برج ترامب يجذب أنظار السياح ويشعل مواقع الإنترنت

هل سيقيم الرئيس المنتخب في نيويورك بدلاً من البيت الأبيض؟

برج ترامب
برج ترامب
TT

برج ترامب يجذب أنظار السياح ويشعل مواقع الإنترنت

برج ترامب
برج ترامب

بعد أن كان «ترامب تاور» (برج ترامب) في نيويورك يدير موقعا في الإنترنت باسمه، وكان الموقع الوحيد له، ظهرت مواقع وصفحات كثيرة في الشبكة العنكبوتية عن «برج ترامب». وأمس الاثنين، ظهر موقع جديد: «حرق العلم (الأميركي) أمام برج ترامب».
قبل ذلك، ظهرت مواقع مثل: «محاصرة برج ترامب» و«مظاهرة جلوس أمام برج ترامب» و«تسجيل خروج ودخول ترامب من برج ترامب».
طبعا، تحاشت المواقع أسماء ستجلب مشاكل إلى أصحابها، مثل: «نسف برج ترامب». حتى أمس الاثنين، سجل «غوغل» أكثر من 75 مليون إشارة إلى «برج ترامب».
ويشاهد الذي يزور المكان حشود عشرات الصحافيين، والسياح، ورجال الأمن، بالإضافة إلى شخصيات كبيرة تأتي لمقابلة ترامب.
من جهتها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» تصريحات سياح قادهم الفضول إلى المكان. وقالت كيت روغان، من بولتيمور (ولاية ماريلاند): «هذا قصر ملكي، وليس برجا»، تقصد «الملك ترامب». وقال هنري مباكبري من أتلانتا (ولاية جورجيا): «صارت أميركا عظيمة مرة أخرى» (إشارة إلى شعار ترامب خلال الحملة الانتخابية).
طبعا، يستمر البيت الأبيض رمز رئاسة الأمة. لكن، جذب ترامب الأنظار نحو هذا البرج الذي يتكون من 58 طابقا. وعنوانه: 725 «فيفث افنيو» (الشارع الخامس) وسط أبراج وعمارات شاهقة.
وفيه: «مطعم ترامب» و«مقهى ترامب» و«متجر هدايا ترامب».
بعد ظهر يوم 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، يوم تنصيب ترامب، يتوقع أن ينتقل الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض. لكنه كان قد قال إنه يخطط لقضاء بعض الوقت في نيويورك، حيث تعيش زوجته، ميلانيا، وابنهما بارون، 10 سنوات، على الأقل حتى نهاية العام الدراسي.
قال روجر ستون، من مستشاري ترامب، إن ترامب، بعد زيارة البيت الأبيض في الشهر الماضي ومقابلة الرئيس باراك أوباما، قال له إنه «معجب جدا» بمكان سكنه الجديد. وأضاف المستشار: رغم أن مساحة السكن في البيت الأبيض أقل من طابق ترامب (في أعلى البرج) بأكثر من 10.000 قدم مربع. وقال: «طبعا، يحب ترامب نيويورك أكثر من واشنطن. لكنه سيكون الرئيس. لهذا أتوقع أن يسكن في البيت الأبيض. لكن، بدلا من الذهاب في عطلة نهاية الأسبوع إلى منتجع كامب ديفيد، لا بد أن يأتي إلى نيويورك».
يوم الخميس الماضي، اقترح كاتب عمود في صحيفة «نيويورك تايمز» أن تشترى بلدية نيويورك برج ترامب، وذلك بسبب نفقات حماية البرج. حسب الصحيفة، تكلف حماية البرج دافعي الضرائب نيويورك أكثر من 500.000 دولار في اليوم الواحد.
ونقلت الصحيفة تصريحا مؤدبا على لسان بيل بلاسيو، عمدة المدينة، بأن ينتقل ترامب إلى منزله في فلوريدا.
وقالت سيندي ادامز، كاتبة عمود إشاعات في صحيفة «نيويورك بوست» وصديقة ترامب، إنها تفهم لماذا سيفضل ترامب نيويورك على واشنطن. وأشارت إلى أن أغلبية كبيرة في نيويورك صوتت ضده، مع المرشحة الديمقراطية هيلاري كلنتون.
وأضافت: «لا يوجد في البيت الأبيض مسرح راق مثل الذي في شقة ترامب. يتحدث الناس عن (ريد روم) /الغرفة الحمراء/ التاريخية في البيت الأبيض. لكن، يجلس فيها 11 شخصا، وتصير مزدحمة جدا».
منذ الرئيس فرانكلين روزفلت، لم يأت رئيس إلى نيويورك لقضاء عطلة نهاية الأسبوع «في الحقيقة، كان يذهب إلى هايد بارك، خارج نيويورك». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» على لسان الرئيس دونالد ترامب أن البيت الأبيض «قفص مذهب». لهذا، كان يحرص على العودة إلى مزرعته في سانتا باربرا (ولاية كاليفورنيا).
وفضل الرئيس جون كنيدي كيب كود (ولاية ماساشوستس)، حيث منزل آل كنيدي. وفضل الرئيس ريتشارد نيكسون كي بيسكين (ولاية فلوريدا). وفضل الرئيس لندون جونسون مزرعته في ولاية تكساس. وفضل الرئيس بوش الابن مزرعته في ولاية تكساس أيضا.
وقال ستيفن هيس، خبير في الشؤون الرئاسية في معهد بروكينغز في واشنطن: «لا أعتقد أن ترامب سيتمرد على التقاليد. أعتقد أنه يريد أن يعود في عطلة نهاية الأسبوع إلى منزله. لكن، طبعا، منزله عملاق في برج عملاق في مدينة عملاقة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».