مخاوف من تجدد القتال في طرابلس بعد هدنة وقف إطلاق النار

كيري يغازل حفتر للمرة الأولى.. و«داعشيات» ينفذن هجومًا انتحاريًا في سرت

عناصر من قوات البنيان المرصوص في مواجهة مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
عناصر من قوات البنيان المرصوص في مواجهة مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
TT

مخاوف من تجدد القتال في طرابلس بعد هدنة وقف إطلاق النار

عناصر من قوات البنيان المرصوص في مواجهة مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
عناصر من قوات البنيان المرصوص في مواجهة مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)

رغم الإعلان عن هدنة لوقف إطلاق النار بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، والتي بدأت مظاهر الحياة الطبيعية تعود إليها بشكل تدريجي، ما زال التوتر الأمني يسود جزءا من المدينة بعدما أعلنت «كتيبة ثوار طرابلس» اغتيال أحد عناصرها ودعت جميع منتسبيها إلى حضور اجتماع عاجل للكتيبة عقب تشييع الجنازة.
وأعلن طارق درمان، آمر «كتيبة الإحسان»، التابعة لرئاسة الأركان ووزارة الدفاع الموالية لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، أن مقر كتيبته في غابة النصر تعرض للهجوم من عدة ميليشيات، هي «قوة الردع الخاصة»، و«النواصي» و«كتيبة ثوار طرابلس» و«كتيبة 155»، ولفت في تصريحات لقناة تلفزيونية محلية إلى أن المعارك اندلعت على خلفية دوره في كشف ملابسات اغتيال الشيخ ندار العمراني، أحد أعضاء دار الإفتاء الليبية في العاصمة طرابلس مؤخرا، بعد اختطافه على أيدي مجهولين.
من جهته، خرج السراج عن صمته وأعلن في بيان أن مجلسه الرئاسي كلف وزارة الداخلية باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لحماية أرواح وممتلكات المواطنين والمنشآت العامة، والتنسيق مع وزارة الدفاع والحرس الرئاسي. واعتبر البيان، الذي بثته وكالة الأنباء الموالية لحكومة السراج، أن المظاهر المسلحة وسط العاصمة وفي مدن ليبية أخرى هي نتاج سنوات خلفت تركة ثقيلة وتجاوزات ومشكلات على أكثر من صعيد، موضحا أن الخطة الأمنية التي بدأ المجلس الرئاسي في تشكيل وتفعيل أجهزتها، كفيلة بتوفير الأمن داخل العاصمة.
وبعدما قال البيان إن وزارة الداخلية تعمل عبر أجهزتها المختلفة على تنفيذ هذه الخطة رغم ضعف الإمكانيات، حث المواطنين والمجالس البلدية على التحلي بالحرص والفطنة، والتواصل مع الأجهزة الأمنية والتقيد بالتعليمات التي تصدر عنها.
من جهة أخرى، أكدت فرنسا على لسان وزيرها للشؤون الخارجية جون مارك أيرولت، لدى اتصاله هاتفيا بالسراج، دعمها لحكومة السراج في مكافحة الإرهاب وإنهاء العنف، خاصة في طرابلس. وأشار أيرولت، بحسب بيان الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال، إلى دعوة فرنسا لكل القوى «حسنة النية» والمؤيدة للسلام والاستقرار في ليبيا إلى الوقوف خلف حكومة السراج.
في المقابل، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه لا يجري بحث أي خيار عسكري أجنبي في ليبيا، معتبرا أن الحل يجب أن يكون دبلوماسيا. وأوضح كيري عقب لقاء مع نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني مساء أول من أمس قائلا إن «أدواتنا هي الدبلوماسية، ونحن لا ننظر في أي خيار آخر»، مضيفا أن الدبلوماسية تحقق تقدما، وأنه «لا يوافق» على ما قاله نظيره الإيطالي بأن المحادثات الجارية «لم تعط نتائج بعد.. فقد حصل تغيير كبير خلال الأشهر القليلة الماضية في مجال الجهود الدبلوماسية لدفع حفتر وحكومة الوفاق الوطني إلى المشاركة في المفاوضات».
وهذه أول مرة يستخدم فيها كيري اسم المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، الذي لا يعترف بحكومة السراج في طرابلس ويدعم البرلمان الذي يتخذ من طبرق مقرا له.
ميدانيا، توقفت أمس الاشتباكات التي اندلعت بشكل مفاجئ قبل ثلاثة أيام بين الفصائل المسلحة المختلفة في العاصمة الليبية، وذلك في أسوأ قتال بالعاصمة الليبية طرابلس منذ أكثر من عام.
وتسيطر جماعات مسلحة مختلفة على طرابلس، وتحدث بينها اشتباكات متكررة للسيطرة على الأرض، أو لتحقيق مصالح اقتصادية. وبعض الجماعات لها وضع شبه رسمي، لكن لم تنجح أي حكومة في ترويض قوتها منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي قبل خمسة أعوام.
وتعد الاشتباكات الأخيرة أحدث انتكاسة لحكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة، والتي وصلت إلى العاصمة في مارس (آذار) الماضي بموافقة بعض أقوى الفصائل المسلحة، لكنها لا تزال تكافح لبسط سيطرتها.
وحكومة السراج جزء من جهود غربية لإنهاء الفوضى في ليبيا وتوحيد الفصائل التي تحالفت مع حكومتين متنافستين، إحداهما في طرابلس والأخرى في شرق ليبيا، لكنها تواجه مقاومة من شخصيات ذات نفوذ في شرق ليبيا، كما تواجه مؤخرا مقاومة من شخصيات لها علاقة بحكومة سابقة في طرابلس حاولت الإطاحة بها.
وتتزايد انتقادات سكان طرابلس لحكومة السراج بأن زعماءها فشلوا في حل المشكلات الاقتصادية المعقدة، وإعادة الخدمات العامة وتحسين الأمن.
وأظهرت لقطات فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن فصيلا دمر معسكرا لآخر منافس له بالجرافات، بعدما أكدت كتيبة ثوار طرابلس، وهي من الفصائل المسلحة القوية في العاصمة، أنها سيطرت على منطقة غابة النصر حول فندق ريكسوس. وطردت هيئة تشريعية على صلة بحكومة السراج من الفندق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأظهرت صور فوتوغرافية آثار الاشتباكات التي اندلعت بين الميليشيات المسلحة في عدة مناطق في العاصمة، أبرزها بن غشير - والظهرة، وزاوية الدهماني، حيث لحقت الأضرار بممتلكات المواطنين وسياراتهم، كما أفادت مصادر أمنية بحدوث عمليات سرقة ونهب وتخريب في بعض المنازل التي هرب سكانها من أماكن الاشتباك.
من جهة أخرى، أعلن ناطق باسم القوات الموالية للسراج في مدينة سرت الساحلية أن بضع نساء فجرن أنفسهن في هجمات قتلت أربعة جنود، بعد أن سمح لهن بمرور آمن لمغادرة مبان يسيطر عليها متشددو تنظيم داعش.
وقالت غرفة عمليات «البنيان المرصوص» في بيان إنها عزّزت مواقعها في الجيزة البحرية، آخر معاقل «داعش» في سرت، مشيرة إلى أنها تمكنت من إنقاذ 41 مدنيا ما بين نساء وأطفال، بعد أن توجهت تسع نساء معهن 32 طفلا نحو الممرات الآمنة التي وفرتها القوات، وقبل أن يتم إبعادهن عن خطوط النار، نفذت عناصر «داعش» هجومين انتحاريين أديا إلى وفيات بين النساء والأطفال مع إصابات أخرى، موضحة أنها سيطرت على منازل جديدة، تضاف إلى ما تم تطهيره خلال الأيام الماضية.
وتوشك هذه القوات المدعومة بضربات جوية أميركية على السيطرة بالكامل على المعقل السابق لـ«داعش» في سرت، بعد حملة عسكرية استمرت أكثر من ستة أشهر، لكنها لا تزال تواجه صعوبات في طرد «داعش» من جيب أخير قرب ساحل المدينة المطلة على البحر المتوسط.
وقالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا إن القوات الأميركية نفذت حتى يوم الخميس الماضي 470 ضربة جوية على سرت منذ أن بدأت حملتها الجوية فوق المدينة في الأول من شهر أغسطس (آب) الماضي.
وفي الأسابيع القليلة الماضية تم تحرير مجموعات من العائلات والرهائن، أو ممن تمكنوا من الهرب من قبضة «داعش» في سرت، وبعضهم مهاجرون من دول أفريقية جنوبي الصحراء، احتجزهم التنظيم المتشدد أثناء عبورهم ليبيا.
وفي مدينة بنغازي بشرق البلاد، قال الجيش الليبي إنه أحبط هجوما بسيارة مفخخة في محور بوصنيب غرب بنغازي، مشيرا إلى أن قواته ما زالت تتقدم على الأرض في مواجهة المتطرفين.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.