جمعية الطوابع والعملات السعودية تحتفل بمرور 50 عاما على تأسيسها

تعد بيت خبرة في المزادات وتقييم الأصلي من الزائف

جمعية الطوابع والعملات السعودية تحتفل بمرور 50 عاما على تأسيسها
TT

جمعية الطوابع والعملات السعودية تحتفل بمرور 50 عاما على تأسيسها

جمعية الطوابع والعملات السعودية تحتفل بمرور 50 عاما على تأسيسها

مضى 50 عاما على إنشاء الجمعية السعودية لهواة الطوابع والعملات، وما زالت أنشطتها وبرامجها الغائب الأبرز في المشهد المحلي، إلا أنها تعد بيت خبرة لتنظيم المزادات للهواة المحليين، وتدقيق العملات والطوابع المزورة. وهي الآن تستعد للاحتفال بيوبيلها الفضي، فيما يدافع القائمون عليها بأن عمل الجمعية ينحصر في حفز الهواة وتشجيعهم على جمع الطوابع والعملات من شرائح المجتمع المختلفة.
وقال لـ«الشرق الأوسط» صالح السجا، نائب رئيس الجمعية السعودية لهواة الطوابع والعملات: «إن جمع الطوابع يعد ثقافة ادخار تجمع بين المعرفة والثقافة، وهي لم تبدأ حتى الآن في السعودية؛ بل نسعى إلى تحفيز الهواة للرجوع إليها، رغم سيطرة التقنية على الهوايات المحببة للأفراد سابقا».
وأشار إلى أن أنشطة جمعية هواة جمع الطوابع والعملات، ظلت متركزة في المنطقة الغربية (غرب السعودية) لسنوات طويلة. ولم يراع تهميش بعض الهواة في المناطق الأخرى، وخلال العامين الأخيرين توسع نشاط الجمعية ليشمل الهواة في العاصمة الرياض، بالإضافة إلى مناطق متعددة كالمدينة المنورة، وجازان، ومدينتي الدمام والأحساء (شرق السعودية).
وأوضح السجا أن البريد السعودي يقوم بتزويد الجمعية بالطوابع والبطاقات والمظاريف الجديدة، لافتا إلى توقعه بأن جمعيته تمتلك خمسة آلاف طابع بريدي، يتم عرض أغلبها بالمقر الرئيس للجمعية في العاصمة الرياض.
وكانت الجمعية السعودية لهواة الطوابع والعملات التي أنشئت عام 1963. تتبع في بدايتها إداريا الرئاسة العامة لرعاية الشباب، حتى تم نقل إدارتها كجمعية ثقافية تعمل تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام، ضمن عملية للإصلاح الإداري انتهجتها السعودية خلال السنوات العشر الأخيرة.
وحصلت جمعية هواة الطوابع على أكثر من 200 ميدالية من معارض ومشاركات دولية عدة، مثلت فيها السعودية في مجال جمع الطوابع والعملات، فيما شاركت مؤخرا في تظاهرة الأيام الثقافية بالعاصمة الإيطالية روما مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، احتفاء بمرور ثمانين عاما على العلاقات الدبلوماسية السعودية - الإيطالية، التي أقيمت في «بياترا بوبولو» بروما في مخيم كبير يجمع كافة المظاهر الثقافية السعودية.
وتتمثل مشاركة الجمعية في تلك المناسبة بعرض الطوابع والعملات السعودية القديمة منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، وحتى العصر الحالي، وفي السياق ذاته، أشار نائب رئيس الجمعية السعودية لهواة الطوابع والعملات، إلى أن المشاركة في المحافل الدولية، يعد إنجازا يسجل للبلاد، من خلال عرض ما لدى الجمعية من طوابع بريدية تحكي قصة تاريخ عريق يمتد إلى 50 عاما.
وقال السجا: «عرضت لوحات ودراسات تمثل تاريخ وحضارة السعودية، من خلال دراسات ولوحات تحتوي على طوابع وعملات».
ولفت السجا إلى مشاركة الجمعية في عدد من المناسبات المحلية كالاحتفاء باليوم الوطني الـ83، مشيرا إلى ما قام به القسم النسائي للجمعية بجدة (غرب السعودية)، بالإضافة إلى معرض للطوابع أقيم بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض. وأبان السجا تطلع جمعيته إلى تنظيم معرض دولي بالعاصمة الرياض، يتزامن مع مناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس الجمعية.
وشاركت الجمعية في سبتمبر (أيلول) الماضي بالمعرض العربي الثالث، الذي أقيم بمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية، بدعم من البريد السعودي؛ حيث حصل طابع ولاية الملك سعود بن عبد العزيز، الصادر بمناسبة تعيينه وليا للعهد آنذاك، كأعلى سعر لمجموعة طوابع بريدية في المزاد العلني، الذي تم عقده في ختام فعاليات المعرض.
وشهد المعرض العربي الثالث حضور أكثر من 65 شخصا من الهواة الخليجيين والعرب، بلغ فيه عدد المجموعات المعروضة للبيع 245 مجموعة، فيما بلغ عدد المجموعات المبيعة 207 مجموعات. بينما وصلت قيمة المبيعات التي تمت في المزاد 145 ألف ريال سعودي (أكثر من 38 ألف دولار أميركي)، كان أعلاها بسعر 11 ألف ريال سعودي (2900 دولار أميركي) لطوابع ولاية الملك سعود بن عبد العزيز، تليها دراسة كاملة عن الطوابع والأختام البريدية.
يشار إلى أن الجمعية السعودية لهواة الطوابع والعملات تتولى تنظيم المزادات المحلية في مجال الطوابع والعملات. وتنظر الجمعية إلى تلك المزادات كأحد أنشطتها المهمة في خدمة الهواة، باقتناء طوابع قديمة ذات قيمة، فضلا عن التدقيق.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».