«رعد الشمال» و«كأس أمم أوروبا» يتصدران بحث السعوديين في «غوغل» عام 2016

انسحاب بريطانيا من أوروبا كان الحدث الأكثر رواجًا في الإمارات

«رعد الشمال» و«كأس أمم أوروبا» يتصدران بحث السعوديين في «غوغل» عام 2016
TT

«رعد الشمال» و«كأس أمم أوروبا» يتصدران بحث السعوديين في «غوغل» عام 2016

«رعد الشمال» و«كأس أمم أوروبا» يتصدران بحث السعوديين في «غوغل» عام 2016

تصدرت أحداث «رعد الشمال» وبطولة كأس أمم أوروبا قائمة عمليات البحث الأكثر رواجًا في السعودية في محرك البحث الشهير «غوغل» خلال العام الحالي 2016، وذلك بحسب ما أعلنته الشركة العالمية أمس في تقريرها السنوي الذي تقدمه الشركة ضمن نظرة شاملة على الأحداث الكبرى لهذا العام استنادًا لعمليات البحث التي تم إجراؤها في المملكة.
فيما تصدرت بطولة كأس أمم أوروبا وبرنامج الألعاب «بيوكيمون غو» قائمة عمليات البحث الأكثر رواجًا في الإمارات، وفقًا للتقرير نفسه. وفي فئة الفعاليات كان انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الحدث الأكثر بحثًا.
وبالعودة إلى السعودية، عرضت النتائج اهتمام المستخدمين بالبحث عن فرص العمل، حيث كانت بوابة العمل الوطني «طاقات» أعلى قائمة البحث عن الاستعلام لعام 2016 تليها دورة الألعاب الأولمبية هذا العام في ريو دي جانيرو، وفي فئة الفعاليات كان «رعد الشمال»، وهي التدريبات العسكرية التي جرت في المملكة الحدث الأكثر بحثًا، يليه كأس الأمم الأوروبية لعام 2016 ودوري المحترفين السعودي.
وشملت الشخصيات العامة الأكثر بحثًا في السعودية المشاهير والشخصيات السياسية، مثل نزار قباني والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أما في فئة البرامج التلفزيونية الأكثر روجًا في البحث فقد تصدر برنامج «شباب البومب 5» القائمة، يليه المسلسل التركي «بنات الشمس» والمسلسل الخليجي «حال مناير».
وقالت جويس باز، مسؤولة الاتصالات لشركة غوغل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن النتائج: «نتطلع إلى هذا الوقت من السنة طوال العام، حيث نشارك أهم الأحداث والأبحاث التي شغلت مستخدمينا مدى العام، فتعتبر هذه المعلومات نظرة فريدة من نوعها عن ما لفت نظر وفضول مستخدمي محرك بحث (غوغل) في السعودية والعالم».
فيما قالت سلمى الشاهد، مسؤولة الاتصالات في شركة غوغل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لـ«الشرق الأوسط» إن نتائج البحث تعطي نظرة شاملة حول حركة الأكثر رواجًا بين مستخدمي محرك البحث، وهي تعتبر مهمة بالنسبة للمستخدمين الذين أبدوا اهتمامهم حول نتائج هذه التقارير، مشيرة إلى أن هذه تعتبر مرجعا لأهم الأحداث التي لفتت انتباه المستخدمين.
وأضاف: «سجلت لعبة البوكيمون غو أعلى عبارة سجلت رواجًا حول العالم، فيما كانت الانتخابات الأميركية من أكثر الأخبار العالمية رواجًا حول العالم في محرك (غوغل) خلال العام الحالي».
وتضمنت نتائج البحث الأكثر رواجًا في السعودية على محرك البحث «غوغل» لعام 2016، وهي «رعد الشمال، كأس أمم أوروبا، واليوم العالمي للمرأة، واليوم الوطني، والأمير تركي بن سعود الكبير، ودوري جميل السعودي للمحترفين، وكوبا أميركا 2016، ومباراة السعودية واليابان، ويوم الأرض»، فيما شهدت الأبحاث الأكثر رواجًا في المملكة للعام الحالي كلاً من موقع «طاقات» البوابة الوطنية للعمل، والألعاب الأولمبية 2016 في ريو دي جانيرو، ولعبة بوكيمون غو، وأغنية بربس، وبرنامج شباب البومب5، وسعر الدولار اليوم.
فيما عرضت النتائج في الإمارات الاهتمام عن بطولة أمم أوروبا لكرة القدم، حيث كانت في أعلى قائمة البحث عن الاستعلام لعام 2016، تليها لعبة بوكيمون غو، وفي فئة الفعاليات كان انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الحدث الأكثر بحثًا، يليه حفل جوائز الأوسكار لعام 2016 وعيد الأضحى.
وشملت الشخصيات العامة الأكثر بحثًا في الإمارات المشاهير والشخصيات السياسية، مثل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب والممثلة الهنديّة براتيوشا بانيرجي، أما في فئة الوجهات الأكثر رواجًا في البحث، تصدرت «آي إم جي عالم من المغامرات» المرتبة الأولى، تليه «ليغولاند دبي» وأوبرا دبي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)