مارغريت ثاتشر تتصدر قائمة أكثر النساء نفوذًا في بريطانيا

المرأة الحديدية {تعود} بعرض لأزيائها في متحف «فيكتوريا آند ألبرت»

البارونة ثاتشر في حفل استقبال بقصر باكنغهام عام 2004 - ثلاث قطع من خزانة مارغريت ثاتشر تنضم لصالات الأزياء بمتحف «فيكتوريا آند ألبرت»
البارونة ثاتشر في حفل استقبال بقصر باكنغهام عام 2004 - ثلاث قطع من خزانة مارغريت ثاتشر تنضم لصالات الأزياء بمتحف «فيكتوريا آند ألبرت»
TT

مارغريت ثاتشر تتصدر قائمة أكثر النساء نفوذًا في بريطانيا

البارونة ثاتشر في حفل استقبال بقصر باكنغهام عام 2004 - ثلاث قطع من خزانة مارغريت ثاتشر تنضم لصالات الأزياء بمتحف «فيكتوريا آند ألبرت»
البارونة ثاتشر في حفل استقبال بقصر باكنغهام عام 2004 - ثلاث قطع من خزانة مارغريت ثاتشر تنضم لصالات الأزياء بمتحف «فيكتوريا آند ألبرت»

عادت رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر للأضواء مجددا، بعد أن تصدرت قائمة أكثر النساء نفوذا في بريطانيا خلال الـ70 عاما الأخيرة، والتي أعدها برنامج «ساعة النساء» (وومنز آور) على المحطة الرابعة لإذاعة «بي بي سي». كما أعلن متحف «فيكتوريا آند ألبرت» عن معرض لأزياء المرأة الحديدية، متضمنا بعض القطع التي ميزت أسلوب ملابس ثاتشر، وأصبح مرتبطا بشخصيتها.
وقد يكون الاختيار مثيرا للبعض، فرئيسة الوزراء السابقة شخصية مثيرة للجدل، ولها محبون وأيضا كارهون، وهو ما أشار إليه البرنامج، حيث أكد أنه سواء «أحب الناس ثاتشر أو كرهوها» فإن تأثيرها على النساء في بريطانيا لا يمكن إنكاره. وأشار متحدث للمحطة في حديث لصحيفة «ديلي تلغراف» إلى أن الجدل حول القائمة أمر طبيعي.
كما علقت رئيسة لجنة المحلفين على اختيار ثاتشر بقولها: «من الصعب أن نفكر بامرأة أخرى كان لها تأثير أكبر على النساء في بريطانيا في العقود السبعة الماضية، أكثر من البارونة ثاتشر. فأي شخص ولد في الثمانينات وبعدها، كبر وفي اعتقاده أنه من الطبيعي أن تقود امرأة البلاد، وأي شخص فوق الثامنة عشرة عاش خلال فترة حكمها قد تأثر بأسلوبها في الحكم وسياساتها غير المهادنة».
ونقل برنامج «ساعة النساء» أمس مناقشات حول القائمة وعضواتها، وأيضا حيثيات الاختيار التي ركزت على إنجازات وتأثير كل واحدة من الشخصيات السبع على النساء عامة. والطريف أن الاختيارات التي حددتها لجنة من المحكمين، لم تشمل شخصيات مثل الملكة إليزابيث أو رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ولكنها شملت شخصية خيالية وهي بريدجيت جونز، بطلة رواية «مذكرات بريدجيت جونز» (1996) للكاتبة هيلين فيلدينغ، والتي صورت حياة امرأة عزباء في وسط من «الأزواج المتغطرسين».
شملت القائمة أيضا الناشطة النسوية جيرمين غرير، والنائبة العمالية باربرا كاسل، التي ناضلت من التساوي في الأجور بين النساء والرجال.
الجدير بالذكر أن البرنامج يحتفل بعامه الـ70، وأقامت دوقة كورنوال كاميلا حفل استقبال بالمناسبة في قصر باكنغهام، وتم تسجيل البرنامج خلال الاحتفال. وأشارت أليس فينستاين معدة البرنامج إلى أن القائمة تهدف «لإلقاء الضوء والاحتفال وإطلاق مناقشة حول ما حققته النساء ومدى تأثيرهن على المجتمع البريطاني».
ويأتي إصدار القائمة مع عرض قطع أيقونية من ملابس ثاتشر في قاعات الأزياء بمتحف «فيكتوريا آند ألبرت»، وهي قطع ارتدتها ثاتشر في لحظات مهمة من حياتها العامة والخاصة. ويرى خبراء المتحف أن تلك القطع تلقي الضوء على خزانة امرأة من أهم الشخصيات في التاريخ السياسي المعاصر. وكان أبناء البارونة ثاتشر قد تبرعوا بستة أطقم من خزانتها للمتحف في بداية هذا العام. ويضم العرض أيضا رسومات للمصمم إيان توماس للفستان الذي ارتدته ثاتشر في حفل رسمي عام 1979، وهو أول حفل لها بوصفها رئيسة وزراء. والمعروف أن توماس صمم أزياء البارونة ثاتشر خلال سنواتها الأولى في الحكم.
من الأشياء اللافتة في شخصية ثاتشر هو استخدامها للملابس لتعكس شخصيتها بوصفها رئيسة حكومة، وهو ما ذكرته في مذكراتها التي صدرت في عام 1993 «سنوات داوننغ ستريت» حيث كتبت: «وجهت اهتماما خاصا بالملابس كما تفعل كل النساء، ولكنه كان من المهم جدا أن أترك الانطباع الصحيح في كل مناسبة سياسية».
من جانبها علقت كلير ويلكوكس، كبيرة المنسقين في المتحف على العرض بقولها: «بوصفها امرأة في وسط ذكوري، استخدمت البارونة ثاتشر خزانة ملابسها أداة استراتيجية لتعكس السطوة والثقة بالنفس. كانت تدرك قوة الصورة وبخاصة في عالم تتحكم فيه وسائل الإعلام، وبطريقتها كانت مثالا لنساء في مراكز القيادة من حول العالم. ولا تعكس أزياء ثاتشر فقط جوانب مهمة من شخصيتها، بل أيضا التوقيت والمناسبات التي ظهرت فيها بتلك الأزياء والتي كانت مناسبات مهمة في التاريخ الاجتماعي والسياسي في القرن العشرين».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».