قد تكون أفغانستان تعاني لإيجاد العدد الكافي من المجندين للانخراط في صفوف قواتها المسلحة، لكنها تعج بالجنرالات. يضم الجيش الأفغاني نحو 1000 ضابط برتبة جنرال، جميعهم مسجلون في السجلات الرسمية، وهو عدد يفوق الجنرالات بالجيش الأميركي الذي يعادل عدد منتسبيه ثلاثة أضعاف الجيش الأفغاني. لكن ماذا عن عدد الجنرالات الأفغان خارج السجلات الرسمية؟
تضاف أسماء جديدة إلى القائمة بالجيش الأفغاني بوتيرة لا تعكس انتشاره على أرض المعركة، إذ تعاني القوات المسلحة، التي تشمل الجيش والشرطة المحلية والاستخبارات التي يبلغ إجمالي عددهم 350.000، من نزيف متواصل في أعداد الجنود المنتسبين، وتقلص في المساحات التي تسيطر عليها لصالح طالبان. في غضون ذلك، نادرا ما يحال جنرال للتقاعد، فحكومة الولايات المتحدة التي تعد الأكثر إلماما بأوضاع الجيش الأفغاني لا تستطيع تحديد عدد جنرالات الجيش هناك. وفي هذا السياق، صرح جون سبوكو، المفتش العام الأميركي لشؤون إعادة بناء أفغانستان: «ما زلنا نجهل أعداد منتسبي الجيش والشرطة والجنود الذين ندفع لهم رواتب»، مضيفا: «لا نعرف عدد الجنرالات، هذا أمر محزن بعد أن قضينا 15 عاما هنا».
وتعتبر وظيفة «الجنرال» جيدة إن استطعت الحصول عليها، نظرا لراتبها المرتفع والمزايا الإضافية والمعاش التقاعدي. فكيف يمكن أن تصبح جنرالا أفغانيا إذن؟ بعض «الجنرالات» تسلق سلم الترقيات الوظيفية على مدار عقود باجتهاده في عمله وبنجاته من عمليات التطهير التي تجريها الحكومات المتعاقبة، فيما سلك آخرون طرقا أسهل بكثير.
افترض أنك الابن الأصغر لأحد «أبطال» الحرب السابقين الذي مات مؤخرا، فبعد التعازي سوف تعينك الحكومة جنرالا، وكأن الرتب باتت جزءا من الإرث. وأصبحت الرتب العسكرية تمنح أيضا كتعبير عن الشكر للذكور من أقرباء الشخصيات الهامة. وفي العصر الذهبي لصناعة الجنرالات، تحديدا في زمن الحرب الأهلية في التسعينات، كانت الرتب العسكرية تمنح لأسرة الفقيد عوضا عن المال. وفي الحقبة التي أعقبت الانسحاب السوفياتي وسقوط النظام الشيوعي، ولد مئات الجنرالات بين ليلة وضحاها.
ومن الطريف أن صبغة الله مجددي، الرئيس المؤقت لحكومة المجاهدين التي ساندتها وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، لم يجد ما يقدمه للمقاتلين ذوي المظهر الرث الذين تزاحموا بغرفة الانتظار المرفقة بمكتبه سوى أن يأمر أحد مساعديه بأن يعد قائمه بمن يريد منهم أن يصبح جنرالا. وبحسب عبد الحافظ منصور الذي كان يدير التلفزيون الرسمي في تلك الفترة، وأصبح الآن عضوا بالبرلمان، فإن ابن الرئيس السابق كان يزور أحيانا استوديوهات التلفزيون وبيده قائمة بخط اليد بأسماء الجنرالات الجدد ليسلمها لمقدم نشرة الأخبار كي يعلنها. وأضاف أنه «في إحدى المرات، ضمت القائمة 38 جنرالا سجلوا بخط اليد على ورقة بيضاء من دون ختم ومن دون تحديد الجهة التي أرسلتها». أحيانا كان عدد الأسماء في القائمة يتزايد بشكل غامض في الطريق من مكتب الرئيس لاستوديو الأخبار، وفق منصور. وكرد فعل لإعلان هؤلاء الجنرالات في التلفزيون، كثير ما كانت الطوائف المعادية في أرجاء البلاد تسارع بإعلان جنرالاتها الجدد كرد على الطائفة الأخرى.
* خدمة «نيويورك تايمز»
صناعة الجنرالات في أفغانستان
الرتبة العسكرية تمنح مكافأة لأقرباء الشخصيات المهمة
صناعة الجنرالات في أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة