ضجيج الأمكنة وصداها

رواية «الصدى الآخر للأماكن» للروائية كلثوم فضل الله

غلاف الرواية
غلاف الرواية
TT

ضجيج الأمكنة وصداها

غلاف الرواية
غلاف الرواية

صدرت رواية «الصدى الآخر للأماكن» للكاتبة السودانية كلثوم فضل الله عن دار «توتيل» للنشر التركية بإسطنبول، في 187 صفحة من الحجم المتوسط، وقد صمم غلافها الفاتح الحاج، ورسم لوحة الغلاف عصام الباشا، وهي ضمن سلسلة تطلق عليها الدار الناشرة «سلسلة الكتابة الإبداعية».
تدور فكرة رواية «الصدى الآخر للأماكن» حول حوار وجودي بين مجموعة أصدقاء، مستخدمة السرد التعددي، الذي يتيح - عادة - للكاتب التعامل مع شخوصه بديمقراطية، دون أن يفرض عليهم سطوته وصوته وآيديولوجيته، متخليًا تمامًا عن فكرة السارد العالم، ما يمكن القارئ - والأصوات أيضًا - من تمثل الصراع المجتمعي بديمقراطية، ومن النظر للشخوص والأحداث في اصطراعهم بحرية، دون أن يقطع بأن وجهة النظر هذه صحيحة وتلك خاطئة - آيديولوجيًا - فالكتابة الروائية متعددة الأصوات تعني أن الشخوص مستقلون بشكل ما عن المؤلف، وهو ما يقول عنه ميخائيل باختين: «تعدد الأصوات واستقلال الضمائر تثمر أصواتًا صحيحة».
كلثوم فضل الله لم تسع لإخفاء موقفها الطبقي والاجتماعي في الرواية، أو ما يمكن تسميته «آيديولوجيتها»، التي أعلنت عنها بشكل واضح من خلال «الشلة» المتجانسة في موقفها من الواقع الاجتماعي، فيما حافظت على صفتها كبطل جمعي، ضد بطل جمعي آخر لا يظهر أثره في النص ألا من خلال ردود أفعال «الشلة».
«الصدى الآخر للأماكن»، وعلى الرغم من تحقيقها لبعض شروط تعدد الأصوات، تنحو للوصول لنتيجة مختلفة، وأظنها قصدت أن تكتب لقارئ يشارك في القراءة، بل والتأليف عبر تعدد الأصوات، عبر السرد المشترك، بجعل الغاضب من النظام الاجتماعي والسعيد به والمستفيد منه شركاء، عن طريق سرد شيق وشاعري، وإن بدا مشوشا بفعل تشوش الواقع المحيط بالشخوص في النص.
شخوص الرواية ثلة أصدقاء من الجنسين اجتمعوا في جغرافيا وتاريخ قريب – تسعينات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي – وهذا هو الزمن الحقيقي والزمن النفسي للرواية، جمعت بينهم الحاجات والمشاعر الإنسانية التي يمكن أن تنشا وسط ثلة أصدقاء مختلطة مختلفة، من حب وغيرة وواقعية ورومانسية، وحاجة، وغضب، وتطلع مشترك.
يتقاسم أبطال الرواية الكثيرون (ناهد زيادة، عبد الظاهر، عصام مروان، منى عمران، عثمان عتيق، عزة، نهى، حميد منصور، بدرية، تميم، محمود الجعلي، دكتور عبد العزيز، مجدي الباقر، يوسف قطبي، حاتم) الفعل في السرد، بما يجعل من العصي على القارئ أن يقرر ما إن كان بينهم بطل رئيس وآخرون ثانويون، فكلاهما مهم للشلة - النص، مثلما يكون الصديق مهما لأصدقائه بغض النظر عن موقفه ودوره الحياتي.
من الناحية النفسية والاجتماعية، فإن الشخوص في هذا النص مأزومون ومهزومون، يحاولون من خلال اتحادهم مواجهة هزائم لا تخصهم وحدهم، بل الواقع السياسي والاجتماعي كله.
ينحصر زمن الرواية في فترة معاناة مجتمع ما بعد مجيء حكومة الإنقاذ، وهي الفترة الممتدة من وسط تسعينات القرن الماضي، ويتواصل حتى لحظة كتابة النص. استخدمت الكاتبة ما يمكن تسميته «منطق الشلة» كتقنية لنقل الأفكار، أو الاحتماء بالأصدقاء لمواجهة الكبت المفروض على المجتمع وعلى المرأة بشكل خاص، والأمراض التي تفشت بفعل هذه السياسات.
بمثل هذه الحمولة المعرفية تحاول الرواية بسرد مميز، إثارة التوقعات لدى القارئ، ومنحه زاوية نظر مختلفة، عن طريق التمثيل العادل للأصوات وأدوار الشخصيات، ولا أدى لماذا تعاملت الكاتبة بقصدية آيديولوجية، أتاحت لها إخفاء الصوت الثاني الذي يمثل المعادل الموضوعي للواقع الاجتماعي، وجعلت حضوره يتجسد فقط في ردود فعل الثلة إزائه؟
الرواية بمجملها عبارة عن تحد للقيم الاجتماعية البالية والظروف السياسية الظالمة التي تواجه الفرد والمجتمع معًا - هل لهذا السبب جعلت الكاتبة بطلها «ثلة أصدقاء»؟ - ومحاولة جريئة للحيلولة دون تفكك العرى النفسية للفرد وللحفاظ على تماسكه بالاستناد إلى الأصدقاء، لأن المجتمع غير قادر على مواجهة التقاليد، وغير قادر على حماية أفراده من تحمل تبعات الفشل السياسي والاجتماعي، فهي تبحث عن مكان يتحدى بإيجابية ظروفه، لعله يحدث التغيير الذي ينتظره فهو قد تأخر كثيرًا.
الراوية وأسلوبها الفني، تضمنا ميزات أخرى شكلية، مثل عدم تبويبها لفصول واضحة، مما أتاح الفرصة للشخوص التعامل باستقلالية، كل شخصية تقول ما تراه، تتمسك به، أو قد تتراجع عنه، بحيث يحمل كل منهما سيف البطل متى ما تسلم زمام الحديث، في المكان المناسب من النص – الواقع، لتعبر الراوية عن حالاتها الشتى كيفما اتفق.
حسمت الكاتبة أمر النص، في صفحات متقدمة منه، من خلال الحوار الاستهلالي للأبطال، الذي يلخص أزمته، وأدارته بمهارة جعلت منه «عظم» الرواية، واستخدمت الدارجة ببراعة جعلتها لا تبدو نشازا على جسد النص الفصيح. الجزء المتقدم يبدأ الحوار والرواية، ويثبت المفاهيم، ويطرح آيديولوجيا النص على مرأى من عين وفهم القارئ. لكن الأحداث لا تقف عنده فهي تتصاعد كأنها مشدودة بحبل السرد المشوق، المختزن باللغة الشعرية.
تنتهي الرواية بتمزق الثلة الأصحاب، كل ذهبت به أقداره إلى مصير مختلف: من مات، ومن قتله الرصاص، ومن عاد إلى الأم وماء النهر، ومن بقي في تشظيه وحيدًا، ومن هرب من وطن لم تستطع الشلة - ربما الحزب أيضًا - توفير الحماية لناسه.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.