1.5 مليون عنوان و450 دار نشر في معرض جدة للكتاب

حجب عدد من الكتب لمخالفتها الأنظمة واللوائح في السعودية

شهد المعرض ارتفاع عدد المشاركين في الفعاليات والبرامج الثقافية وورش العمل  (تصوير: عدنان مهدلي) - اقبال كثيف شهده المعرض
شهد المعرض ارتفاع عدد المشاركين في الفعاليات والبرامج الثقافية وورش العمل (تصوير: عدنان مهدلي) - اقبال كثيف شهده المعرض
TT

1.5 مليون عنوان و450 دار نشر في معرض جدة للكتاب

شهد المعرض ارتفاع عدد المشاركين في الفعاليات والبرامج الثقافية وورش العمل  (تصوير: عدنان مهدلي) - اقبال كثيف شهده المعرض
شهد المعرض ارتفاع عدد المشاركين في الفعاليات والبرامج الثقافية وورش العمل (تصوير: عدنان مهدلي) - اقبال كثيف شهده المعرض

في أول أيام الدورة الثانية لمعرض جدة الدولي للكتاب بدا أن هناك تنوعا في عدد المشاركين في الفعاليات عما كان عليه العام الماضي، وهو ما أشار إليه محمد عابس، المتحدث باسم معرض جدة الدولي الثاني للكتاب في حديث لـ«الشرق الأوسط»، حيث أشار لارتفاع عدد المشاركين في الفعاليات والبرنامج الثقافي وورش العمل من الأدباء والكتاب السعوديين، والعرب المقيمين، ليس في جدة بل في عدد من المدن السعودية، لافتا أن هناك نحو 20 محاضرة بمعدل محاضرتين يوميا، إضافة إلى 6 ورش عمل في كافة الفنون، إضافة إلى وجود أجنحة خاصة بالطفل أشرفت عليها وزارة التعليم ممثلة في تعليم جدة.
واستطرد عابس، أن إقامة المعرض تسهم وبشكل كبير في دعم حراك المؤلفين، الذين يحرصون على أن تتزامن مواعيد إصدار كتبهم مع مواعيد انطلاق معرضي «جدة، أو الرياض»، وذلك بهدف ضمان توزيع أكبر عدد من نسخ المؤلف.
وعن حجم مبيعات الكتب المتوقع للمعرض الثاني، قال المتحدث، إن التوقعات كبيرة لهذا العام بحكم التنوع الكبير للمعروض، وطريقة عرض وتوزيع الدور مختلفة، إضافة إلى تنوع المسارات، والعدد الكبير لدور النشر المشاركة: «كل تلك أمور تدفع لأن يكون حجم البيع ضعف ما كان عليه في العام الماضي (3 ملايين دولار)، إلا أنه من الصعب تحديد القيمة المالية لحجم المبيعات».
ويتوقع مهتمون في الشأن الثقافي، أن يحظى المعرض بإقبال من جميع قاطني جدة والمدن القريبة منها، خاصة أن كمية الكتب المعروضة وتنوعها يساعد في إقبال الزوار حتى أولئك غير المهتمين بالقراءة، لذلك يعول أن تزيد اللجنة المنظمة لمعرض جدة بتمديد الفترة الزمنية المتاحة لإقامته، وذلك بهدف إعطاء فرصة أكبر للمهتمين بزيارته، مما سيرفع من قيمة المعرض ومبيعاته إلى ملايين الدولارات، ليتفوق عما سجله المعرض العام الماضي من مبيعات.
ومن جانب آخر أوقفت وزارة الثقافة والإعلام، عددًا من الكتب، التي كان من المقرر أن تشارك ضمن 1.5 مليون عنوان مشارك في المعرض، لمخالفتها الأنظمة واللوائح التي أقرتها الوزارة لعموم دور النشر المشاركة في المعرض والتي تزيد عن 450 دار نشر.
وفي حين لم يفصح عن أسباب عدم فسح الكتب، إلا أن المتحدث باسم معرض جدة الدولي الثاني للكتاب أكد لـ«الشرق الأوسط» أن عدد الكتب التي لم تفسح قليل ولا يؤثر على قيمة المعرض وحجم ما هو معروض من الكتب التي قدمتها دور النشر في معرض العام الحالي، ولن يكون له أي مردود سلبي على تفاعل الزوار للمعرض.
وأضاف عابس، أنه من الطبيعي أن تفسح بعض الكتب وترفض أخرى، لعدم مطابقتها الشروط المقررة للعرض، خاصة أن عملية الفسح تكون من القنوات الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام في السعودية، لافتا أنه من حق وزارة الثقافة والإعلام حق التدخل لسحب أي كتاب يحدث مشكلة خلال المعرض وذلك بهدف إنجاح المعرض.
وكانت الوزارة، أكملت إجراءات عملية الرقابة على الكتب الواردة للمعرض وتأكدت من استيفائها لمعايير النشر بالمملكة قبل انطلاق الفعاليات التي دشنها أول من أمس الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، وحرصت الوزارة قبل انطلاق الفعاليات بالتنسيق مع دور النشر بعدم عرض كتب تمس الثوابت الدينية والأمن الفكري والسياسة العامة للدولة، وقامت بالإشراف على المعرض منذ اللحظات الأولى.
مما يذكر أن المعرض يفتح أبوابه يوميًا للزائرين من الساعة الـ10 صباحًا وحتى العاشرة مساءً وسط توقعات أن يشهد زيارة أكثر من 70 ألف زائر يوميًا من مختلف شرائح المجتمع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».