هاشتاغ «وداعًا عيسوي» يرثي أحمد راتب

ترك أكثر من 280 عملاً فنيًا ما بين الكوميديا والدراما

أحمد راتب في أحد أشهر أدواره مع الفنان الراحل فؤاد المهندس في مسرحية «سك على بناتك» - الفنان أحمد راتب في أحد أدواره التلفزيونية  - الفنان أحمد راتب
أحمد راتب في أحد أشهر أدواره مع الفنان الراحل فؤاد المهندس في مسرحية «سك على بناتك» - الفنان أحمد راتب في أحد أدواره التلفزيونية - الفنان أحمد راتب
TT

هاشتاغ «وداعًا عيسوي» يرثي أحمد راتب

أحمد راتب في أحد أشهر أدواره مع الفنان الراحل فؤاد المهندس في مسرحية «سك على بناتك» - الفنان أحمد راتب في أحد أدواره التلفزيونية  - الفنان أحمد راتب
أحمد راتب في أحد أشهر أدواره مع الفنان الراحل فؤاد المهندس في مسرحية «سك على بناتك» - الفنان أحمد راتب في أحد أدواره التلفزيونية - الفنان أحمد راتب

يبدو أن عام 2016 يأبى أن يرحل دون أن يرحل معه نجم آخر من نجوم الفن والكوميديا الذين أدخلوا البهجة على قلوب الملايين حول العالم العربي. فقد غيّب الموت صباح أمس الفنان أحمد راتب بعد أزمة قلبية حادة ألمت به فقد على إثرها الحياة عن عمر ناهز 67 عاما.
وكان الفنان الكبير قد نقل إلى مستشفى بحي المهندسين، وهو يعاني ضيقا في التنفس؛ مما اضطره إلى التوقف عن العرض المسرحي «بيت السلطات»، وجرى الاستعانة بأحد النجوم الشباب للقيام بدور راتب. وشيعت جنازة الفنان من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول) في حضور عدد كبير من محبي الفنان وأصدقائه من الوسط الفني، تصدرهم نجم الأكشن أحمد السقا وأحمد بدير، وإيهاب فهمي، وأيمن عزب، ومنير مكرم، ومحمد فريد، وأحمد حلاوة، وعمرو رمزي، بخلاف عائلته وعدد من محبيه.
ترك راتب أكثر من 280 عملا فنيا لعب فيها ببراعة أدوار الكوميديا والدراما باقتدار، واشتهر بكونه ممثلا أساسيا في أعمال وأفلام الفنان الكبير الزعيم عادل إمام، ويمتد مشوار الفنان الراحل في السينما والمسرح والتلفزيون إلى أكثر من 35 عامًا.
وعلق عادل إمام، على رحيل صديقه الفنان الكبير، في تصريحات صحافية قائلا: «مساحة الحزن في حياتنا باتت أكثر اتساعًا من الفرح، بالأمس ودعنا نور الشريف، ومحمود عبد العزيز، واليوم نودّع الفنان المحترم، أحمد راتب.. أنا واحد من جمهوره وهو فنان بألف وجه، عاش هادئ الطباع، ومات في صمت، لكن أنا متأكد أن أعماله وتاريخه المهني المشرف، سوف يضمنان له البقاء في عقل ووجدان الجمهور».
بينما قال أشرف زكي، نقيب الفنانين المصريين لـ«الشرق الأوسط»: نحن في حالة يرثى لها، لم نكد نستوعب خبر وفاة زبيدة ثروت لنعرف بوفاة أحد أعمدة الفن المصري أحمد راتب، رحمه الله رحمه واسعة، كان رمزا للفنان المحترم والمجتهد، لكن اليوم سعادتنا بتقدير الجمهور لهؤلاء الفنانين أكبر من الحدث الجلل».
كانت بداية انطلاقة راتب في مطلع الثمانينيات، حيث شارك في عدد من الأفلام الكوميدية بأدوار مساعدة وبطولة مشتركة منها «قاتل ما قتلش حد» مع عادل إمام وآثار الحكيم، و«يا رب ولد» مع فريد شوقي وكريمة مختار وسمير غانم، فدوره بوصفه فنانا بوهيميا «عيسوي» لا ينسى ويعد من علامات السينما المصرية، أما فيلمه «على باب الوزير» مع عادل أمام ويسرا وسعيد صالح فقد كان لافتا للمنتجين الذين سعوا لإشراكه في مزيد من البطولات الجماعية في تلك الفترة. ولا يمكن نسيان دور سامح الذي جسده في مسرحية «سك على بناتك» أمام العملاق الراحل فؤاد المهندس وشريهان وسناء يونس، كان ذلك في 1984.
وصل «راتب» إلى مرحلة النضج مبكرًا وتفوق على نفسه في أفلام «الإرهاب والكباب» و«طيور الظلام» و«المنسي» أمام الزعيم عادل إمام. ودور زعيم الإرهابيين في فيلم «الإرهاب» مع عادل إمام والراحل صلاح ذو الفقار، وكان ذلك في النصف الأول من التسعينات، كما قدم دورا مميزا في فيلم «الدنيا على جناح يمامة» مع الراحل محمود عبد العزيز في نهاية الثمانينات.
واشتهر أحمد راتب كذلك بدور الموسيقي الراحل محمد القصبجي، الذي جسده في مسلسل «أم كلثوم» عام 2000، وهو من أبرز أدواره على الإطلاق، ونجح من خلال هذا الدور في إعادة اكتشاف القصبجى من جديد، هذا الدور جمع فيه بين الجانب الإنساني والفني والعاطفي.
وقد نعى الفنان راتب عدد كبير من الفنانين والمطربين ومحبيه من مصر ودول الخليج العربي، حيث غردت المطربة التونسية لطيفة، ناعية وفاة أحمد راتب وزبيدة ثروت قائلة: «أعطوا للفن الراقي والجميل وشاركونا أحاسيسنا ووجداننا، شكرا لكم يا رائعين ورحمكم الله برحمته الواسعة. من مثلكم لا يموت». بينما كتبت هند صبري في تغريدتها: أحمد راتب في ذمة الله، ممثل قدير ومهم وله طابع خاص جدا. الله يرحمه ويصبر أهله»، فيما ودعه عدد من أعضاء موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي: «#وداعا_عيسوي».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».