مجلس الأمن يجيز قرارًا بوقف الاستيطان بعد امتناع واشنطن عن التصويت

ترحيب فلسطيني وغضب إسرائيلي... وتل أبيب تعول على إدارة ترامب لبدء مرحلة جديدة من العلاقات

جانب من اجتماع مجلس الأمن لدى التصويت على قرار  وقف الأستيطان أمس (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع مجلس الأمن لدى التصويت على قرار وقف الأستيطان أمس (إ.ب.أ)
TT

مجلس الأمن يجيز قرارًا بوقف الاستيطان بعد امتناع واشنطن عن التصويت

جانب من اجتماع مجلس الأمن لدى التصويت على قرار  وقف الأستيطان أمس (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع مجلس الأمن لدى التصويت على قرار وقف الأستيطان أمس (إ.ب.أ)

طالب مجلس الأمن الدولي أمس، إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في قرار تبناه بعدما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت عليه، في خطوة نادرة، حيث أدى امتناعها إلى تبني القرار الذي أيده 14 عضوا في المجلس من أصل 15.
وعلا التصفيق في قاعة المجلس بعد تبني القرار، وهو الأول الذي يصدره المجلس حيال النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين في ثمانية أعوام. وجاء التصويت بمبادرة من أربع دول هي نيوزيلندا وماليزيا والسنغال وفنزويلا، وتناول مشروع قرار كانت اقترحته مصر أول من أمس قبل أن تتراجع بضغط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وقال السفير الإسرائيلي لدى المنظمة الدولية داني دانون إن بلاده توقعت أن تلجأ واشنطن إلى الفيتو «ضد هذا القرار المشين».
وأضاف: «أنا واثق بأن الإدارة الأميركية الجديدة والأمين العام الجديد (للأمم المتحدة) سيبدآن مرحلة جديدة على صعيد العلاقة بين الأمم المتحدة وإسرائيل». ويطلب القرار أن «توقف إسرائيل فورا وفي شكل تام كل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية».
ويعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية «ليس لها أي أساس قانوني» و«تعوق في شكل خطير فرصة حل الدولتين» الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.
وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية عائقا رئيسيا أمام جهود السلام لأنها مقامة على أراض محتلة يريدها الفلسطينيون ضمن دولتهم المقبلة. وتعليقا على القرار الدولي، أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة الصحافة الفرنسية أن القرار هو «صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لحل الدولتين».
ولم يفلح التراجع المصري عن طرح مشروع القرار على التصويت في مجلس الأمن في ثني بقية أعضاء المجلس عن التصويت على مشروع القرار بعد أن تبنته أربع دول أعضاء في مجلس الأمن هي نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أن التراجع المصري جاء عقب الاتصال الذي تلقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي استنجدت به إسرائيل للضغط على مصر في سحب مشروع القرار الذي سبق أن أحبطت واشنطن صدوره عام 2011.
وهذه هي المرة الأولى التي يتبنى فيها المجلس قرارا يخص الاستيطان منذ أكثر من 3 عقود علما بأن محاولات عدة فشلت بالسابق بسبب الفيتو الأميركي كان آخرها فيتو واشنطن على مشروع مماثل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وينص القرار كذلك على أن جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام على أساس حل الدولتين وفي هذا الصدد يقول النص إن مجلس الأمن «يؤكد من جديد أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، لا يوجد له شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي ويشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وإيجاد حل سلام وعادل ودائم وشامل».
كما أكد القرار أن المجلس «لن يعترف بأي تغييرات على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، إلا تلك التي يتفق عليها الأطراف من خلال المفاوضات». وشدد على «أن وقف جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية أمر ضروري لإنقاذ حل الدولتين، ويدعو إلى ضرورة اتخاذ خطوات إيجابية فورا لعكس الاتجاهات السلبية على الأرض التي تعرض حل الدولتين للخطر». كما يهيب المجلس حسب القرار «بجميع الدول، أن تضع في اعتبارها الفقرة الأولى من هذا القرار، للتمييز، في تعاملهما بين إقليم دولة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967» كما دعا القرار في فقراته إلى وقف «جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتدمير» وأن يتم التعامل مع تلك المسائل حسب القوانين الدولية وأن يتم «إدانة جميع أعمال الإرهاب بشكل واضح» داعيا أيضا إلى الامتناع «عن الأعمال الاستفزازية والتحريض والخطابة الملهبة للمشاعر» بهدف «إعادة بناء الثقة» والتوصل إلى «حل الدولتين، وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز السلام والتهدئة». ويدعو القرار «جميع الأطراف على الاستمرار، في مصلحة تعزيز السلام والأمن، إلى بذل جهود جماعية لإطلاق مفاوضات ذات مصداقية حول جميع قضايا الوضع النهائي في عملية السلام في الشرق الأوسط، وضمن الإطار الزمني المحدد من قبل اللجنة الرباعية في بيانها الصادر في 21 سبتمبر (أيلول) 2010» كما حث القرار على «تكثيف وتسريع الجهود الدبلوماسية الدولية والإقليمية، ودعم الجهود الرامية إلى تحقيق، دون تأخير، سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعية مؤتمر مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية واللجنة الرباعية وخريطة الطريق وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967» ويؤكد القرار على «أهمية الجهود الجارية لدفع مبادرة السلام العربية، ومبادرة فرنسا لعقد مؤتمر دولي للسلام، والجهود التي بذلت مؤخرا من اللجنة الرباعية، فضلا عن جهود مصر والاتحاد الروسي». ويؤكد «تصميمه على دعم الطرفين خلال المفاوضات وفي تنفيذ اتفاق». كما هدد المجلس في القرار بأن المجلس يؤكد على «تصميمه على دراسة السبل والوسائل العملية لضمان التنفيذ الكامل لقراراته ذات الصلة» وطلب من أمين عام الأمم المتحدة «أن يقدم تقريرا إلى المجلس كل ثلاثة أشهر عن تنفيذ أحكام هذا القرار».
ويحتاج صدور أي قرار من مجلس الأمن، إلى موافقة تسعة أعضاء وألا تستخدم أي من الدول الدائمة العضوية بالمجلس، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين، حق النقض (الفيتو) ضده. وفي أول رد فعل على القرار هدد السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، بتعليق مساهمة واشنطن في تمويل الأمم المتحدة أو تقليصها بشكل كبير. وقال سيناتور كارولينا الجنوبية، وهو جمهوري يشرف على لجنة في مجلس الشيوخ مسؤولة عن تلك المساهمة: «إن مضت الأمم المتحدة قدما في القرار غير المدروس، فسوف أعمل على تشكيل تحالف ثنائي (بين الجمهوريين والديمقراطيين) لتعليق المساعدة الأميركية للأمم المتحدة أو تقليصها بشكل كبير».
وكان زعيم كتلة الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأميركي، تشارلز شومر، قد طالب إدارة الرئيس أوباما باستخدام الفيتو ضد مشروع القرار، معربا عن معارضته بشدة لممارسة الضغط على إسرائيل بقرارات أحادية الجانب. وأضاف السيناتور الديمقراطي «الامتناع ليس كافيا. كان يجب على الإدارة أن تنقض هذا القرار» موضحا أنه تحدث مباشرة مع مسؤولين في الإدارة الأميركية في هذا الشأن لكنهم لم ينصتوا إليه.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.