المخمل يغزو فعاليات النهار هذا الشتاء

إذا كان يخامرك أدنى شك أو تهيب من قماش المخمل على أساس أنه من مخلفات السبعينات، فإن المغنية ريهانا لا بد أن تغير رأيك. فقد صممت حذاء رياضيا «سنيكر» لصالح شركة «بوما» من المخمل ستطرحه لنا في الشهر المقبل. بهذا التصميم تؤكد لنا أن المخمل ليس قماش الجدات، ويمكن لأبناء جيلها تبنيه بكل أناقة وثقة، على الأقل هؤلاء الذين لهم القدرة على دفع مبلغ 150 دولارا أميركيا من أجل الحذاء.
بيد أن ريهانا ليست الوحيدة التي انتبهت لجماليات هذا القماش المثير للجدل وتحاول تبديد الشكوك حوله هذا الموسم، فكثير من بيوت الأزياء التي نذكر منها «برادا» و«برين» و«غوتشي» و«دولتشي أند غابانا» و«فالنتينو» وغيرهم سبقوها إلى ذلك باقتراحهم تصاميم جذابة في عروضهم لخريف وشتاء 2016 مركزين على دفئه الذي يناسب فصل الشتاء، وقدرته على خلق انعكاسات ضوئية متماوجة، وتعزيز عمق اللون عندما يكون من نوعية جيدة، وهو ما يجعله رائعا في مناسبات المساء والسهرة. المصمم توم فورد من أكثر عشاق هذا القماش، فهو يطرحه منذ عدة مواسم للمرأة والرجل على حد سواء، بل هو نفسه لا يتخلى عن سترات «توكسيدو» من المخمل في المناسبات المهمة. صحيح أنه يقترحه أحيانا بألوان متوهجة مثل الأحمر القاني أو البنفسجي أو الوردي بحيث لا يمكن للكل تقبلها بسهولة، لكن هذا لا يعني أن «توكسيدو» بلون كلاسيكي غامق لا يُميز صاحبه بل العكس تماما.
المخمل تاريخيا كان قماش الطبقات المخملية كما يدل اسمه، وحسب كتب الموضة التي تعيد بدايته إلى 206 قبل الميلاد، فإنه لم يتزعزع عن نخبويته إلا بعد الثورة الصناعية. وحتى في ذلك العهد، ظل بعيد المنال بالنسبة للطبقات الكادحة. مع الوقت وبعد تطور صناعة الأقمشة، وجد نفسه يتسلل من خلال بعض الـ«هيبيز» وباقة من نجوم الروك آند رول، إلى موضة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وكان يأتي غالبا بألوان غامقة تستحضر إما العهد الفكتوري أو الأسلوب القوطي لكن توحي دائما بالتفرد. وظل حاضرا إلى بداية التسعينات قبل أن يتراجع مرة أخرى لصالح الموسلين والجلود والحرير والكشمير وغيرها من الأقمشة التي رأى المصممون أنها تمنح خيارات وتعكس العصرية أكثر. منذ موسمين تقريبا حنت الموضة إلى حقبة السبعينات، وغرفت منها كثيرا، بدءا من أجواء الديسكو وألوانه المعدنية المتوهجة إلى تصاميمه الواسعة وأقمشته، التي كان المخمل واحدا منها. الجديد أنها أخرجته من مناسبات المساء والسهرة إلى مناسبات المساء ونسقته مع أقمشة أخرى للتخفيف من قوته، ضمن ما تنادي به الموضة منذ زمن بأن كل الأساليب مقبولة فيها على شرط أن يُطوعها كل واحد منا بأسلوبه الخاص ليخلق من التناقض تناغما يتوافق مع الذوق. من هذا المنطلق يمكن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير حتى يكتسب حداثة وديناميكية وينفض عنه غبار الماضي، كما يمكن اختيار فستان سهرة بأي لون وتنسيقه مع إكسسوارات لافتة للارتقاء به إلى هذه الحداثة. فالعهد الذي كانت فيه الموضة تُملي علينا أسلوبا معينا وتعتبر كل ما يختلف عنه نشازا وغير مقبول، ولى من دون رجعة. الإقبال على هذا القماش يثير الانتباه حاليا لأنه خيار شخصي أكثر منه توجه تفرضه الموضة وتحاول تسويقه بكل الوسائل، وليس ببعيد أن يتفاجأ المصممون أنفسهم بحجم الإقبال عليه من قبل شرائح الشابات سواء في قطع منفصلة مثل الجاكيت أو في أحذية بسيقان عالية. المأخذ الكبير عليه حتى الآن أنه يفتقد الأناقة عندما يكون بنوعية اصطناعية رخيصة، وبأنه دافئ، الأمر الذي يجعله غير مناسب لمنطقة الشرق الأوسط حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير. ولأن هذه السوق مهمة بالنسبة للمصممين العالميين، كان لا بد أن يراعوا هذه النقطة ويجدوا لها حلا، وهو ما تجسد في تصاميم واسعة، بعضها مستوحى من البيجاما، وبعضها على شكل «كابات» من دون أكمام وغيرها. والحقيقة أن المظهر يكون دائما باهرا يُفند كل المخاوف والشكوك، ويؤكد أن المخمل قماش وحين يُستعمل بالطريقة الصحيحة يمكن أن يكون للأبد. فسواء جاء على شكل فستان سهرة طويل يتماوج مع كل حركة أو جاكيت أو سترة توكسيدو، بل حتى على شكل حذاء يغطي كامل الساق أو حقيبة يد، فإنه يمنح إحساسا لذيذا بالدفء، وقلما يبدو نشازا أو منافيا للذوق أو الحداثة. الفضل يعود طبعا إلى تطور صناعة الأقمشة التي تجعله خفيف الوزن وخفيفا على النظر في الوقت ذاته، وهو ما خلصه من إيحاءاته السلبية القديمة.
أما الجميل في هذا الموسم فهو أننا لسنا مضطرات لشراء قطعة غالية الثمن لكي نتألق، فمحلات شعبية كبيرة مثل «زارا» تطرح قطعا «على الموضة»، أو بأسعار متوسطة مثل تلك التي تطرحها المصممة الأميركية أنا سُووي وغيرها يمكن أن تكون كافية لتحبيبنا فيه، على الأقل قبل أن نتحمس ونشتري قطعة غالية الثمن، سواء أكانت من «دولتشي آند غابانا» أو إيلي صعب أو «غوتشي». ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه الأخيرة هي التي قدمته لنا منذ بضعة أعوام من خلال فستان سهرة باللون الأخضر الزمردي أثار كثيرا من الإعجاب. وربما كان هو النقلة التي كان يحتاجها ليشهد نهضته الحالية.

همسات جانبية

> يبقى الأسود أو الأزرق النيلي من الألوان الكلاسيكية التي لا يؤثر عليها الزمن، لكنه إذا كان بنوعية مترفة وجيدة، فإن ألوان الجواهر مثل الأخضر الزمردي أو الأحمر الياقوتي والأزرق السفير تضفي كثيرا من الجمال والقوة عليها، خصوصا لدى انعكاس الإضاءة عليه.
> لأن معظم المصممين لا يبالغون في استعمال التطريزات والزخرفات عليه، فإنه يشكل أرضية لاستعمال إكسسوارات حسب الذوق الخاص. إذا كانت هذه الإكسسوارات بتصاميم ضخمة فإنها تعكس مواكبتك للموضة، أما إذا كانت ناعمة فإن تأثيرها مختلف، لأنها تسلط الضوء على التصميم، خصوصا إذا كان بخطوط بسيطة محددة وناعمة.

... للرجل

للرجل نصيب كبير من هذه الموضة، فهو على العكس من اعتقاد البعض بأنه مغرق في الجرأة، فإنه عندما يأخذ شكل سترة «توكسيدو» بلون غامق وياقة من الساتان يمكن أن يضج بالأناقة الكلاسيكية، بدليل أن جيمس بوند تألق فيها ولم يكن مظهره منافيا للذوق العام على الإطلاق. لكن انتبه أن يقتصر الأمر على السترة وحدها، لأن تنسيقها مع بنطلون من المخمل مظهر غير محبب أو منصوح به.