الحكومة المصرية ترعى حوارًا مجتمعيًا لأول مرة مع الشباب لترسيخ قيم المواطنة

بمشاركة مسؤولين رسميين.. ويهدف إلى تهيئة شباب الجامعات سياسيًا وفكريًا

الحكومة المصرية ترعى حوارًا مجتمعيًا لأول مرة مع الشباب لترسيخ قيم المواطنة
TT

الحكومة المصرية ترعى حوارًا مجتمعيًا لأول مرة مع الشباب لترسيخ قيم المواطنة

الحكومة المصرية ترعى حوارًا مجتمعيًا لأول مرة مع الشباب لترسيخ قيم المواطنة

في خطوة عدها مراقبون بأنها خطوة مهمة لإعادة الشباب المصري للمشاركة في الحياة السياسية والمجتمع وتصحيح المفاهيم الخاصة به، خصوصا الدينية، ترعى الحكومة المصرية حوارا مجتمعيا لأول مرة مع الشباب لترسيخ قيم المواطنة، استجابة لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر شرم الشيخ الأول للشباب نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى ضرورة التباحث مع الشباب، والاستفادة من أفكارهم فيما يخص السعي لاستعادة منظومة الأخلاق، وتصويب وضبط الخطاب الدعوي.
ويشارك في الحوار مسؤولون ووزراء ورجال دين، بهدف وضع أسس فاعلة لتدبير الشأن الديني وتصويب الخطاب الدعوي، وضبط الأداء في إطار الحفاظ على الثوابت الدينية والهوية المصرية بكل أبعادها الحضارية والتاريخية.
وتنعقد اللقاءات بمختلف محافظات مصر خصوصا المحافظات الحدودية، لترسيخ القيم الإيجابية في مجتمعنا ومحاربة الأفكار المتطرفة والهدامة. وقال مصدر مصري إن «الحوار المجتمعي استكمال لجهود الدولة لاحتواء الشباب، عقب قرار العفو عن 82 من الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، فضلا عن كونه محاولة جادة لتحقيق التقارب بين الوزارات والهيئات المختلفة والشباب، والتصدي لفكر الجماعات المتطرفة التي تستغل حماس الشباب، فتعمل على تضليل بعضهم وتجنيدهم، ببث أفكارها وسمومها في عقولهم، لتنفيذ مخططاتها الإرهابية».
لقاءات الوزراء مع الشباب أكدت ضرورة تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة وجميع المواطنين لمواجهة مخططات إسقاط الدولة بالتصدي لفكر جماعات الشر، وتحقيق المشاركة المجتمعية للجميع. وبينما أكد حلمي النمنم، وزير الثقافة المصري، أن الحكومة في مهمة وطنية لتجديد الخطاب الديني، أشار خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة، إلى أن «الشباب يريد أن يعلم كيف يتعامل مع القضايا الحياتية بشكل لا يتعارض مع الدين»، لافتا إلى أهمية تجديد واستخدام الخطاب الديني والثقافي المتزن في إقناع الشباب في حل المشكلات الحياتية في ظل القيم والأخلاق والهوية الوطنية.
وأصدر السيسي قرارا رئاسيا بالعفو عن 82 من الشباب المحبوسين على ذمة قضايا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكان السيسي قد قرر في ختام المؤتمر الأول للشباب تشكيل لجنة تقوم بفحص ومراجعة موقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، مطالبا بتوسيع نطاق عملها، ليشمل الشباب الصادرة بحقهم أحكام نهائية أيضا. ويشار إلى أنه منذ نوفمبر عام 2013 ألقي القبض على آلاف المتظاهرين في مصر، بموجب قانون أجاز حبس المتظاهرين إذا نزلوا إلى الشوارع دون إذن السلطات الأمنية.
في السياق ذاته، قال عدد من الشباب الذين شاركوا في جلسات الحوار التي عقدت بوزارة الشباب بالعاصمة المصرية القاهرة، إن «الحوار محاولة لإعادة الشباب إلى المشاركة المجتمعية من جديد، بعد أن فضل كثير من الشباب الابتعاد عن المشهد العام في مصر»، مؤكدين أن «الحوار فتح آفاقا جديدة لتهيئة الشباب سياسيا ودينيا واجتماعيا وثقافيا.. وأن الحوار المجتمعي حائط صد ضد أفكار الجماعات الإرهابية، خصوصا جماعة الإخوان المسلمين، التي تحاول بشتى الطرق، التأثير على الشباب بأفكار مغلوطة لتحقيق أهدافها ومساعيها للنيل من الدولة المصرية».
لقاءات الشباب مع المسؤولين استمرت أمس، ففي محافظة بورسعيد، أكد المشاركون في فعاليات الحوار المجتمعي من مختلف الهيئات والوزارات، أن «الجهل سبب الفتن وانهيار منظومة القيم والأخلاق، وأن الموضوعية وإنكار الذات والحوار والبعد عن الأنانية وتغليب مصلحة الجميع علي المصالح الشخصية يؤدي إلى رفعة الوطن».
وفي محافظة أسيوط، شدد القمص بطرس بطرس، مساعد مقرر لجنة الخطاب الديني في بيت العائلة المصرية، على أن من حب الوطن أن ندافع عنه ونحفظ قوانينه ولا نغتصب شيئا ليس من حقنا، ويجب أن نحترم الكبير والصغير، نتعامل مع الشركاء في الوطن بالمحبة، ولا نميز بينهم، لنعيش بالمحبة جميعا، مؤكدا ضرورة تقديم المصلحة العامة للوطن، ووأد الفتن التي تحاول المساس بوحدته الوطنية، فمصر ستظل وطنا يعيش فينا.
وقال محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن «الحوار يهدف للمشاركة بين جميع الأطراف، ليقف كل على مسؤولياته ووجوب الإنصات وتقدير قيمة الشباب ومكانتهم»، مشددا على ضرورة عدم التقليل من آراء الشباب، مع الاستفادة من فكر الكبار منهم.. مشيدا بأهمية الحوار الاجتماعي العملي بعيدا عن الغرف المغلقة التي لا تفيد المجتمع بشيء.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.