عراقيون يؤدون «صلاة الغائب» على البرلمان العراقي

مظاهرات تطالب برفض إعادة انتخاب الوجوه التي أنتجت الحكومة الحالية

متظاهرون يحملون نعشا وهميا يرمز إلى البرلمان العراقي خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحملون نعشا وهميا يرمز إلى البرلمان العراقي خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

عراقيون يؤدون «صلاة الغائب» على البرلمان العراقي

متظاهرون يحملون نعشا وهميا يرمز إلى البرلمان العراقي خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحملون نعشا وهميا يرمز إلى البرلمان العراقي خلال مظاهرة في بغداد أمس (أ.ف.ب)

مع بدء العد التنازلي للانتخابات البرلمانية في العراق في الثلاثين من أبريل (نيسان) الحالي، شهدت بغداد وعدد من المحافظات مظاهرات أمس تطالب بالتغيير وعدم إعادة انتخاب الوجوه الحالية في البرلمان العراقي الحالي الذي أنتج الحكومة الحالية.
وفي ساحة «الفردوس» الشهيرة وسط بغداد، التي شهدت في التاسع من أبريل عام 2003 سقوط تمثال الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين إيذانا بالتغيير الشامل بعد حقبة سياسية دامت 35 عاما، أدى المتظاهرون «صلاة الغائب» على البرلمان العراقي الحالي الذي توشك دورته الحالية على الانتهاء. وحمل المتظاهرون نعشا رمزيا للبرلمان لـ«ضمير مجلس النواب»، وهتفوا بعد أداء الصلاة مرددين بصوت واحد «للمزبلة للمزبلة هذا مصير السفلة»، على حد قولهم. كما حمل المتظاهرون لافتات كتب عليها «نعم.. نعم للديمقراطية، وكلا.. كلا للديكتاتورية».
وقال منظم المظاهرة ومنسق لجان الحراك الشعبي، جلال الشحماني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه المظاهرة هي جزء من سلسلة مظاهرات يقوم بها الحراك الشعبي من أجل التغيير الحقيقي والفاعل، بعد أن جربنا طوال السنوات الماضية هذه الوجوه التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه اليوم». وردا على سؤال عن كونه يقود مظاهرة ضد البرلمان وهو مرشح بإحدى القوائم التي تضم عددا كبيرا من الوجوه القديمة، قال الشحماني «إنني في حال فوزي بالانتخابات سأدخل قاعة البرلمان وأنا أحمل على صدري اللافتة نفسها التي حملتها طوال السنوات الثلاث الماضية، وهي (كلا كلا للامتيازات ولقانون تقاعد البرلمان)»، مشيرا إلى أنه «لا يؤيد إعادة انتخاب القادة البارزين الآن، بمن فيهم نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي، وإن كان هذا الأمر يبقى بيد الشعب العراقي». وأشار إلى أن «الهدف من هذه المظاهرات هو لفت نظر المواطنين إلى الأهمية القصوى للتغيير، بالإضافة إلى أننا نريد أن نؤكد أن حراكنا يبقى قائما لمعالجة كل المشاكل والأزمات التي تعاني منها البلاد، لا سيما أننا نجحنا خلال الفترة الماضية في تحقيق العديد من المكاسب بتأييد واسع من قبل الإعلام والمرجعيات الدينية والمواطنين».
وبشأن استمرار المظاهرات خلال الفترة المقبلة، قال الشحماني إن «هناك الكثير من المشاكل والأزمات التي تعانيها البلاد، القسم الأكبر منها موروث عن البرلمان والحكومة الحاليتين، وأود هنا الإشارة إلى أنه لولا الحراك الشعبي والمظاهرات التي قمنا بها وأحرجنا الطبقة السياسية لما تحقق بعض المنجزات، مثل قانون التقاعد الموحد، رغم أن البرلمان والحكومة معا حاولا الالتفاف على الإرادة الشعبية من خلال تثبيت الفقرتين 37 و38 من القانون الخاص بالامتيازات الخاصة بهم، وهو ما سنستمر في التحشيد ضده ورفضه بالكامل». وأوضح أنه «من بين أهم الأمور التي سنستمر في الضغط من أجلها خلال الفترة المقبلة إصدار التشريعات الخاصة بالضمان الاجتماعي والصحي وإنهاء خط الفقر للعراقيين».
من جهته، أكد القيادي في التيار المدني الديمقراطي، حسين درويش العادلي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المؤشرات واستطلاعات الرأي تدل على أن هناك رغبة كبيرة لدى الجماهير في التغيير وإعادة إنتاج العملية السياسية بعيدا عن المبادئ التعريفية المتمثلة في المحاصصة العرقية - الطائفية والحزبوية التي ابتلعت الدولة وجزأت الأمة». وأضاف العادلي أن «التحالف المدني الديمقراطي طرح شعارا مركزيا لحملته وهو (نحن البديل) لأننا سنعمل على تغيير معادلة (المكون - السلطة - دولة الأحزاب)، التي ترتبت عليها كل الكوارث التي نعانيها، إلى معادلة (الأمة - الدولة - أحزاب الدولة) من خلال الأغلبية السياسية، بهدف خلق نظام سياسي وطني مدني».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.