«معرض جدة الدولي للكتاب» يثري المحتوى العربي بـ6 كتب في الساعة

مليونية المؤلفات تعكس طغيان الشعر والرواية على اهتمامات المؤلفين العرب

جانب من الندوات التي أقيمت على هامش معرض جدة  ({الشرق الأوسط})
جانب من الندوات التي أقيمت على هامش معرض جدة ({الشرق الأوسط})
TT

«معرض جدة الدولي للكتاب» يثري المحتوى العربي بـ6 كتب في الساعة

جانب من الندوات التي أقيمت على هامش معرض جدة  ({الشرق الأوسط})
جانب من الندوات التي أقيمت على هامش معرض جدة ({الشرق الأوسط})

لم يخصص «المعرض الدولي للكتاب»، فعاليات لمناسبة ذكرى اعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية بالأمم المتحدة، الذي صادف أمس. وعزا ذلك إلى أن المعرض برمّته يحتفل باللغة العربية عبر تقديمه 1.5 مليون كتاب.
وأكد زوار للمعرض أن موضوعي الشعر والرواية ما زالا يسيطران على الإنتاج الأدبي في المعارض والملتقيات العربية، مشيرين إلى أن الرواية المتعلقة بالطفل تحتاج إلى مزيد من التخصص والاهتمام من قبل دور العرض والمسؤولين العرب في تقديم مواد تعليمية وثقافية تزيد من ارتباط الطفل العربي بلغته.
وذكر عبد اللطيف العمري الذي حضر إلى المعرض برفقة عائلته، أن المعرض وإن كان يشبع نهم محبي الثقافة من خلال تنوع الموضوعات المطروحة إلا أن توزيع الأركان داخل المعرض يشكل عبئًا عليه وعلى أسرته في التنقل بينها.
فيما أدى غياب جدول الفعاليات عن الموقع الإلكتروني الخاص بالمعرض على الإنترنت لليوم الرابع على التوالي إلى استياء أحمد الجابر أحد زوار المعرض الذي أكد أنه ومجموعة من المهتمين القادمين من خارج مدينة جدة يبحثون عن ورش العمل والفعاليات المصاحبة للمعرض، مبينا أن طغيان الشعر والرواية على المعرض يعكس اهتمام الأدباء والمؤلفين العرب في السنوات الأخيرة.
من جهته أشار محمد عابس المتحدث باسم معرض الكتاب الدولي بجدة إلى أن تزامن يوم اللغة العربية العالمي مع ثالث أيام المعرض يعد فرصة للأندية الأدبية ولجهات أخرى مشاركة في المعرض لتقديم أطروحات ومشاركات تعنى بيوم اللغة العربية، مبينًا أن أندية أدبية من مختلف مناطق السعودية أخذت اليوم العالمي للغة العربية بعين الاعتبار من خلال مشاركات وأطروحات ضمن الجلسات الحوارية المفتوحة لضيوف المعرض.
وأضاف عابس أن جلسة الإيوان الثقافي الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام السعودية ضمن البرنامج الثقافي لمعرض جدة الدولي للكتاب، ستحتفي باللغة العربية من خلال الحوار المفتوح لضيوف المعرض من التربويين والأدباء والشعراء والإعلاميين الذين يلتقون يوميا في أحد فنادق عروس البحر الأحمر، حيث ينتظر الإيوان تقديم قصائد تتعلق بيوم اللغة العربية إضافة إلى مقترحات الضيوف وأطروحاتهم في تعزيز اللغة العربية في المناهج التعليمية وعلى المستوى المجتمعي أيضًا.
وأكد المتحدث باسم المعرض أن تسجيل أي مخالفة لمؤلف أو دار نشر ستؤدي إلى الإغلاق واستبعاد المشاركة، كما سيتم إبلاغ اتحاد الناشرين وإدارات المعارض باسم الجهة المخالفة، مبينًا أن المعرض في دورته الحالية لم يسجل حتى الآن أي تجاوزات تتعلق بإدخال كتب غير مرغوبة أو مخالفات في الالتزام بشروط وأعراف المعرض الثقافي الذي تحتضنه جدة لمدة عشرة أيام حتى يوم الجمعة 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وأضاف عابس أن منصات توقيع الكتب تشهد الاحتفاء بتدشين 6 مؤلفات كل ساعة خلال الفترة المسائية من المعرض، منوها بجدولة المعرض لنحو 235 مؤلفا تناصف فيه السيدات المؤلفين الذكور في عدد الكتب الموقعة والمزمع توقيعها باقي الأيام، حيث يلتقي المؤلف بالزوار عبر منصات التوقيع الست داخل المعرض الذي يستقبل زواره عبر 6 بوابات تعمل على إحصاء الأعداد المتدفقة نحو المعرض إضافة إلى ناشطين ومتطوعين يساعدون الزوار على التوجه لمقاصدهم ودور النشر التي يبحثون عنها داخل المعرض.
من جانبه أوضح محمد عمر مسؤول جناح المؤلف السعودي أن الجناح يتيح للمؤلفين من خارج دور النشر فرصة طرح كتبهم عبر استقبال مؤلفات الكتاب والشعراء والأدباء الذين لا تتبع مؤلفاتهم لأي دار نشر، مشيرًا لتسجيل المعرض حتى أول أيامه 84 مؤلفا فيما تم إضافة 6 مؤلفات خلال أيام المعرض الأولى، جلها مؤلفات شعرية وروايات، وقال: آخر المؤلفات التي تمت إضافتها إلى المعرض أمس كان رواية «وتحدث النخل يومًا في وادي الرقراق» للدكتور أحمد الجفري الحاصل على جائزة خليفة التربوية أخيرًا.
وأضاف أن الإقبال خلال الإجازة الأسبوعية كان مشهودا في حين خف الإقبال أمس على مؤلفات الجناح، بيد أن تفاعل المؤلفين مع الزوار قد يعود باقي أيام المعرض.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».