معرض جدة الدولي للكتاب يسجل أكثر من 120 ألف زائر منذ افتتاحه

100 شاشة تفاعلية إلكترونية لسهولة البحث عن عناوين الكتب وأماكن تواجدها

لقطة من المعرض
لقطة من المعرض
TT

معرض جدة الدولي للكتاب يسجل أكثر من 120 ألف زائر منذ افتتاحه

لقطة من المعرض
لقطة من المعرض

سجل معرض جدة الدولي الثاني للكتاب أكثر من 120 ألف زائر تزامنًا مع نهاية اليوم الثالث، الذي يقام تحت رعاية أمير منطقة مكة المكرمة على أرض الفعاليات بأبحر الجنوبية وسط انسيابية متكاملة وعبر 6 بوابات مهيأة لاستقبال مختلف شرائح المجتمع.
وتهافتت مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات المهتمة بتقديم أبرز مناشطها الثقافية حيث استقطبت مكتبة الملك فهد العامة بجدة زوار معرض جدة الدولي للكتاب في نسخته الثانية بتعريفهم برؤيتها الثقافية والإسهام في صناعة رواد المعرفة والإبداع وتحقيق التطور المعرفي والتقدم الثقافي من خلال خدمات معلوماتية حديث وأنشطة ثقافية عصرية لأفراد المجتمع.
وأوضحت الدكتورة ماجدة عزت غريب الرئيس التنفيذي لمكتبة الملك فهد العامة، أن أهداف المكتبة تتمثل في غرس عادات القراءة وترسيخها لكل فئات المجتمع وتشجيع التعليم الذاتي لجميع الأعمار وإتاحة مصادر المعلومات لمجتمع المستفيدين لإمدادهم بالأحداث المحلية والعالمية وتعزيز الهوية الثقافية للمجتمع المحلي وتشجيع الاستثمار الإيجابي لأوقات الفراغ مثل الدورات التدريبية واللقاءات العلمية.
وأشارت إلى أن المكتبة تقدم منظومة من الخدمات بطابع عصري منها الخدمات التقليدية كالإرشاد والتوجيه وخدمات الأطفال والمراجع والخدمة المرجعية والإعارة الداخلية والخارجية والاطلاع الداخلي وخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة إضافة للخدمات الإلكترونية من إتاحة قواعد البيانات الإلكترونية داخليًا وخارجيًا وإتاحة استخدام مصادر المعلومات السمعية والبصرية إلكترونيًا مع إتاحة استخدام الإنترنت من داخل المكتبة وتقديم خدمة المسح الضوئي لمصادر المعلومات إلى جانب تقديم إمكانية حجز الفعاليات والأنشطة الثقافية عن طريق الموقع الإلكتروني للمكتبة.
وأفادت أن الخدمات المساندة التي تقدمها المكتبة كأنشطة ثقافية تدعم أهدافها وذلك من خلال توفير الإمكانيات والتسهيلات كغرف القراءة والدراسة ومناطق القراءة الحرة وقاعات البحث والمناقشات والتدريب وقاعات المعارض والأنشطة الثقافية لافتًا إلى البرامج والأنشطة التثقيفية التوعوية المتنوعة التي تخدم المكتبة من خلالها فئات المجتمع لتحقيق الاستثمار الإيجابي لأوقات الفراغ للفرد كالمحاضرات والدورات التدريبية وورش العمل والجولات التعريفية الداخلية للزوار وأندية الكتاب وبرامج القراءة الصيفية والألعاب والمسابقات.
ويوفر المعرض 100 شاشة تفاعلية إلكترونية تمكنت من رفع العناء والمشقة والتسهيل على الزائرين في البحث عن عناوين الكتب وأماكن تواجدها عبر إرشادهم بالخرائط التوضيحية لدور النشر والمؤلفين والممرات التي يسلكونها والبالغة مجموع أطوالها ما يقارب الـ4000 متر داخل المعرض، في حين تم تهيئة مواقف للسيارات تتسع لـ2500 سيارة وتنفيذ خطة مرورية شاملة لتسهيل الحركة المرورية للزوار طيلة فعاليات المعرض.
وكانت الأسر والعوائل الزائرة للمعرض على موعد مع التنويع والتجديد على مدار اليوم من خلال تزويد المناطق الخارجية للمعرض بكافة الخدمات من دورات مياه ومطاعم وأماكن للجلوس إضافة إلى استمتاعهم بمزيج متناغم من الحراك الثقافي والمعرفي.
ويفتح المعرض أبوابه للزوار من الساعة الـ10 صباحًا وحتى الـ10 مساءً يوميًا طيلة 11 يومًا مدة فعالياته، حيث سيكون لهذا الحدث الذي تستضيفه جدة الأثر البالغ لنشر الوعي والمعرفة وتثقيف المجتمع بما ينمي معارفهم ويشجعهم على المزيد من القراءة والاحتفاء بالكتاب والمهتمين به إلى جانب إثراء الحركة الفكرية والمعرفية واحتضان الأدباء والمثقفين وسط مشاركة مختلف الجهات الحكومية والأهلية والخدمية في إخراج هذا الحدث بالصورة التي تليق بمستوى الرسالة والأهداف التي يقدمها.
إلى ذلك فاجأت أرامكو السعودية زوار معرض جدة الدولي الثاني للكتاب بصور نادرة أرشيفية عن منطقة مكة المكرمة مستعرضة في جناحها الخاص بالمعرض ضمن أبرز الصور التي حملها أرشيف الشركة للمنطقة على مدار عقود طويلة من الزمن.
وأكد مستشار مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي طارق الخواجي أن المركز إحدى مبادرات أرامكو السعودية والمشاركة من خلاله في المعرض والذي يقدم منظومة من المسابقات الثقافية المتنوعة منوهًا بإشادة الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خلال افتتاحه فعاليات المعرض بالمركز الذي اعتبره صرحا معرفيا وثقافيا كبيرا ينتظر منه الشيء الكثير لدفع عجلة المجتمع المعرفي للأمام وأهمية الدور الذي يقوم به لتنمية وتطوير قدرات الجيل الجديد لمجابهة التحديات المستقبلية.
وبين أن أرامكو السعودية تشارك في هذه التظاهرة الثقافية عبر ذراعها الثقافية مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي، حيث شهد الجناح إقبالا كبيرًا من اليوم الأول من فعاليات المعرض مشيرًا إلى أن المركز يقدم هذا العام تجربة فريدة من خلال «المعرض الأرشيفي» الذي يستعرض الطابع الإنساني في تاريخ أرامكو السعودية الذي يمتد إلى أكثر من 80 عامًا من خلال الصور الأرشيفية التي تروي رحلة تطور هذه الشركة العملاقة.
وأضاف أن الجناح يقدم تعريفًا بمكتبة المركز التي صُممت لتُقدم تجربة تفاعلية تضم أكثر من 220000 كتاب باللغتين العربية والإنجليزية، بطاقة استيعابية تصل إلى نصف مليون كتاب ودورية ودراسة، كما ستكون حاضنة للمبادرات الثقافية كمسابقة القراءة الوطنية «اقرأ» التي انطلقت أول مرة في عام 2013 وكانت في البداية مقتصرة على المنطقة الشرقية ثم اتسعت في نسخها اللاحقة لتُغطي جميع مناطق المملكة، حيث شهدت النسخة الأخيرة مشاركة 18 ألف قارئ وقارئة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».