«بلال» يرشّح لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم {أنيميشن}

صحيفة هوليوودية وصفت الفيلم السعودي بأنه يحمل قصّة قوية نفّذت بجدارة

فيلم «بلال» مرشح لجائزة الأوسكار - المخرج أيمن جمال يستعد لإخراج فيلم جديد
فيلم «بلال» مرشح لجائزة الأوسكار - المخرج أيمن جمال يستعد لإخراج فيلم جديد
TT

«بلال» يرشّح لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم {أنيميشن}

فيلم «بلال» مرشح لجائزة الأوسكار - المخرج أيمن جمال يستعد لإخراج فيلم جديد
فيلم «بلال» مرشح لجائزة الأوسكار - المخرج أيمن جمال يستعد لإخراج فيلم جديد

يدخل فيلم «بلال» الكرتوني رسميا سباق جائزة الأوسكار بعد أن أعلن ترشيحه عن عدة فئات وفي مقدّمها «أفضل فيلم أنيميشن». وتأتي هذه الخطوة لتسبق مباشرة مرحلة الترشيح الرسمي لهذا المحفل السينمائي العالمي.
ومن المتوقّع أن يشكّل هذا الفيلم الديني الاجتماعي الأول من نوعه في العالم العربي، منافسا قويا لأفلام أخرى من فئة الأنيميشن، في سباق جائزة «أفضل فيلم» وفئات أخرى كـ«أفضل مونتاج» و«أفضل إخراج» وغيرها من الجوائز التي تدخل في هذا السياق.
وجاء أول تعليق عن هذا الموضوع على لسان منتج ومخرج الفيلم أيمن جمال الذي أكّد أن الفن السابع هو من أسرع الوسائل الإعلامية وصولاً لأكبر شريحة عالمية، بل يعدّ أكثرها قوة من حيث قدرته على مخاطبة العقول والقلوب والرسوخ في الأذهان بطريقة مؤثرة وغير مباشرة. فكيف إذا كانت الرسالة التي يحملها الفيلم رسالة سامية تصلح لكل زمان وتخاطب البشر في كل مكان؟ وختم: «دخول فيلم (بلال) رسميًا مضمار السباق للترشح على جوائز هذه المسابقة العالمية، ووقوفه إلى جانب إنتاجات بارزة لأكبر استديوهات العالم، هو بحد ذاته إنجاز نفخر به سعوديًا وإماراتيًا وعربيًا، ونحمد الله على انتزاعنا لهذا الاعتراف السينمائي العالمي بجودة ما قدّمناه سواء من الناحية الفنية والإنتاجية والإخراجية، أو من ناحية المحتوى الفكري والأدبي والدرامي والقيمي».
والمعروف أن فيلم «بلال» عرض في الصالات السينمائية في مختلف الدول العربية مؤخرا وبينها لبنان ودبي والأردن. وهو يتناول سيرة مؤذّن النبي «بلال بن رباح» فيسلّط الضوء على قصّة عبوديّته ومن ثم إسلامه في مدينة مكّة. ونرى في سياق القصّة كيف استطاع الصغير بلال رفع صوته عاليا والتحرر من العبودية بفضل الإسلام. وحرص مخرج الفيلم في أن يطبعه بلمسات إنسانية تشكّل عنوانه العريض بعيدا عن المشاهد الدموية والعنيفة.
ووصفت صحيفة «هوليوود ريبورتر» فيلم «بلال» بأنه يحمل قصة قوية تمّ تنفيذها بجدارة لما تتضمّن من مواقف عاطفية مؤثرة. وأشارت إلى أن فريق العمل أبدع في تنفيذه من خلال تصميم الشخصيات خصوصا شخصية بلال.
ويقف وراء فكرة الفيلم مجموعة من الشباب السعودي تعود إليهم شركة «بارجون إنترتيمنت» وهي متخصّصة في مجال الإنتاج الكرتوني و«أنيميشن» والمؤثّرات البصرية. أما الطبعة الإنجليزية منه (من المقرر أن يدبلج في ستّ لغات) فقد شارك فيها ممثلون عالميون أمثال توماس إيان نيكولاس وجون كاري ومارك رولستن.
والمعروف أن جائزة أكاديمية السينما والفنون الأميركية المنظمة لجائزة الأوسكار الفنية العريقة، استحدثت جائزتها لأفضل فيلم رسوم متحركة عام 2002. ويشهد عام 2017 رقمًا قياسيًا من حيث عدد مشاركات الأفلام عن هذه الفئة الذي وصل إلى 27 فيلما منها فيلم «بلال» عن حياة الصحابي المسلم المعروف.
وبحسب صحيفة «إندبندنت» البريطانية فإن أعضاء الأكاديمية المسؤولين عن تقييم هذه الأفلام سيواجهون تحديًا، بحيث سيكون المطلوب منهم اختيار خمسة أفلام فقط من أصل سبعة وعشرين، تندرج على لائحة الترشيحات النهائية لهذه الفئة، بينما سيحرم الباقي من نيل هذا الشرف. ويبدو أن هذا النوع من الأفلام يعيش عصره الذهبي حاليا، وهذا الأمر يظهر بوضوح من خلال كثافة الأعمال التي قبلت الأكاديمية ترشحها رسميًا. وسجّل بعضها نجاحا ملحوظا كـ«فايندينغ دوري»، الذي أخرجه أندرو ستانتون ولي أنكريش وهو من إنتاج استوديوهات ديزني وبيكسار، ويحكي قصة مغامرات كوميدية يتناول قصّة السمكة دوري التي تجتهد للالتقاء من جديد بعائلتها في عالم البحار. أما «زوتروبوليس» الذي يحكي قصة علاقة غير محببة بين الأرنب (ضابط شرطة) والثعلب الأحمر (فنان)، فيعدّ واحدا من أفلام الصور المتحرّكة التي حققت نجاحا ملحوظا على شباك التذاكر في أميركا وشاهده الملايين في أنحاء العالم كافة وهو من إنتاج استوديوهات والت ديزني أيضا.
يبقى القول بأن «بلال» يأخذ منحى مغايرا تماما عن باقي الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار عن فئة «أنيميشن»، سواء من ناحية موضوعه الجديد أو من ناحية إنتاجه؛ إذ وضع الشباب السعودي ولأول مرة على خريطة الإنتاجات العالمية.
ويذكر أن الشركة المنتجة لفيلم بلال «بارجون إنترتيمنت»، تستعد لتصوير فيلم سينمائي جديد حول قصّة إنسانية تاريخية تجري أحداثها في الأندلس. وأشار مخرج الفيلم أيمن جمال أن مراحل التحضيرات الأولية للعمل قد انتهت، وبدأت تلك الخاصة بالعملين الإنتاجي والفنّي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».