عناق سينمائي مغربي ـ روسي في مهرجان مراكش للفيلم

الجمهور المغربي يتعرف على التاريخ الحافل للفن السابع الروسي

الممثلة والمخرجة الفرنسية فاني أردان في مهرجان مراكش في تكريم السينما الروسية -  تكريم السينما الروسية - عرض راقص من تراث المغرب وروسيا في مهرجان مراكش
الممثلة والمخرجة الفرنسية فاني أردان في مهرجان مراكش في تكريم السينما الروسية - تكريم السينما الروسية - عرض راقص من تراث المغرب وروسيا في مهرجان مراكش
TT

عناق سينمائي مغربي ـ روسي في مهرجان مراكش للفيلم

الممثلة والمخرجة الفرنسية فاني أردان في مهرجان مراكش في تكريم السينما الروسية -  تكريم السينما الروسية - عرض راقص من تراث المغرب وروسيا في مهرجان مراكش
الممثلة والمخرجة الفرنسية فاني أردان في مهرجان مراكش في تكريم السينما الروسية - تكريم السينما الروسية - عرض راقص من تراث المغرب وروسيا في مهرجان مراكش

ثلاثون فيلما تضمنها برنامج تكريم السينما الروسية في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورة هذه السنة. أفلام تختصر تطورا، ينقل فترة الاتحاد السوفياتي وصولا إلى ما بعد انهيار جدار برلين وتفتت الاتحاد، لنصير إلى روسيا الاتحادية. من فيلم «المدرعة بوتمكين» (1925)، مرورًا بأفلام «حين تطير اللقالق» (1958) و«أنشودة الجندي» (1960) و«مدينة الصفر» (1989) و«المنهكون من الشمس» (1994) و«سجين الجبال» (1997)، وصولاً إلى «عشاق الصرعات» (2008) و«الأحمق» (2014) و«التلميذ» (2016)، تعرف الجمهور المغربي على أعمال مخرجين، قدموا لسينما مختلفة، بشكل كبير عما يقدم في غرب أوروبا؛ لذلك قالت الممثلة والمخرجة الفرنسية فاني أردان، التي قدمت نجمة تكريم السينما الروسية في أمسية حضر فيها تراث البلدين الراقص، إنه بفضل هذه السينما القادمة من الشرق اغتنت السينما الأوروبية فصارت «أكثر إنسانية وروحانية».
وشكل حفل تكريم السينما الروسية في المهرجان السينمائي المغربي فرصة لاكتشاف التطور الذي حصل ما بين مرحلتي الاتحاد السوفياتي وروسيا الاتحادية، وعبرهما التاريخ الحافل للفن الروسي.
المخرج، كاتب السيناريو والمنتج والمدير العام لاستوديو موسفيلم، كارين شاخنازاروف، الذي ترأس وفد بلاده المكون من عشرين سينمائيا، قال إن الأفلام المبرمجة في المهرجان المغربي «تجسد الحقب التي تنتمي إليها»، كما «تجسد عمق وجوهر اللحظة التي نشأت فيها» بشكل يمكن المتتبع من إدراك «الفرق بين الاتحاد السوفياتي وروسيا الاتحادية».
وكان شاخنازاروف قد كتب، في تقديم تكريم سينما بلاده في مراكش إن «سنة 2016 في روسيا هي سنة السينما، لذلك نأمل في أن يكتشف الجمهور المغربي التاريخ الحافل للفن السابع الروسي. وعلى الرغم من أن المغرب وروسيا تفصلهما القارات والثقافات والتقاليد، لكننا نتفاهم بشكل جيد من خلال لغة السينما. ومهما كانت الجوانب التاريخية المختلفة لبلدينا، فإن الجمهور سيستوعب أفلامنا التي تتحدث عن المشكلات المشتركة للإنسانية جمعاء، ولكن، أيضًا، عن الحب والعاطفة والأمل واليأس والهزائم وكذا الانتصارات. هناك مقولات متشابهة في المغرب وفي روسيا؛ فنحن، مثلا، لدينا حكمة تقول إن قيمة الصداقة والأخوة أغنى من الثروة، بينما يقول مثل مغربي إن فرحة اللقاء بالأصدقاء كطعم العسل. أتمنى أن يكتشف جمهور مراكش السينما الروسية بفضل المهرجان، وأن يمنحنا هذا الأخير جميعا، كما تقول هذه الحِكم، فرحة اللقاء بأصدقاء جدد».
من جهتها، قدمت فاني أردان، مخرجة فيلم «كنبة ستالين»، من بطولة جيرار دوبارديوه، للسينما الروسية بكلمة دافئة، تحدثت فيها عن الوفد الروسي، فقالت إن «كل واحد من بين أعضائه أتى محملا بشخصيته وخصوصيته وعوالمه ورؤيته الخاصة للإنسان والعالم. كلهم روس، لكنهم مختلفون كأشجار الغابة. هم جزء من كل. يوحدهم عشقهم للسينما. يعبرون عن تاريخ مضطرب، وكلهم مرتبطون بعادات فنية قديمة وخلاقة. جزء من موروث مليء بالوعود». كما أبرزت كيف أن الفنان الروسي فتح طريقًا للحرية بالمقاومة وروح السخرية، دفاعًا عن الكرامة مهما كان الثمن، وبتفضيل طرح السؤال على تلقي الجواب.
وضمن البرنامج العام لعروض التكريم، تضمنت أمسية التكريم عرض فيلم «المبارز» لمخرجه أليكسي ميزكيريف، وهو فيلم تدور أحداثه في سانت بيترسبورغ، في 1860، من خلال قصة ياكوفليف، الجندي السابق الذي أصبح مبارزًا محترفًا، فبات يحارب لفائدة من يدفعون له أجرًا ممن لا يريدون القتال أو لا يقدرون على ذلك، إما بدافع الخوف أو الضعف. لكن، ياكوفليف لم يعد له سوى هاجس واحد فقط؛ هو استعادة شرفه والانتقام ممن جعله يفقد كل شيء.
ولاحظ المتتبعون، من خليط الأفلام المعروضة، التطور الذي حصل بين الاتحاد السوفياتي وروسيا الاتحادية، على صعيد الممارسة السينمائية. وكتب جويل شاربون، المتخصص في السينما الروسية، مستعرضًا تطورها، أنه «رغم وجود مخترعين كبار من الروس في مجال الصورة المتحركة، فإن الفرنسيين هم من فرضوا أجهزتهم ومعداتهم الخاصة في المجال من خلال قيامهم بأول عرض سينمائي في سانت بيترسبورغ يوم 4 مايو (أيار) 1896». وكان ماكسيم كوركي أول كاتب في العالم علق على هذا الحدث الجديد في شهر يوليو (تموز) من سنة 1896. وقام لوميير، ومن بعده كومون وباطي سنة 1904 بعرض الصور الوافدة من فرنسا وبتصوير الأحداث الكبرى. وشهدت سنة 1908 حدث إخراج أول فيلم روائي روسي بعنوان «ستينكا رازين» لألكسندر درانكوف. وفي سنة 1910، قامت نحو خمس عشرة شركة بإنتاج أفلام سينمائية، ومنها من قام كذلك باستيراد وتوزيع أفلام أجنبية. ومع صعود البلاشفة إلى الحكم في أكتوبر (تشرين الأول) من سنة 1917 تعطلت حركة القطاع السينمائي برمته، ولأنها كانت رهينة الخارج، بحيث لم يحدث أن صنعت من قبل كاميرات للتصوير ولا أشرطة فيلمية، فقد توقفت روسيا عن أي نشاط في مجال الفن السابع، ووجد كثير من المخرجين أنفسهم أمام لازمة مغادرة البلاد، كان ذلك شأن جوزيف إرمولييف، وموسجوكين، وبروتازانوف، الذي رجع لاحقًا، فاستطاعوا أن ينالوا في بلدان المهجر الحظوة المفقودة.
وفي عام 1919، صدر قرار تأميم قطاع السينما، وتم تأسيس أول مدرسة للسينما في العالم (المعهد العالي للسينما بموسكو)، وأصبحت السينما منذ ذلك الحين الوسيلة الرئيسية للاتصال والتثقيف والدعاية، وهو قرار انخرط فيه كذلك السينمائيون الطلائعيون، أمثال بوريس بارنيت وليف كوليشوف.
ومنذ أواخر عقد العشرينات من القرن الماضي، كان للاستحواذ الآيديولوجي الذي عاشته البلاد في عهد ستالين أثره على السينما التي «يجب أن يستوعبها الملايين»، وباتت السينما الطلائعية التي يحملها سينمائيون من قبيل كوليشوف وفيرتوف وآيزنشتاين تعتبر «نخبوية».
وفي نهاية عقد السبعينات اتسعت الهوة بين الصورة التي رسمها السوفيات عن سينماهم (الشعبية) وتلك التي كونها عنها الغرب (سينما المؤلف)، وذلك بالنظر لاختيارات المهرجانات الدولية، حيث كان النصيب الأكبر لمن يعانون من تضييق الرقابة، وذلك نظرًا لتدهور صورة الاتحاد السوفياتي في الخارج (التدخل العسكري السوفياتي في براغ، السباق نحو التسلح، غزو أفغانستان، مقاطعة الألعاب الأولمبية)، وهي هوة لم يتم تقليصها بعد، إذ ما زالت السينما الروسية المعاصرة تعاني من هذه الازدواجية نفسها.
وأفسد مجيء البيريسترويكا بريق الآيديولوجيا والإنتاج والتوزيع والاستغلال، وأبعد مؤتمر اتحاد المخرجين السينمائيين الذي انعقد في شهر مايو من سنة 1986 الحرس القديم، ومهد الطريق للإصلاحيين.
ولم تعرف السينما الروسية انتعاشتها الحقيقية، في جميع فروعها، إلا في سنة 2004 مع خروج أول فيلم لقي إقبالا جماهيريا كبيرا هو «ساعة ليلية» (2013) لتيمور بيكمامبيتوف، حيث أقرت الدولة الروسية إصلاحا جديدا لنظام تمويل السينما، أعادت به وضع اليد على القطاع، وفرضت مزيدا من الرقابة على محتويات الأفلام التي يجب أن تنسجم والصورة التي تريد السلطة أن تقدمها عن البلاد.
و«بين أفلام الفرجة التي تجد صعوبات كبرى للذهاب خارج الحدود، وأفلام سينما المؤلف التي تلقى الحظوة الكبرى لدى الجماهير والمهرجانات الأجنبية، والتي تبقى مغمورة في الداخل، ما زالت السينما الروسية تحيا حياة مزدوجة، من دون آفاق تعطي الأمل في التغيير» كما أوضح جويل شاربون، المتخصص في السينما الروسية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».