وزير خارجية جيبوتي: لا تعارض بين الوجود العسكري الأميركي والصيني على أراضينا

محمود علي يوسف أكد لـ «الشرق الأوسط» ابتعاد بلاده عن «متاهات» إيران.. ورحب باستضافة قاعدة عسكرية وبحرية للسعودية

محمود علي يوسف وزير الخارجية الجيبوتي («الشرق الأوسط»)
محمود علي يوسف وزير الخارجية الجيبوتي («الشرق الأوسط»)
TT
20

وزير خارجية جيبوتي: لا تعارض بين الوجود العسكري الأميركي والصيني على أراضينا

محمود علي يوسف وزير الخارجية الجيبوتي («الشرق الأوسط»)
محمود علي يوسف وزير الخارجية الجيبوتي («الشرق الأوسط»)

في نبرة واثقة بالمستقبل داخل مكتبه الحكومي البسيط المطل على القرن الأفريقي ذي الأهمية الاستراتيجية، يتحدث محمود علي يوسف، وزير خارجية جيبوتي، عن محاولات بلاده التعاون مع إيران وفقا لسياسات واضحة كما هو معتاد مع باقي دول العالم، إلا أنه يقول، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن جيبوتي استشعرت منذ البداية أن التعاون مع طهران ظهر فيه كثير من اللبس، وفيه أمور «ربما تدخلنا في متاهات، فابتعدنا عنها شيئا فشيئا»، وأنه حين جاء الاعتداء على الشرعية في اليمن وعلى المصالح العربية، قررت جيبوتي أن تقطع علاقاتها مع إيران.
وبينما كانت أشعة الشمس الأفريقية تسطع على جدران مكتبه، قدم الوزير يوسف تحليلا لأسباب تشكك بلاده في نيات طهران، معربا عن اعتقاده أن القرارات السياسية في إيران تتخذ على مستويين؛ مستوى عقول سياسية، ومستوى عقول دينية تفرض رأيها باستمرار على المستوى الآخر. وأضاف أن السياسات المكشوفة لإيران، من مصادر «التعصب الطائفي»، وأن هذه السياسات تعود إلى عهد المرشد السابق وليست وليدة الساعة، و«ما زال النظام الإيراني يستمر على هذا النهج»، مما يسبب عدم استقرار في دول المنطقة كلها.
وأكد وزير الخارجية الجيبوتي عمق العلاقات التاريخية بين بلاده والمملكة العربية السعودية. وقال، إنه بعد أن أعلن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، عن تأسيس وتشكيل التحالف العربي للتصدي للانقلابيين الحوثيين في اليمن، كانت جيبوتي سبَّاقة للانضمام إلى هذا التحالف.
وإلى نص الحوار..
* حول ما يتعلق بالعلاقات الخارجية مع الدول المهمة في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية، إلى أي مدى تطورت العلاقات مع المملكة خلال الفترة الأخيرة؟
- منذ أن نالت جيبوتي استقلالها عام 1977، توجهت بقوة نحو الدول العربية. رأت قيادة جيبوتي، وقت ذلك، أن مستقبل ومصير الدولة يندرج تماما في المحيط العربي. وضعنا السياسات المطلوبة لكي ننضم أولا إلى الجامعة العربية. ثم بدأنا نؤسس لعلاقات قوية متينة مع الدول العربية بشكل عام، ولكن بالتحديد مع المملكة العربية السعودية. أولا بسبب القرب الجغرافي. وثانيا لا تنس أن السعودية ومصر والجزائر وعددا آخر من الدول العربية، ساهمت بشكل كبير في دعم جيبوتي لنيل استقلالها. طبعا هذا شيء تاريخي يذكر، وهذه الدول تشكر عليه. نحن بالطبع نكن لها كل التقدير والاحترام لهذا الدعم المستمر في وقت النضال. وبعد الاستقلال بدأت جيبوتي تنخرط في مشروعات وبرامج تنموية، والدول التي كانت تتوفر لديها الإمكانات، وعلى رأسها السعودية، دعمت جيبوتي بتمويل بعض مشروعات البنية التحتية، وحتى دعم الميزانية في السنوات الأولى. هذا طبعا تاريخ ولكن هو الأساس.
* وماذا عن الوضع الراهن؟
- جيبوتي، ومن خلال انتمائها إلى الأمة العربية، تتفاعل دائما، في إطار الجامعة العربية وفي المحافل الأخرى، مع جميع القضايا التي تشغل بال العرب. مؤخرا، وعندما تعرضت السعودية للاستهداف من قبل قوى مدفوعة من إيران، نحن وقفنا وقفة قوية مع المملكة. لقد كانت جيبوتي من الدول الأولى التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران. وبعد أن أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عن تأسيس وتشكيل التحالف العربي للتصدي للانقلابيين الحوثيين في اليمن، كانت جيبوتي سبَّاقة للانضمام إلى هذا التحالف. وفتحنا مجالنا الجوي والبحري لكي نساهم في دحر الانقلابيين وإعادة الشرعية والحكومة الشرعية إلى صنعاء.
* بعض التقارير تتحدث عن تطور في التعاون العسكري مع المملكة وأن السعودية بصدد إقامة قاعدة عسكرية في جيبوتي، هل مثل هذا التعاون العسكري ما زال نظريا، أم أن هناك خطوات عملية قد بدأت بالفعل؟
- يوجد تشاور وتحاور في هذا الموضوع بين القيادتين العسكريتين في كل من البلدين. تبادلنا بعض الزيارات لمسؤولين عسكريين. وأيضا وضعنا مشروع مسودة اتفاق أمني وعسكري واستراتيجي. وما زال هذا المشروع تحت الدراسة. وجرت زيارة استكشافية لقيادات عسكرية سعودية في بعض المناطق الجيبوتية التي سوف تستضيف هذا الوجود العسكري السعودي. نحن طبعا مبدئيا وافقنا على ذلك. ولا تردد في هذا الموضوع. ولكن إذا استغرق استكمال هذه الإجراءات بعض الوقت فهي لأسباب فنية فقط. نحن نتوقع أنه في القريب العاجل سيتم التوقيع على هذه الاتفاقية. لقد جرى تحديد بعض المواقع في الساحل الجيبوتي لاستضافة هذه القاعدة، إذا سُميت قاعدة عسكرية وبحرية. ولكن ليس هناك أي سبب سياسي وراء هذا التأخير. فقط أمور فنية، وهذه الأمور في حاجة إلى بعض التطبيق. ونحن، كما قلت وأكرر، وافقنا.. وحتى شجعنا أن يكون للمملكة ولأي دولة عربية وجود عسكري في جيبوتي، نظرا لما يحدث هنا في المنطقة. هذا الوجود الأمني والعسكري العربي، في بلد عربي آخر، لا نرى فيه أي تناقض ولا نرى فيه أي تهديد لأمننا القومي ولا لمصلحتنا العليا. على هذا الأساس جيبوتي وافقت عليه سياسيا وما زالت هذه الموافقة موجودة.
* بذكر موضوع القواعد، خصوصا القواعد الأجنبية.. هذا الأمر ارتبط، وبخاصة في فترة الستينات والسبعينات، بالاستعمار والهيمنة، لكن بعض الخبراء العسكريين في الوقت الراهن يقولون: إن مسألة القدرات العسكرية موجودة ومن الممكن أن يُطلق صاروخ من دولة إلى دولة أخرى على بُعد آلاف الأميال. وبالتالي فمسألة وجود قواعد عسكرية بدأ البعض يربطها بمرحلة جديدة من الأمن وحماية المصالح.. هل تتوافقون مع هذا التوجه؟
- هناك فعلا عولمة للأمن، بمعنى أن هناك تهديدات دولية سواء بفعل مجموعات إرهابية أو غيرها. هذا الأمن الجماعي يحتاج إلى مقاربة جماعية، وعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الأميركية لديها 180 قاعدة عسكرية منتشرة في العالم. البعض سيقول إنه لحماية مصلحتها، ولكن مصلحتها ترتبط ارتباطا وثيقا بمصلحة الآخرين. خليج عدن ومضيق باب المندب هما فعلا عنق الزجاجة بالنسبة لهذا الأمن الجماعي. إذا تم تهديد هذا الاستقرار الأمني في تلك المنطقة الحساسة فإن جميع الدول سوف تتضرر بعدم الاستقرار في مضيق باب المندب، والدول العربية على رأسها.. جيبوتي والصومال والسودان والسعودية ومصر. بالطبع هذا دفعنا، كجيبوتي، أن نتدبر الأمر ونخرج من التفكير الضيق الذي كان يعتبر أي تعاون عسكري بين دولتين وإقامة معسكرات أو قواعد، إعادة للاستعمار إلى هذه الدول. نحن خرجنا من هذه الرؤية الضيقة إلى رؤية واسعة تضم هذه المقاربات الأمنية الشاملة للمجتمع الدولي بشكل عام. عندما وقعت الأعمال الإرهابية في نيويورك في 2001، جاءت الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول التي كانت حليفة لها وقتذاك، إلى جيبوتي، وطلبت منها أن تستضيف تحالفا يسمونه تحالف ضد الإرهاب. طبعا نحن أدركنا قبل ست عشرة سنة أنه فعلا هناك تحول كبير في العلاقات الدولية خصوصا في مجال الأمن. وبدأنا نفكر في كيفية المساهمة في هذا التحول، رغم صغر حجمنا ومحدودية إمكانياتنا. واستضفنا في ذلك الوقت هذا التحالف الدولي ضد الإرهاب. واستمرت هذه الوتيرة إلى أن ظهرت في المنطقة ظاهرة القرصنة والإرهاب والتجارة في البشر والتجارة في السلاح. أي مصائب لا حدود لها تهدد، مباشرة، الملاحة الدولية في محيط مضيق باب المندب. نحن تدريجيا أدركنا أيضا أنه لا بد أن نغض البصر عن المصالح المتناقضة والتركيز على المصالح المتكاملة بين الدول العظمى أو الدول الكبرى، لأن هذه الدول لها مصالح مشتركة، ولها مصالح متكاملة في مناطق أخرى في العالم. هم يقومون بتدريبات عسكرية بعضهم مع بعض، ويشاركون في أمور كثيرة، في المجال الأمني ويتبادلون المعلومات الاستخباراتية. هذا التعاون الموجود في مناطق أخرى من العالم لماذا لا يكون فعلا واقعا ملموسا أيضا في هذه المنطقة التي هي بالفعل، كما قلت، منطقة حساسة ينظر الجميع إليها باعتبارها منطقة مهمة في الحفاظ على الأمن الدولي والاستقرار الدولي. نحن لم نتردد، وما زلنا نؤمن إيمانا راسخا، بأن أمن مضيق باب المندب هو لمصلحة الجميع. وإذا كانت هناك قواعد عسكرية تستضيفها جيبوتي لحماية هذا الأمن، فنحن ما زالت لدينا قناعة بأن هذه القواعد تحمي هذا الأمن الدولي، ولهذا الغرض نحن لم نتردد يوما ما في هذا الأمر.
* البعض قد يقول إن هذه المواقع أو القواعد العسكرية يمكن أن تؤثر على السياسة الداخلية للدولة؟
- لا يوجد تأثير لهذا الأمر على سياسة الدولة وسيادتها. لا تأثير إطلاقا، لا من قريب ولا من بعيد.
* هناك معلومات تتحدث أيضا عن استعدادات صينية لإقامة قاعدة عسكرية في جيبوتي، هل هذا صحيح؟
- لعلمك.. قبل أن نأتي إلى الحديث عن الوجود العسكري الصيني.. نحن استضفنا، أولا، الولايات المتحدة الأميركية. ثم جاء الاتحاد الأوروبي من خلال ما يسمونه عمليات «أتلانتا لمكافحة القرصنة». ثم جاء الإيطاليون. لديهم أيضا قاعدة في جيبوتي. وكذلك اليابانيون.. في إطار مكافحة القرصنة. اليوم الصينيون طلبوا منا أن نفتح لهم المجال. ونحن وافقنا. طبعا البعض يعتقد أن هناك تناقضا في المصالح.. أو قد يكون هناك احتكاك سلبي إذا كانت هذه الدول كلها موجودة في المكان نفسه، لكن إلى حد الآن ليس هناك أي تناقض يذكر أو أي احتكاك بين هذه الدول في مسألة الوجود في هذا البلد.
* ألم تتعرضوا لبعض المطالب السياسية أو حتى الأخوية من بعض الدول، مثل أميركا.. على الأقل يمكن أن تقول لكم: لماذا أتيتم بالصينيين؟
- نحن ننطلق من مفهومنا وقناعتنا الراسخة بأن جيبوتي دولة مستقلة تتمتع بسيادة كاملة في أراضيها، ولا أحد يستطيع أن يملي عليها مَن هو الضيف المفروض أن تستضيفه ومن هو الضيف الذي ترفض استضافته. هذه المسألة سيادية لا جدل حولها ولا كلام في هذا الموضوع. طبعا نحن نحاول أن نراعي هذا التوازن. نحن نعلم أن هناك، لا نقول صراعا، ولكن نوعا من التنافس في المصالح بين هذه الدول في مناطق أخرى من العالم.. لكن من باب الحكمة والتوازن، الذي نسعى أن نخلقه في هذا البلد، أننا وضعنا بعض الأسس والشروط والأطر التي نتفاعل ونتعامل من خلالها مع هذه الدول. هذه الأطر واضحة جدا.. يتم وضعها من خلال اتفاقيات. وطبعا لا نترك المجال، أو أي فراغ، أو أي ثغرة قد يتسلل إليها شك أو يتسلل من خلالها نوع من عدم التوازن في العلاقات التي تربطنا بهذه الدول.
* تبدو عملية معقدة.. صحيح؟
- هي عملية صعبة بالفعل، ولكن تحتاج إلى تنبه دائم من جانبنا، وتتطلب توخيا للحذر، وأن نقنع الجميع أنه ليست لدينا مواقف آيديولوجية.. نحن ننطلق فقط من أسس عامة ومبنية على المصالح المشتركة، وهي بالدرجة الأولى تقوم على الأمن.. الكل يعمل لتعزيز وتقوية شروط الأمن في هذه المنطقة.
* ماذا تقول لإيران في ظل الأوضاع التي تراها اليوم؟ أي ماذا ينبغي على إيران أن تقوم به حتى تدخل في منظومة التعاون بين شعوب ودول المنقطة من أجل المستقبل؟
- أعتقد أن مصدر التعصب الطائفي هذا يأتي بسبب سياسات مكشوفة لدولة إيران. وهذه السياسات تعود إلى عهد المرشد السابق.. وليست وليدة الساعة. هذه أمور قديمة وما زال النظام الإيراني يستمر على هذا النهج.. طبعا هذا النهج، إذا أراد النظام أن ينفذه على أرض الواقع، فستكون له انعكاسات، ويسبب فعلا عدم استقرار في دول المنطقة كلها. انظر إلى البحرين وإلى اليمن.. توجد تدخلات سافرة وواضحة من إيران في الشؤون الداخلية في تلك الدول، ناهيك بسوريا والعراق اللذين أصبحا فعلا ساحة معركة للحرس الثوري الإيراني، وهذا أمر مكشوف لا يحتاج إلى تأويلات كثيرة. إيران لها أجندة فعلا.. أجندتها بالنسبة لتحليلنا لهذا الوضع هو أولا الاستمرار في الخط الثوري الإيراني الصفوي نفسه الذي بدأ من سنة 1979، ثم هذا النهج يستمد كل آيديولوجيته ومفهومة من إعادة المجد الفارسي في المنقطة. هذه أمور أصبحت راسخة في عقول وأذهان القيادات في هذا البلد. مع الأسف الشديد من الصعب أنه نتوقع أي تغيير إذا لم يتخل هذا النظام أو هذه القيادات الإيرانية عن هذه الآيديولوجيات والمفاهيم التي أصبحت مكشوفة. طبعا أحيانا تكون هناك حاجة إلى براغماتيكية أو نوع من قراءة الواقع بشكل ربما يخدم مصالحهم. هي دولة منذ 30 سنة تحت الحصار وفرضت عليها عقوبات كثيرة، ومفروض أن تنظر القيادات السياسية الإيرانية إلى المصالح العليا للبلد من منظور براغماتيكي.. ولكن يبدو أن هناك خطين للقيادة.
* كيف؟
- أعتقد أن القرارات السياسية في هذا البلد تتخذ على مستويين. مستوى عقول سياسية ومستوى عقول دينية تفرض رأيها باستمرار على المستوى الآخر. هذا يخلط الأوراق خصوصا بالنسبة للدول العربية التي تحاول أن تخطط وتتوقع شيئا من البراغماتيكية أو الأرضية المشتركة التي يمكن أن تدفع إيران للتعاون مع الدول العربية بشكل مختلف.. ولكن مع الأسف الشديد هناك عدم وضوح في الرؤية التي قد تساعد الجميع للوصول إلى هذه الأرضية المشتركة. كأن هناك مستويين (إيرانيين) لاتخاذ القرار.. مستوى يريد أن يكون براغماتيكيًا وقراءة واقع من منظور المصالح الآنية، ومستوى آخر ديني روحي آيديولوجي يربك باستمرار هذا التيار الآخر. هكذا عودتنا إيران في أثناء التعامل معها. ولهذا السبب أيضا جميع الدول التي حاولت أن تنشئ علاقات طبيعية مع إيران، تجد نفسها في نوع من الحيرة.. نحن كيف نتعامل معهم؟ هذا السؤال يكرر نفسه دائما عندما تحاول دول الجوار أو الدول العربية أو حتى الدول العظمى، أن تغير سياساتها أو مواقفها من إيران، مع الأسف.. هذه قراءتي للواقع الإيراني.
* لكن كان هناك تعاون جيبوتي إيراني.. مثلا إيران قدمت قرضا ماليا لبناء مجلس النواب. يبدو أن الأمور سارت على ما يرام لبعض الوقت مع الجانب الإيراني؟
- نعم.. حاولنا، لكننا اصطدمنا بمثل هذا التناقض في مستويي القرار الذي أشرت إليه. دائما كنا نريد أن نبتعد عن هذه السياسة التي عودتنا عليها إيران.. أي أنها تقوم بالتعاون مع الدول لكن في الوقت نفسه هذا التعاون يكون مصحوبا بشيء من الفكر والآيديولوجيات والأمور التي نعرفها جميعا.
* مثل ماذا؟
- على سبيل المثال.. الهلال (الأحمر) الإيراني كان يحاول أن يكون له وجود هنا، وبعد ذلك وجدنا محاولة لتوفير المنح الدراسية، كما يقال، حتى يستقبلوا من خلالها الطلاب الجيبوتيين في جامعة قم. أشياء كثيرة نحن تنبهنا إليها منذ البداية. حاولنا في البداية أن نقيم علاقات طبيعية.. علاقات تعاون اقتصادي مع إيران، ولكن عندما شعرنا أن هذا التعاون كان دائما فيه كثير من اللبس وفيه كثير من الأمور التي ربما تدخلنا في متاهات مع إيران، ابتعدنا شيئا فشيئا عنها. ثم جاء هذا الاعتداء على اليمن وعلى المصالح العربية، وعليه قررت جيبوتي أن تقطع علاقاتها مع إيران.
* على ذكر اليمن.. هناك بعض المواقع الإخبارية الأجنبية تحدثت عن أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قام بزيارة سرية إلى جيبوتي تتعلق ببحث أموال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في بنوك جيبوتية.. ما حقيقة هذا الأمر؟
- أنا أيضا قرأت ذلك في بعض المواقع، ولكن قبل نشر هذا الخبر، كانت هناك بعثات من الأمم المتحدة قد جاءت للقيام ببعض التحقيقات في هذا الجانب، ولكن لم يجدوا شيئا. قيل إن البنك الفلاني تابع للرئيس السابق (صالح).. وأيضا بدأوا في التحقيق في ذلك ولم يجدوا شيئا. ولكن أنا أعتقد أن هذه المعلومات ليس لها أي أساس من الصحة. ولم يتطرق إليها الرئيسان الجيبوتي واليمني (هادي). هذا ما أؤكده. ما كان مطروحا للحوار بين الرئيسين هو موضوع النزوح واللاجئين والأمن والاستقرار. وكل هذه الأمور التي تتعلق بالظروف التي يعيشها اليمن اليوم. كما أنها كانت زيارة رسمية وليست سرية.
* علاقات جيبوتي مع إثيوبيا والصومال تبدو طيبة، لكن العلاقة مع الجارة إريتريا لا يبدو أنها بهذا الشكل، لماذا؟
- لأسباب منها اعتداء إريتريا على جيبوتي في 2008، واحتلال جزء من أراضيها في شمال البلاد. نحن سعينا لحلحلة هذه الأزمة مع إريتريا بالطرق الدبلوماسية والسلمية. ولجأنا إلى الوساطة القطرية. ذهبنا أمام المؤسسات الدولية حتى نجد طريقا لحل هذه المشكلة بالطرق الودية، ولكن يبدو أن دولة إريتريا لم تكن بالمستوى نفسه من الاستعداد لحل هذه المشكلة، لأنها كانت تربط خلافها الحدودي مع جيبوتي بالخلافات التي كانت قائمة بينها وبين إثيوبيا وبينها وبين اليمن. كان هناك خلط للأوراق من قبل الحكومة الإريترية. نحن حاولنا أن نقنع القيادة في هذا البلد بأننا دولة مسالمة صغيرة لا تريد أي مشكلة مع جيرانها، ولكن يبدو أن إرتيريا لم تستجب إلى هذا الاستعداد الجيبوتي لحل المشكلة. طبعا نجحت قطر بوساطتها إلى حد ما في إعادة عدد من المفقودين والسجناء الجيبوتيين الذين كانوا في السجون الإريترية، ولكن ترسيم الحدود لم يتم بعد. ونحن ما زلنا نعول كثيرا على هذه الوساطة القطرية ونأمل في أن يتم ذلك قريبا. وما زال هناك عدد من المفقودين العسكريين الجيبوتيين. نعتقد أنهم ما زالوا في السجون الإريترية. عددهم 13 جنديا.. رغم ذلك سياسة جيبوتي مع دول الجوار كانت دائما سياسة هادئة، وتسعى لتأسيس علاقات جوار قوية متينة تعتمد على أسس، منها تنمية التجارة وتنمية الاقتصاد وتقوية المصالح المشتركة والقواسم المشتركة. هذه كانت دائما سياسات جيبوتي، وما زلنا نعمل مع الدول الأخرى، الصومال وإثيوبيا واليمن على هذه الأسس. طبعا إريتريا ليست لها مشكلة مع جيبوتي فقط.. عندها مشكلة مع إثيوبيا. وكانت فترة من الفترات عندها مشكلة مع اليمن. أيضا لديها مشكلة مع المجتمع الدولي. إريتريا ما زالت تحت الحصار أو العقوبات التي فرضت عليها من الأمم المتحدة، حتى إنه أُعيد فرض هذه العقوبات قبل أيام في مجلس الأمن من خلال قرار اتخذ بالإجماع تقريبا. هذا يدل طبعا على أن سياسة إريتريا في المنطقة غير محمودة، وغير مقبولة أصلا من المجتمع الدولي. وكثير من أسباب عدم الاستقرار في الصومال، في فترة من الفترات، كانت إريتريا تقف وراءه. نحن نناشد الإخوة في إريتريا أن يغيروا من هذا النمط، وأن يغيروا من هذه السياسات التي لا تساعد في خلق مناخ إيجابي في هذه المنطقة.



فرض إتاوات في صنعاء على العاملين بقطاع الكهرباء الخاصة

مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)
مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)
TT
20

فرض إتاوات في صنعاء على العاملين بقطاع الكهرباء الخاصة

مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)
مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)

لم تكتفِ الجماعة الحوثية بفصل مئات الموظفين من أعمالهم في قطاع الكهرباء العمومية في العاصمة المختطفة صنعاء بعد حرمانهم منذ سنوات من رواتبهم، بل وسَّعت من حجم ذلك الاستهداف بإجراءات تعسفية جديدة تضيق على عملهم في قطاع الكهرباء التجارية الخاصة.

وكشفت مصادر مطلعة عن صدور تعميمات حوثية تُلزِم ملاك محطات توليد الطاقة التجارية في صنعاء وضواحيها بتقديم كشوف تفصيلية تحوي أسماء وبيانات جميع العاملين لديها، ممَّن كانوا ينتسبون قبل تسريحهم من وظائفهم إلى وزارة ومؤسسة الكهرباء الحكومية.

وكان كثير من مهندسي الكهرباء، وهم من ذوي الخبرات بمجال الطاقة الكهربائية لجأوا إلى العمل في محطات توليد الكهرباء التجارية بصنعاء ومدن أخرى، من أجل تأمين العيش، خصوصاً بعد مصادرة الجماعة رواتبهم منذ سنوات عدة.

ويسعى الانقلابيون من وراء ذلك التحرك، بحسب المصادر، إلى ابتزاز أصحاب محطات الكهرباء التجارية، وإرغامهم على دفع أموال تحت مسمى «بدل خبرات وكفاءات» عن كل موظف أو مهندس ممَّن سبق للجماعة أن فصلته من وظيفته، وحلت بآخر من أتباعها مكانه.

عنصر حوثي خلال تفقده عداداً كهربائياً في صنعاء (إعلام حوثي)
عنصر حوثي خلال تفقده عداداً كهربائياً في صنعاء (إعلام حوثي)

وأفادت المصادر بأن ما تُسمى «وزارة الكهرباء» بالحكومة الحوثية غير المعترف بها دولياً والمؤسسة التابعة لها، تتهمان مُلاك محطات توليد الطاقة التجارية في صنعاء، بسرقة أصحاب الكفاءات والخبرات الذين كانوا ينتسبون إليهما، كما تزعم بأنها أنفقت الأموال في سبيل إقامة دورات وبرامج تدريب لمَن كانوا ينتسبون إليها، قبل أن تقوم الجماعة بتسريحهم من أعمالهم.

وكانت الجماعة أقدمت قبل سنوات على تسريح نحو 1000 موظف ومهندس وعامل من وظائفهم في مؤسسة الكهرباء وديوان عام الوزارة في الحكومة غير الشرعية بصنعاء، بذريعة عدم التزامهم بحضور دورات التعبئة والتطييف.

تضييق وحرمان

يبدي أمين، وهو اسم مستعار لمهندس سابق في مؤسسة الكهرباء الخاضعة للجماعة الحوثية بصنعاء، استنكاره للتحرك الذي يهدف لابتزاز ملاك المحطات التجارية، بالإضافة إلى قطع أرزاق العمال وحرمانهم من العمل في القطاع الخاص.

وذكر أمين، الذي يعمل بمحطة تجارية في مديرية معين، أن مندوبين حوثيين أبلغوا مالك المحطة خلال نزولهم الميداني، بوجود تعليمات تطالبهم بتقديم بيانات تفصيلية عن العاملين من منتسبي قطاع الكهرباء العمومي، تشمل أرقامهم، وأماكن سكنهم، وحجم المستحقات المالية التي يتقاضونها.

مبنى المؤسسة العامة للكهرباء الخاضعة للجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مبنى المؤسسة العامة للكهرباء الخاضعة للجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)

ويعتقد المهندس أن الجماعة تنوي ابتزاز محطات الكهرباء الأهلية وإرغام أصحابها على دفع إتاوات عن كل مهندس أو موظف يعمل لديها، وكان ضمن المنتسبين إلى قطاع الكهرباء العمومي الخاضع لها.

ويقول عاملون آخرون في محطات تجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة تريد تجويعهم والتضييق عليهم رداً على رفضهم المشارَكة ببرامج تعبوية تقيمها الجماعة لجميع فئات المجتمع.

من جهته أكد مالك محطة كهرباء تجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إلزامه من قبل عناصر حوثيين قبل أيام بدفع مبلغ مالي عن كل مهندس أو عامل تم تسريحه في أوقات سابقة من مؤسسة الكهرباء العمومية.

وسبق للجماعة أن نفَّذت قبل أسابيع قليلة حملات تعسف طالت عشرات المحطات التجارية في المنطقتين الثانية والثالثة في صنعاء، بحجة عدم التزام ملاكها بالتسعيرة المقررة، وإلغاء ما يُسمى «الاشتراك الشهري».

كما أقدم الانقلابيون الحوثيون في منتصف 2018 - ضمن مساعيهم الحثيثة لخصخصة المؤسسات الحكومية بمناطق سيطرتهم - على خصخصة محطات الكهرباء الحكومية، حيث حوَّلوها إلى قطاع تجاري خاص.