنعاش السياحة التي وصفها بـ«الصدر الناعم»، وأكد أن السياحة في عمق الاقتصاد، داعيًا كل الجهات المعنية «الحكومية والقطاع الخاص» للانتباه للسياحة والعمل على تطويرها، لأنه في كثير من الدول الأقل من السودان سياحيًا تشكل المصدر الأساسي من مصادر إيراداتها، وأشار في هذا الاتجاه إلى أن المشروع القطري أسهم بشكل كبير في ترميم الأهرامات والبركل بما قيمته 35 مليون دولار.
وأكد الوزير أنه يمكن للسياحة أن تكون دبلوماسية بالتنسيق مع وزارة الخارجية، حيث تعمل السياحة على المخاطبة المباشرة وتحسين صورة السودان، وهنالك إقبال على السياحة وزيادة في أعداد سُياح الداخل.
وقال أبو زيد إن الحياة البرية تمتلك 9 محميات أكبرها محمية الدندر بمساحة 10 آلاف كيلومتر مربع، أما الآثار فقد تحدث عنها العلماء العالميون وكما زارت 43 بعثة أجنبية السودان، والسودان يمتلك قطعًا أثرية عمرها مليون سنة قبل الميلاد وبه أضخم تجمع أهرامي في العالم (120 هرمًا بالبجراوية).



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».