نجح لاعب خط الوسط الأرميني في تقديم لحظات من الأداء الساحر أمام سندرلاند على استاد أولد ترافورد، وقدم أوراق اعتماده نجما جديدا في صفوف مانشستر يونايتد.
يكتسب الإنسان قدرته على المضي في معترك الحياة، ليس فقط بالاعتماد على ما تحويه هذه الحياة، وإنما أيضًا بما يمكن أن تصبح عليه، فلولا أننا نأمل باستمرار في الأفضل، لما كنا تمكنا من الاستمرار في طريقنا. وينطبق القول ذاته على مشاهدة كرة القدم، التي يبدو أنها أصبحت نشاطًا مخيبًا للآمال بوجه عام يكلف المرء وقتًا ومالاً وطاقة وصبرًا. ومع ذلك، نستمر في العودة إليها مرة بعد أخرى لأنها تمدنا بفرصة لمشاهدة لحظات تمثل في كثير من الأحيان أكثر اللحظات إبهارًا في بعض أيام عمرنا. ويجسد هذا المعنى الأداء الذي قدمه هنريك مخيتاريان نجم يونايتد وهدفه في مرمى سندرلاند.
إن واحدة من بين متع كرة القدم العدد اللانهائي من الطرق التي يمكن من خلالها تصويب الكرة إلى مرمى الخصم. ورغم كثرة الأهداف وغزارتها، فإننا من حين لآخر نعاين أهدافًا استثنائية في روعتها، على غرار هدف روبرتو كارلوس في مرمى فرنسا أو هدف رونالدينهو في مرمى تشيلسي.
ولا تعكس مثل هذه الأهداف الاستثنائية مهارة فريدة فحسب، وإنما أيضًا شخصية وطابعًا مميزين للاعب. من ناحية أخرى، فإنه في أعقاب انضمامه إلى مانشستر يونايتد هذا الصيف، بدأ مخيتاريان الموسم بديلاً، في خطوة عكست القوة النسبية التي تمتع بها مانشستر يونايتد على صعيد المهاجمين الذين يتحركون في مساحات واسعة. وتألق نجم مخيتاريان خلال مواجهة فريقه أمام هال سيتي بعيدًا عن أرضه، ونجح في تسجيل هدف الفوز في وقت قاتل من المباراة.
بعد ذلك، جاء ديربي مانشستر، وهي المباراة التي شارك خلالها مخيتاريان في التشكيل الأساسي، بينما عاد جيسي لينغارد بعد غياب شهر عن صفوف الفريق ليشارك على الجناح المقابل. اللافت أن كلا اللاعبين لم يكن له حضور واضح داخل الملعب، وتعرضا لانتقادات شديدة بعد المباراة. واللافت كذلك أن جوزيه مورينيو لم يستفض كعادته في تبرير هذا الأداء الباهت خلال المباراة التي انتهت بفوز مانشستر سيتي بنتيجة 2 - 1. ومع ذلك، ألقت الغالبية باللوم على اللاعبين بسبب الهزيمة. وبالفعل، اختفى لينغارد عن الأنظار طيلة أسبوعين، بينما غاب مخيتاريان لمدة شهرين، ذلك أنه جرى اعتباره غير موائم للمشاركة في كرة القدم الإنجليزية بحدتها وقوتها.
ولم يكن هذا بمثابة أمر جديد، لكن العجيب أنه حدث مع مخيتاريان على وجه التحديد، بالنظر إلى أنه نشأ في أرمينيا وسبق له اللعب لحساب ناديين في دونتسك، ثم انتقل إلى بوروسيا دورتموند. وبالتالي، فهو معتاد على ظروف الطقس الباردة والممطرة. كما أنه انتقل إلى مانشستر يونايتد وهو في أوج تألقه.
وفي الوقت الذي بدأ مخيتاريان يألف فريقه الجديد ويندمج معه، بدأ منحنى أداء مانشستر يونايتد في التحول باتجاه الهبوط. وتأرجح أداء الفريق بين الهيمنة على مباريات والاختفاء تقريبًا في أخرى، في الوقت الذي جابه صعوبة كبيرة في تسجيل أهداف في جميع مبارياته تقريبًا. ولم يستعن مورينيو بمخيتاريان أمام كل من ستوك سيتي وبيرنلي، رغم كون الأخير قد شارك بصورة مباشرة في تسجيل 49 هدفًا في الموسم السابق.
وأخيرًا في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، نهض مخيتاريان من على مقعد البدلاء. ومع ذلك، عاد المدرب ليتجاهله من جديد في المباراتين التاليتين، ليشارك النجم الأرميني بذلك لمدة 134 دقيقة فقط من إجمالي 1710. وبالنسبة للاعب قدم إلى إنجلترا حاملاً لقب أفضل لاعب بالدوري الألماني الممتاز، فإن المرارة والإحباط اللذين سيطرا عليه خلال تلك الفترة العصيبة يتعذر وصفهما.
ومع هذا، اقتنع مورينيو أخيرًا بالاعتماد على مخيتاريان عندما نفدت من أمامه الخيارات وأصبح في حاجة ماسة لتحقيق الفوز. وعليه، شارك اللاعب الأرميني في التشكيل الأساسي خلال مباراة ناديه على أرضه أمام فينوورد وجاء أداؤه رائعًا. وبدا للكثيرين أنه كان بإمكانه خلق اختلاف داخل أرض الملعب لو أنه شارك في المباريات السابقة.
ومع هذا، جلس مخيتاريان على مقعد البدلاء خلال مواجهة مانشستر يونايتد وويست هام يونايتد، في إطار الدوري الممتاز والتي انتهت بالتعادل، ليعود إلى التشكيل الأساسي خلال نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة أمام الخصم ذاته. واستغرق الأمر منه دقيقتين فحسب ليساعد زلاتان إبراهيموفيتش في تسجيل الهدف الافتتاحي في مباراة انتهت بالفوز بنتيجة 4 - 1. بعد ذلك، قدم أداءً مبهرًا أمام إيفرتون وتوتنهام هوتسبر قبل أن يتعرض للإصابة.
أمام سندرلاند، عاد مخيتاريان من جديد ليشارك بعد مرور نحو ساعة من المباراة، ومع ذلك نجح على الفور تقريبًا في تمرير كرة رائعة لإبراهيموفيتش كان يمكن أن تصبح هدفًا رائعًا لولا إهدار الأخير لها. إلا أنه بعد أربع دقائق أخرى، أعاد المحاولة من جديد ليسجل هدفًا بكعب رجله اليمنى أروع من أن تصفه كلمات!.
وقال مخيتاريان إن الهدف الذي سجله بطريقة «ركلة العقرب» هو الأفضل في مسيرته، وقال: «كنت سعيدا للغاية. أول شيء فعلته بعد تسديد الكرة هو النظر للحكم المساعد، ورأيت أنه لم يشر إلى تسلل، ومن هنا بدأت الاحتفال بالهدف».
وأضاف مخيتاريان (27 عاما): «كنت أتوقع وصول الكرة أمامي ولكنني أدركت أنني كنت أمامها، وكان الحل الوحيد أمامي أن أوجهها بكعب القدم، وقد فعلت وأصبت الشباك».
مخيتاريان يلتقط أنفاسه ويقدم أوراق اعتماده لجماهير يونايتد
هدفه العبقري في مرمى سندرلاند فتح له أبواب النجومية بالقلعة الحمراء
مخيتاريان يلتقط أنفاسه ويقدم أوراق اعتماده لجماهير يونايتد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة