القوات العراقية تستعيد حييْن في الجانب الأيسر من الموصل

مدنيون خائفون يفرون من جحيم المعارك بالمدينة

مدنيون هاربون من جحيم معارك الموصل في طريقهم إلى منطقة آمنة بالجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)
مدنيون هاربون من جحيم معارك الموصل في طريقهم إلى منطقة آمنة بالجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تستعيد حييْن في الجانب الأيسر من الموصل

مدنيون هاربون من جحيم معارك الموصل في طريقهم إلى منطقة آمنة بالجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)
مدنيون هاربون من جحيم معارك الموصل في طريقهم إلى منطقة آمنة بالجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)

أعلن الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، أمس، أن القوات العراقية استعادت السيطرة على مناطق جديدة في الجانب الأيسر من مدينة الموصل.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن يار الله قوله في بيان إن «قطعات فرقة الرد السريع التابعة لقوات الشرطة الاتحادية حررت أحياء يونس السبعاوي ويافا، وترفع العلم العراقي فوق مبانيها، بعد تكبيد العدو خسائر بالأرواح والمعدات».
في غضون ذلك، يتواصل نزوح المدنيين من الموصل عبر طريق موحل في جنوبها الشرقي، بينما ترتفع حولهم أصوات طلقات نارية، وتحوم فوقهم مروحية وهي تطلق النار باتجاه مواقع مسلحي «داعش». أما الخيار الآخر أمامهم فهو البقاء ورفع رايات بيضاء فوق منازلهم، واختلاس النظر إلى المعارك التي تخوضها القوات العراقية ضد المتطرفين الذين يسيطرون على مدينة الموصل؛ ثاني كبرى المدن في العراق.
ويحمل بعض الأطفال أكياسا بلاستيكية تحوي حاجاتهم على أكتافهم، وبين الفارين امرأة تبكي. ويتجه عشرات من السكان من جنوب شرقي الموصل إلى أطراف المدينة، حيث يستقلون حافلات عسكرية تنقلهم إلى مخيمات النازحين.
ويقول المقدم هاشم عبد الكريم، وهو ضابط في قوات الرد السريع وضمن وحدة ترشد المدنيين إلى مخيمات النازحين، لوكالة الصحافة الفرنسية: «كانت حركة العائلات أكثر يوم الجمعة».
صحيح أن السيناريو الأسوأ المتمثل بنزوح مليون شخص خلال معارك استعادة الموصل لم يحصل حتى الآن، إلا أن أكثر من 120 ألف شخص نزحوا منذ بدء العملية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
ويتصاعد أزيز الرصاص ودوي الانفجارات بينما تشق قوات الرد السريع طريقها في اتجاه شمال المدينة مع وحدات من قوات أخرى. وتجري عمليات التقدم بسرعة لكن بحذر؛ إذ جهزت سيارات «هامفي» العسكرية بصواريخ مضادة للدروع وقاذفات قنابل لمواجهة السيارات المفخخة، إضافة إلى وجود جرافات تفتح الحواجز والطرق المغلقة.
وتمنح سيارات «هامفي» الغطاء للمقاتلين الذين يتقدمون مع أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة.
وتحوم مروحيات فوق القوات البرية المتقدمة وتطلق صواريخها على أهداف، بينما يرد المتشددون بأسلحتهم عليها.
ويفتح بعض المدنيين أبواب منازلهم لرؤية ما يحدث، لكن تحذير القوات العراقية دائما هو: «ابقوا في الداخل وأغلقوا الأبواب»، فالمخاطر لا تعد ولا تحصى، والمسلحون لا يتورعون عن تعريض حياة المدنيين للخطر، فيما تستهدف الغارات الجوية والقصف المدفعي والصواريخ غير الموجهة، أهدافا لهم داخل المدينة. ويقول أحد عناصر الشرطة الاتحادية ناسبا معلوماته لأحد السكان: «هناك سيارة مفخخة خلف المسجد» الذي يبعد فقط نحو مائتي متر ويمكن مشاهدته من سطح إحدى البنايات. يرصد الشرطي السيارة المفخخة من خلال منظار سيارة «هامفي» يستخدم عادة لإطلاق الصواريخ، ولكن ثمة ساترا ترابيا يقطع الطريق المؤدي إليها.
يتدفق مزيد من المدنيين من المناطق القريبة، معظمهم سيرا، بينما تصل امرأة وعدد من الأطفال في سيارة.
وتقول كرامة عطية، بملابسها السوداء والذهول على وجهها وبطانية على كتفها، إن تنظيم داعش «أجبرنا على الخروج». وتضيف: «إنهم يختبئون أمام منزلنا» قبل أن ترشد قوات الرد السريع إلى مبنى وضعت رايات بيضاء أمام مدخله.
وبعد تقدم سريع ووسط إطلاق نار متواصل، تتمكن القوة العراقية في النهاية من بلوغ هدفها في أطراف الحي الشمالية. وسرعان ما يتحول خوف المدنيين الذي طال إلى راحة واطمئنان، ويبدأون الخروج من منازلهم، خصوصا أنهم لم يتلقوا أوامر بالبقاء في الداخل. ويعبر الأطفال عن سرورهم رافعين علامة النصر أمام الجنود العراقيين الذين يبادرونهم بالتحية نفسها.
ولا يزال سكان هذه المنطقة يقيمون في مدينة هي ساحة معارك، والتحقيقات قد تطال بعض الرجال للاشتباه في ارتباطهم بتنظيم داعش، لكن المخاطر الأمنية زالت. وتقول حسنة ياسين، وهي تقف أمام باب منزلها: «هذه المرة الأولى التي أقف فيها أمام باب المنزل منذ ثلاثة أيام (...) أشعر بأنني ولدت مجددا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.