ضغط روسي يغيّب تصويت إسرائيل ضد جرائم الحرب في سوريا

مخاوف المسؤولين من أن يرتد الموضوع إلى تل أبيب

سورية في مخيم مؤقت أعد للنازحين في ريف القنيطرة قرب هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967 أول من أمس (أ.ف.ب)
سورية في مخيم مؤقت أعد للنازحين في ريف القنيطرة قرب هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967 أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

ضغط روسي يغيّب تصويت إسرائيل ضد جرائم الحرب في سوريا

سورية في مخيم مؤقت أعد للنازحين في ريف القنيطرة قرب هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967 أول من أمس (أ.ف.ب)
سورية في مخيم مؤقت أعد للنازحين في ريف القنيطرة قرب هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967 أول من أمس (أ.ف.ب)

كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن أن الامتناع الإسرائيلي عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أدان جرائم الحرب ضد الشعب السوري، لم يكن مجرد «إجراء تكتيكي» أو «إهمال» أو «غياب بسبب ضغط العمل»، كما اعتقد في التخمينات الأولية، إنما كان تنفيذا لقرار مدروس اتخذ بضغط من الكرملين في موسكو.
وتحدثت التسريبات عن أن مصدرا رفيعا في الرئاسة الروسية اتصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ونقل إليه طلبا رسميا بأن تصوت إسرائيل ضد القرار أو على الأقل، أن تتغيب عن البحث والتصويت.
وقد تم تسريب هذه المعلومة بعد أن كان نتنياهو قد «هاجم المجتمع الدولي الذي لا يفعل شيئا لإنقاذ الشعب السوري». ففي إطار هجماته على دول العالم بسبب قرار مجلس الأمن الدولي بشأن المستوطنات، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إنه «في الوقت الذي لا يفعل فيه مجلس الأمن شيئا لوقف ذبح نصف مليون شخص في سوريا، يقرر ملاحقة إسرائيل بشكل مخجل». وهذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها نتنياهو دول العالم بتجاهل ما يحدث في سوريا. ولكن في هذه المرة، وجد من يذكره في إسرائيل بأنه ليس فقط يتجاهل بل يقف هو نفسه موقفا شبيها.
وكان مشروع قرار قد طرح الأربعاء الماضي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يطالب «بتشكيل آلية دولية مستقلة للمساعدة في التحقيق ومحاكمة المتهمين بالجرائم الخطيرة التي حدثت في سوريا منذ سنة 2011». وتم طرح المشروع بمبادرة من دولة لوكسمبورغ، لكنه صياغته تمت باشتراك عدة دول أوروبية وشرق أوسطية. وقال مصدر غربي رفيع في الأمم المتحدة، والشريك في صياغة المشروع، إن «هدف القرار هو المبادرة منذ الآن إلى جمع أكثر ما يمكن من الأدلة والإفادات حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا، لكي يتم في الوقت المناسب، حتى وإن استغرق الأمر سنوات طويلة، تقديم المتهمين إلى القضاء». وقال المصدر إنه فقط بفضل جمع الأدلة المكثف من قبل الحلفاء خلال المرحلة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، أصبح يمكن محاكمة مجرمي الحرب النازيين حتى اليوم.
وأضاف: «كنا متأكدين من أن دول العالم كلها، باستثناء إيران وسوريا، سيتوحدون حول القرار، ولم يكن لدينا أدنى شك بشأن انضمام إسرائيل».
لكن يتضح اليوم أن المسؤولين الإسرائيليين، بمن في ذلك رئيس الوزراء ومسؤولو وزارة الخارجية وقادة عسكريون من الصف الأول، أجروا قبل التصويت على هذا القرار نقاشات معمقة حول شكل تصويت إسرائيل. وقال غالبية المتحدثين إن إسرائيل، وربما أكثر من غيرها، يجب أن تقف إلى جانب العالم المتنور في المطالبة بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب. وفي المقابل قال آخرون أن القرار يشكل سابقة إشكالية بالنسبة لإسرائيل. فإذا بدأت الأمم المتحدة بتشكيل منتديات للفحص والتحقيق، يمكن أن يتم توجيه ذلك ضد إسرائيل في المستقبل. ولكن، في نهاية الأمر، تقرر التصويت إلى جانب القرار.
إلا أن هذا الموقف تغير بشكل مفاجئ. وحسب مصدر سياسي رفيع في تل أبيب، فإنه من وراء الكواليس، مارست روسيا الضغط الدبلوماسي الثقيل، فقرر ديوان نتنياهو التغيب عن التصويت. وأكد مصدر في وزارة الخارجية أن القرار صدر عن أعلى الجهات السياسية، ورفض التفصيل. وقد تم تمرير القرار في الأمم المتحدة اعتمدت الجمعية العامة فجر الخميس بدعم من 105 دول، وامتناع 52 ومعارضة 15، وتغيب 15 دولة أخرى عن التصويت. ومن بين الدول التي تغيبت كانت رواندا، وإريتريا، وليبيا، وأنغولا، وإسرائيل. وقال المصدر إنه تم «عقد صفقة مثيرة للسخرية بين إسرائيل وروسيا، وفي النهاية لم نحقق منها شيئا، لأنه بعد يومين وجه الروس ضربة خازوق لإسرائيل في القرار حول المستوطنات».
ورفض ديوان نتنياهو ووزارة الخارجية التعقيب على التسريبات.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.