الجناح المتشدد لـ«إخوان مصر» يطيح بقياداته التاريخية في الخارج

أبقى على عضوية المسجونين مؤقتًا خلال اجتماع مزعوم لأعلى هيئة في التنظيم

إبراهيم منير مسؤول التنظيم العالمي للإخوان في الغرب («الشرق الأوسط») - محمود عزت القائم بأعمال المرشد («الشرق الأوسط»)
إبراهيم منير مسؤول التنظيم العالمي للإخوان في الغرب («الشرق الأوسط») - محمود عزت القائم بأعمال المرشد («الشرق الأوسط»)
TT

الجناح المتشدد لـ«إخوان مصر» يطيح بقياداته التاريخية في الخارج

إبراهيم منير مسؤول التنظيم العالمي للإخوان في الغرب («الشرق الأوسط») - محمود عزت القائم بأعمال المرشد («الشرق الأوسط»)
إبراهيم منير مسؤول التنظيم العالمي للإخوان في الغرب («الشرق الأوسط») - محمود عزت القائم بأعمال المرشد («الشرق الأوسط»)

أطاحت قيادات الجناح المتشدد لجماعة الإخوان بمصر بقياداتها التاريخية في الخارج، في اجتماع مزعوم لمجلس الشورى العام وهو أعلى هيئة تشريعية في التنظيم، ورجح معنيون بشؤون الجماعة أن يكون قد تم عبر إحدى تقنيات التواصل الحديثة. وتقدمت لجنة أشرفت على عمل الجماعة خلال العام الماضي باستقالتها وانتخبت قيادة جديدة أبقت في عضويتها على القيادات التاريخية داخل السجون مؤقتا.
وقال محمد منتصر المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين المحسوب على جناح محمد كمال، الذي قتل خلال عملية أمنية في مصر مؤخرًا، إن مجلس شورى الجماعة، اجتمع في القاهرة أمس، في خطوة اعتبرتها قيادات سابقة محاولة لاختطاف تمثيل الجماعة وتعميقا لانقسامها.
ومنذ الإطاحة بجماعة الإخوان من السلطة عقب ثورة 30 يونيو 2013، تصدعت البنية التنظيمية للجماعة تحت وطأة الضربات الأمنية، وانقسمت إلى جناحين رئيسيين؛ جناح محسوب على القيادي التاريخي محمود عزت نائب مرشد الإخوان، القائم بأعماله منذ القبض على الدكتور محمد بديع المرشد العام، وجناح محمد كمال الذي يتبنى أفكارا راديكالية في مواجهة الأزمة الأكثر عنفا في تاريخ التنظيم الذي يمتد لنحو قرن من الزمان.
ولا يزال من غير المعلوم النتائج المترتبة على تلك الخطوة، لكن أعضاء سابقين في الجماعة أشاروا إلى أنها مرهونة بحجم تمثيل جناح محمد كمال في الوقت الراهن داخل الصف الإخواني، ومدى نجاحه في إقناع قيادات التنظيم الدولي بصحة إجراءاته.
وقال منتصر في بيان على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن اللجنة الإدارية العليا التي تولت مسؤولية إدارة التنظيم خلال العام الماضي، وهي لجنة مناوئة لجبهة القيادات التاريخية، تقدمت باستقالتها بعد أن «أتمت إجراء الانتخابات الداخلية من المستوى القاعدي وحتى مستوى مجلس الشورى العام»، بحسب بيان للجماعة.
وباستثناء الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، لم تعقد جماعة الإخوان المسلمين اجتماعا لمجلس الشورى العام إلا مرة واحدة عام 1995، وهو الاجتماع الذي داهمته قوات الأمن حينها. وعقدت لاحقا اجتماعات للمجلس عبر آلية تمرير القرارات، لكن مكتب إرشاد الإخوان (أعلى هيئة تنفيذية) الممثل في مجلس الشورى العام احتفظ بالدور الأكبر في إدارة التنظيم.
وتعتبر السلطات المصرية تنظيم الإخوان تنظيما إرهابيا، وتحمله مسؤولية معظم الأعمال الإرهابية التي وقعت في وادي النيل منذ 2013، كما تحاكم أبرز قياداته وتلاحق الباقين، مما جعل الإعلان عن اجتماع مجلس شورى الإخوان في القاهرة أمرا مثيرا للشكوك.
وتساءل الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد بان: هل من الممكن عقد اجتماع لمجلس شورى الجماعة في القاهرة في الظرف الراهن؟ هذا يعني أن الاجتماع شمل 118 قيادة (عدد أعضاء مجلس شورى الإخوان) أشك كثيرا، فالإخوان في ظل الظروف العادية ما كانوا ليعقدوا اجتماعا لمجلس الشورى، فضلا عن أن يكون معلنا عنه».
وأضاف بان قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه «وبغض النظر عن طبيعة أو ظروف الاجتماع فإن الهدف منه على ما يبدو هو اختطاف تمثيل الجماعة... جبهة محمد كمال ترغب في تأكيد حضورها وتمثيلها للإخوان في محاولة للإيحاء بوجود تأسيس ثالث للجماعة».
وتأسست الجماعة على يد حسن البنا مرشدها الأول عام 1928 في مدينة الإسماعيلية، لكنها تلقت ضربة أمنية موجعة عام 1949 وقتل مرشدها العام البنا في أول صدام مع السلطات المصرية، وظلت الجماعة خلال سنوات الخمسينات والستينات باستثناء الفترة التي أعقبت ثورة 23 يوليو 1952 محاصرة. وتعتبر فترة السبعينات، مع ميلاد جيل جديد في الجامعات، هي مرحلة التأسيس الثاني للإخوان على يد قيادات طلابية قادوا ما يعرف بالجماعة الإسلامية، قبل أن يقرروا لاحقا الانخراط في صفوف الجماعة التي أوشكت على التلاشي.
وقال محمد منتصر المتحدث الرسمي باسم الإخوان – جناح محمد كمال، إن مجلس الشورى العام المنتخب أقر، بأغلبية الأصوات، الفصل بين الإدارة التنفيذية للجماعة، الممثلة في مكتب الإرشاد، والهيئة الرقابية التشريعية، الممثلة في مجلس الشورى العام.
وقتل محمد كمال الذي تزعم الجناح المتشدد داخل الإخوان أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في عملية أمنية جنوب العاصمة المصرية القاهرة.
كما أشار إلى أن مجلس الشورى قرر احتفاظ الدكتور محمد بديع بموقعه كمرشد عام لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك احتفاظ جميع أعضاء مكتب الإرشاد المعتقلين في السجون بمواقعهم حتى خروجهم من السجن.
وتشير القرارات الصادرة عن اجتماع مجلس شورى الإخوان أمس إلى أن جناح محمد كمال بدأ بالفعل في اعتماد لائحة جديدة لإدارة التنظيم، وهي خطوة سبق أن دعت إليها لجنة شكلت لرأب الصدع بين جناحي عزت وكمال.
وقال منتصر إن مجلس الشورى العام انتخب من بين أعضائه رئيسًا ووكيلاً وأمينًا عامًا، لافتًا إلى أن الأمين العام الجديد انتخب من بين القيادات الشابة داخل الجماعة.
وقال المتحدث باسم الجماعة إن مجلس الشورى العام انتخب أعضاء جددا في مكتب إرشاد مؤقت للجماعة تحت اسم «المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين»، في خطوة تعمق الانقسام.
ورجح مراقبون أن تلقى هذه التطورات ردود فعل من قيادات الجماعة المسجونين، وعلى رأسهم مرشد الإخوان، وتوقعوا أن يعلق بديع أو قيادي آخر من قيادات المكتب على تلك التطورات خلال جلسات محاكمتهم.
وقرر مجلس شورى الإخوان أن يظل في حالة الانعقاد حتى الانتهاء من كافة الإجراءات والقرارات، مشيرا إلى أنه سوف يصدر عن الاجتماع بيان هام، لكنه لم يصدر حتى موعد كتابة هذا التقرير.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.