لوحة بيضاء وثلاثة أصدقاء يعيدون مسرحية «آرت» إلى لندن

بمناسبة مرور عشرين عامًا على أول عرض لها في بريطانيا

النجم روفوس سيويل بطل مسرحية «آرت» - جانب من البروفات النهائية لمسرحية «آرت» (تصوير: مانويل هارلان - أولد فيك) - ملصق مسرحية «آرت»
النجم روفوس سيويل بطل مسرحية «آرت» - جانب من البروفات النهائية لمسرحية «آرت» (تصوير: مانويل هارلان - أولد فيك) - ملصق مسرحية «آرت»
TT

لوحة بيضاء وثلاثة أصدقاء يعيدون مسرحية «آرت» إلى لندن

النجم روفوس سيويل بطل مسرحية «آرت» - جانب من البروفات النهائية لمسرحية «آرت» (تصوير: مانويل هارلان - أولد فيك) - ملصق مسرحية «آرت»
النجم روفوس سيويل بطل مسرحية «آرت» - جانب من البروفات النهائية لمسرحية «آرت» (تصوير: مانويل هارلان - أولد فيك) - ملصق مسرحية «آرت»

امتلأت مقاعد مسرح «أولد فيك» بلندن بمتفرجين متشوقين لإعادة عرض مسرحية الكاتبة الفرنسية ياسمين رزا «آرت»، التي تعود إلى خشبة المسرح بالعاصمة البريطانية بعد عشرين عاما من عرضها الأول في لندن الذي قوبل بنجاح ساحق، حققت خلاله عددا من الجوائز المسرحية المرموقة (أوليفيير البريطانية، وجائزة توني الأميركية، وموليير الفرنسية)، وجولة ناجحة في مسارح برودواي بأميركا.
المسرحية تعتمد على ثلاثة ممثلين وتمتد لتسعين دقيقة من دون توقف وبتغيير طفيف لعناصر الديكور، وهو ما يضع ثقل المسرحية واقعا على عاتق الممثلين الثلاثة، النجم البريطاني روفوس سيويل، وتيم كي، وبول ريتر، الذين يتنافسون على إبداع مسرحية من الطراز الأول تحفل بالضحكات العميقة واللمحات الذكية والتحليل الدقيق للصداقة والعلاقات الإنسانية وقليل من الفن.
قصة المسرحية تدور ظاهريا حول الفن، وهو ما يدل عليه العنوان، فشخصية «سيرج» التي يمثلها سيويل، محبة للفن، متابعة تياراته وأسماءه. تبدأ الأحداث مع زيارة «مارك» إلى «سيرج» في شقته، ويدور الحديث بينهما حول العمل والأصدقاء، ووقتها يقول «سيرج» بحماسة إنه اشترى لوحة فنية من أحد الغاليرهات، يسهب في الحديث عن الفنان وراء اللوحة: «إنتريوس»، وأهمية لوحته، وندرة لوحاته في الأسواق. يحضر اللوحة بفخر ويضعها أمام مارك ويقف متأملا، اللوحة بيضاء تماما بخطوط من اللون نفسه، ولكن «سيرج» يصر على أن هناك ألوانا أخرى، وأن للفنان هدفا عميقا من طلائها باللون الأبيض. النقطة التي تطلق أحداث المسرحية هي سؤال «مارك» عن سعر اللوحة، بهدوء يجيب سيرج «مائة ألف يورو». في تلك اللحظة ينفجر «مارك»، معلنا عن استغرابه من أن يدفع «سيرج» هذا المبلغ الضخم مقابل «هذا الهراء». يبدو رد فعل «مارك» غريبا للمتفرج ولـ«سيرج». ولكن من خلال مخاطبة الممثل للجمهور مباشرة نعرف تفاصيل أكثر حول ما يزعج «مارك» من قيام صديقه بشراء اللوحة. نعرف أيضا أن اللوحة ما هي إلا نقطة انفجار، لا تعني هي شيئا بحد ذاتها، لكنها تكشف الغطاء عن مشاعر وأفكار ظلت مخفية. ذات الأسلوب المسرحي يعري لنا أفكار «سيرج»، ولاحقا صديقهما الثالث «إيفان»، ونلاحظ مع ازدياد المناقشات الحامية بين الثلاثة، أن مخاطبة الجمهور مباشرة تقل، ويبدو أن ما كان الأصدقاء الثلاثة يخفونه بعضهم عن بعض بات في العلن.
يظهر على السطح ضيق «مارك» من استعراض الثقافة الفنية الذي يقع فيه «سيرج»، بينما يتحدث «سيرج» عن انزعاجه من زوجة «مارك»، ويتفق الاثنان على انتقاد «إيفان» الضعيف الشخصية. في الجدال نجد الأصدقاء الثلاثة وقد كونوا تشكيلات هجومية مشتركة، فـ«سيرج» و«مارك» يتحدان ضد «إيفان»، بينما يتفق «مارك» و«إيفان» على أن سيرج فقد حسه الكوميدي وهكذا. المناقشات الحادة بين الأصدقاء تحول اللوحة البيضاء إلى عنصر رابع، يستخدمه كل منهم ذريعة لانتقاد الآخرين، سواء أكان ذلك بنعتهم بأنهم غير مطلعين، وذلك ما يفعله «سيرج»، أو بوصف «سيرج» بأنه متعال، أو بأن يتخذ «إيفان» من اللوحة وسيلة لكسب رضا «سيرج»، ثم سرعان ما يتخلى عن ذلك الموقف، ليعلن أنه يكره اللوحة. العلاقات الإنسانية المتشابكة بين الثلاثة توضع تحت المجهر بفضل اللوحة البيضاء، وبفضلها أيضا يتغلب الثلاثة على كل المشاعر السلبية المخزونة داخل كل منهم ليعودوا إلى سابق مودتهم، في لحظة تبدو مجنونة يطلب «سيرج» من «مارك» أن يعيره قلمه ثم يلتفت إلى «مارك» وبنظرة للوحة يعطيه القلم، الدهشة وعدم التصديق يسودان، ولكن «مارك» يلتقط القلم ويرسم خطا أسود على اللوحة، فيما يبدو وكأنه انتصار للصداقة بينهما على ما يفرقهما. وقتها يرد «سيرج» ببساطة: «أنا جائع للغاية، لنذهب لتناول العشاء».
المسرحية عرضت للمرة الأولى في باريس في عام 1994 ثم في لندن عام 1996، وترجمت إلى 35 لغة. أخرجها المدير الفني لمسرح «أولد فيك» ماثيو واركوس بمناسبة مرور عشرين عاما على أول عرض لها بلندن.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».