كان 2016 عامًا واجهت فيه المملكة العربية السعودية، سياسيا، ودبلوماسيا، وأمنيًا ودفاعيًا، مختلف التحديات الأمنية وحققت المعادلة الوقائية في المنطقة، كما قادت بتضامن الخليجيين مواقف أكثر صرامة تجاه الإرهاب بعموم أشكاله.
وحتما لا تخرج الصورة في المنطقة عن الإرهاب الإيراني الذي يغذي ميليشياته متعمدًا استهداف أمن دول الخليج، ولقد بذلت طهران محاولات عدة في هذا السبيل تكسرت أمام وعي دول المنطقة وسهرها على أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية، وجاء ذلك بالتوازي مع ضرب إرهاب تنظيم داعش الإرهابي الذي جابهته الضربات الاستباقية الأمنية السعودية، التي كشفت الكثير من الخلايا وأمكن إحباط عمليات نوعية كان يخطط لها.
فصل النهاية... إعدام 47 إرهابيا
على عتبة العام الجديد حينها، 2016. كان الترقب داخل السعودية وخارجها، لخبر تنفيذ عقوبة الإعدام بحق 47 شخصا مدانين بالإرهاب، حيث تم تنفيذ العقوبة بحق المدانين في عموم المناطق السعودية.
47 إرهابيا، قضى معظمهم سنوات في المحاكمات بإجراءات متواصلة عملت على المحاكمة العادلة، وذهبت نحو تحقيق ما تمليه الشريعة الإسلامية «أن القاتل يُقتل»، وحملت هذه الرسالة التي فتحت العام رسائل من السعودية أنه «لا تعاطف مع الإرهاب».
وأكدت مراحل محاكمات معظمهم، أنهم ظلوا أكثر الأشخاص وفاء للإرهاب، وترسخّت تغذيتهم الفكرية الدموية رغم سنوات السجن وتفاصيل التقاضي الثلاث عبر المحاكم. فمارسوا وانتهجوا العداء للدولة، وسعوا إلى ترهيب المجتمعات، وبث القلق في نفوس المطمئنين من مواطنين ومقيمين على أرض السعودية، وخططوا في مجملهم بوصفهم خلايا ذات منهج واحد وقادة متلاحقين على تحقيق أهداف منها التخريب ومحاولة الاغتيال، والخطف والقتل، والمواجهات المباشرة مع رجال أمن وممتلكات.
أسماء عدة في قائمة المحكوم عليها بالقصاص، غالبيتها كانت خلايا وأفراد من تنظيم «القاعدة» الإرهابي، وآخرون امتهنوا تقويض حكم الدولة السعودية وحاولوا إحداث الفتن المجتمعية، منهم من يتبع المذهب السنّي وآخرون من الشيعة، وكان على رأس القائمة الكبرى: فارس آل شويل الزهراني (منظّر تنظيم القاعدة) ورجل الدين الشيعي نمر النمر. وأثبتت التحركات التي قادتها السلطات في إيران بعد تنفيذ الإعدام بحق الأخير عمق ولاءاته وارتباطاته الخارجية.
إعدامات تهز طهران والرياض تعاقب
رسائل من الرياض إلى الداخل والخارج، بعد تنفيذها عقوبات الإعدام، ضد تنظيمات استباحت الدماء والقتل، لأهداف شتى، أرادت تقويض حكم الدولة السعودية على أراضيها. وسعى أفراد التنظيمات المتطرفة ضد الدولة السعودية منذ نشأتها، ونظرتها إليها بأن وجودها باطل شرعا. وهي ادعاءات حاك فصولها أفراد تنظيمات مارقين عن الدين الإسلامي، فخرجت بقوة الشريعة خاسرة بعد أن تمكنت منها الأجهزة الأمنية.
النظام الإيراني استغل الوضع، مهّد للنيل من كل شيء يحمل اسم السعودية. ففي الليلة التي شهد نهارها تنفيذ الإعدام، أرادت إيران استفزاز السعودية بالاعتداء على سفارتها في العاصمة طهران، ما جعل السعودية تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وتسحب بعثتها الدبلوماسية. ومن ثم، قادت السعودية تحركًا يهدف لبناء موقف عربي في وجه الاستفزازات الإيرانية. كذلك استنكر مجلس الأمن الدولي الاعتداءات على السفارة السعودية، وهكذا تسببت إيران بيدها لنفسها بعزلة لها تمثلت باستدعاء عدد من الدول سفراءها لدى طهران.
إيران تحرم حجاجها
وعلى وقع الأزمات التي تعيشها السلطات الإيرانية ومواجهة السعودية عناصر تخريبها، بينما تنأى الرياض عن وضع الحج والعمرة في خريطة التجاذبات السياسية، أدى تعنّت مرجعيات طهران السياسية والدينية، لحرمان مئات الآلاف من الحجاج الإيرانيين من أداء مناسك الحج الماضي. إذ رفضت طهران التوقيع على اتفاقية الحج في مايو (أيار) الماضي، واضعة شروطًا تهدف كلها إلى إعاقة أعمال الحج انسجاما مع شعائر دينية خاصة بالإيرانيين، من إقامة تجمعات ونشر منشورات وخلافه، وهذا في ظل محاولات سعودية تسهيل الإجراءات عبر بوابة إلكترونية.
الخليجيون يحطمون مدار «حزب الله»
وفي شهر مارس (آذار) أجمع الخليجيون في قرار مجلسهم الوزاري، الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض، على إعلان كبير يعتبر ما يسمى بـ«حزب الله» بكل قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه، منظمة إرهابية، ليكون ضمن قائمة تنظيمات أخرى منها «القاعدة» و«داعش». وقال الأمين العام للمجلس، عبد اللطيف الزياني إن القرار يأتي «جراء استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر تلك الميليشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة الفتن والتحريض على الفوضى والعنف في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها».
ضربات استباقية ضد «داعش»
وكان 2016 أيضًا عامًا مهمًا لمنجزات الأمن السعودي، إذ أحبط عشرات الخطط الإرهابية لتنظيم داعش، الذي كان ينشد تحقيق ضربات نوعية. وكان بينها إحباط محاولته استهداف المسجد النبوي بالمدينة المنورة في يوليو (تموز)، بعد اشتباه رجال الأمن بشخص بالقرب من المسجد، وبذا جنّب رجال الأمن آلاف المسلمين أن يكونوا ضحايا إجرامهم وسط فرحة العيد. كذلك، كانت القوة الأمنية فعالة في تجنيب القطيف مأساة أخرى، بعدما حاول «داعش» استهداف مطعم شعبي شهير بالمدينة، وذلك في أغسطس (آب) الماضي. ويومذاك تمكن رجال الأمن من إحباط المسعى الإجرامي الآثم قبل أن تصل السيارة التي كانت في حالة تشريك كاملة إلى هدفها.
إنجاز أمني آخر في شهر أكتوبر (تشرين الأول) أجهض مخططا لتفجير في ملعب «الجوهرة» بمدينة جدة أثناء مباراة المنتخبين السعودي والإماراتي لكرة القدم. وتم إحباط التفجير قبل بضعة أيام من موعد إقامة المباراة واعتقل أربعة أشخاص بتهمة وضع سيارة مفخخة في مواقف الملعب.
الحوثيون يحاولون استهداف مكة
وفي الموضوع اليمني، وعلى خطى التأمين والوقاية السعودية لأمنها واستقرارها، كان النشاط الأمني العسكري ناجعًا ضد الانقلابيين الحوثيين، الذين سعوا كالعادة إلى استهداف العمق السعودي. وفي كل مرة جاء الرد السريع بإفشال العمليات، التي كان منها محاولة الحوثيين استهداف مكة المكرمة بصاروخ باليستي، أسقطته الدفاعات السعودية على بعد أكثر من 60 كلم، من قبلة المسلمين، وبطبيعة الحال، لقيت المحاولة الحوثية ما تستحقه من استنكار واسع من عموم المسلمين.
وبصفة عامة، أكدت الإجراءات والضربات الأمنية والدفاعية، حزم السياسة السعودية في التعامل مع الإرهاب، بشتى أشكاله، وتحت مختلف الشعارات المزعومة والمرفوضة، محليًا ودوليًا.