ليبيا: عراقيل تعترض إجلاء المحاصرين في بنغازي

رغم إعلان وقف إطلاق النار

ليبيا: عراقيل تعترض إجلاء المحاصرين في بنغازي
TT

ليبيا: عراقيل تعترض إجلاء المحاصرين في بنغازي

ليبيا: عراقيل تعترض إجلاء المحاصرين في بنغازي

قال مسؤولان من الأمن والهلال الأحمر إن عشرة أشخاص فقط غادروا حيًا محاصرًا في مدينة بنغازي بشرق ليبيا مساء أول من أمس، وذلك بعد أن قالت القوات المحيطة بالمنطقة إنها ستتيح ممرًا آمنًا لخروج المدنيين المحاصرين.
ويحاصر الجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق البلاد حي قنفودة منذ شهور، في إطار محاولة بسط سيطرته الكاملة على بنغازي، في أعقاب حملة عسكرية استمرت أكثر من عامين على المتشددين والمعارضين الآخرين.
وبات مصير العائلات المحاصرة بسبب القتال نقطة خلاف رئيسية، إذ يقول الجيش الوطني الليبي إن غير المقاتلين يمكنهم المغادرة في سلام. لكن المعارضين يتهمونه بعدم تقديم ضمانات كافية.
وتقدر جماعات معنية بحقوق الإنسان أن ما يربو على 100 عائلة، فضلاً عن عدد غير معروف من العمال الأجانب، يحاصرهم الجيش الوطني الليبي منذ شهور. وتقول أيضًا إن مجلس شورى ثوار بنغازي، الخصم الرئيسي للجيش الوطني، يحتجز سجناء في المنطقة.
وفيما يواجه الجانبان اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في الصراع، أعلن الجيش الوطني الليبي وقفًا لإطلاق النار لمدة ست ساعات أول من أمس للسماح للعائلات بالمغادرة. لكن وحيد الزوي، وهو قائد لواء محلي بالجيش الوطني، وتوفيق الشويهدي المتحدث باسم الهلال الأحمر، قالا إن أطفالاً من عائلتين ليبيتين وسبع نساء وثلاثة عمال من بنغلاديش فقط هم الذين غادروا خلال وقف إطلاق النار.
وقال الشويهدي إن العائلات التي غادرت استقبلها الهلال الأحمر ثم سلمهم لأقاربهم فيما بعد.
ومن جانبها، دعت الأمم المتحدة مرارًا إلى السماح للمدنيين بمغادرة حي قنفودة، إذ قال مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، في وقت متأخر أول من أمس، إنه يشعر بقلق عميق إزاء وجود المدنيين في الحي، وذلك بعد أن أعلن الجيش الوطني الليبي وقف إطلاق النار من طرف واحد. وأضاف كوبلر في بيان أن «التقارير عن إطلاق قذائف ومنع المدنيين من المغادرة مثيرة للقلق للغاية». وبعد أكثر من خمس سنوات على الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة، لا تزال ليبيا غارقة في الصراع مع تنافس الفصائل المسلحة على السلطة. ويقود الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر الذي أصبح قائدًا للفصائل في شرق ليبيا. فيما تعارض فصائل شرق ليبيا الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس. وحقق الجيش الوطني سلسلة نجاحات بشق الأنفس في بنغازي هذا العام، لكنه لم يتمكن من السيطرة الكاملة على المدينة، ولا يزال يواجه هجمات متكررة على قواته.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم