النمسا في انتظار رئيسها الجديد.. بين «الأخضر» و«نسخة من ترامب»

الجولة الثانية تنحصر بين مرشح حزب الحرية نوربرت هوفر والبيئي المستقل فان دير بلن

المرشح اليميني نوربرت هوفر (يمين) أمام المرشح البيئي المستقل ألكسندر فان دير بلن في الجولة الأخيرة التي ستنظم يوم الأحد المقبل (أ.ف.ب)
المرشح اليميني نوربرت هوفر (يمين) أمام المرشح البيئي المستقل ألكسندر فان دير بلن في الجولة الأخيرة التي ستنظم يوم الأحد المقبل (أ.ف.ب)
TT

النمسا في انتظار رئيسها الجديد.. بين «الأخضر» و«نسخة من ترامب»

المرشح اليميني نوربرت هوفر (يمين) أمام المرشح البيئي المستقل ألكسندر فان دير بلن في الجولة الأخيرة التي ستنظم يوم الأحد المقبل (أ.ف.ب)
المرشح اليميني نوربرت هوفر (يمين) أمام المرشح البيئي المستقل ألكسندر فان دير بلن في الجولة الأخيرة التي ستنظم يوم الأحد المقبل (أ.ف.ب)

في عام 2000 قادت الولايات المتحدة الأميركية مقاطعة غربية ضد النمسا استمرت لمدة عامين، بسبب اشتراك حزب الحرية اليميني المتطرف في حكومة ائتلافية بعدما فاز بنسبة عالية من الأصوات، وبعدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية.
وفي الانتخابات المقررة يوم الأحد المقبل يأمل حزب الحرية الفوز برئاسة النمسا، متحفزًا بما فعله دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية، والصعود المتزايد للأحزاب الشعبوية الأوروبية. وفي هذا السياق قالت مرشحة الرئاسة الفرنسية اليمينية المتطرفة مارين لوبان، إن فوز ترامب جعل «غير الممكن ممكنًا».
يوم الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2016 تجري بالنمسا جولة «غير مسبوقة» للانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر أن تحسم منذ جولتها الأولى بتاريخ 24 أبريل (نيسان)، إلا أن عدم فوز أي من المرشحين الستة بالأغلبية المطلقة قاد لإجراء جولة ثانية يوم 22 مايو (أيار) بين أعلى المرشحين نسبة، وهما: المرشح اليميني نوربرت هوفر، والمرشح المستقل ألكسندر فان دير بلن، الذي أعلن فوزه بفارق بسيط، ونسبة لم تتجاوز 50,3 في المائة، وذلك بعد فرز الأصوات الغيابية لمن صوتوا عن طريق البريد.
وبينما كان ألكسندر فان دير بلن يستعد لتولي مهام الرئاسة 8 يوليو (تموز) قضت المحكمة الدستورية في الأول من يوليو بإلغاء نتيجة الانتخابات، مدعية أن مخالفات إجرائية اقترفت بسبب عدّ مبكر قامت به بعض الدوائر للبطاقات البريدية، سابقة التوقيت المحدد، مما دفع حزب الحرية للطعن في النتيجة.
وكما جاء في قرار المحكمة الدستورية، ولمزيد من الشفافية تقرر إعادة الانتخابات وحدد لها يوم 2 أكتوبر (تشرين الأول). إلا أن الانتخابات لم تقم بل تأجلت بإعلان من وزير الداخلية بعد تقديم شكاوى بذوبان غراء بعض مظاريف الاقتراع، ومن ثم حدد لإجرائها يوم 4 ديسمبر. النمسا ظلت طيلة هذه الفترة تحت رئاسة مؤقتة تتولاها رئيسة البرلمان بمساعدة نائبيها.
بالطبع خلال هذه الفترة شاب الحملات الانتخابية بعض الجمود، لكن ومع اقتراب الموعد الذي وصف بأنه الأخير والحاسم اشتعل الحماس كما ظهر جليًا إثر الحملة الانتخابية الأميركية وفوز دونالد ترامب. وأجمع مراقبون على أن الحملة النمساوية عادت أكثر «قذارة» و«شخصنة» و«عنفًا»، وأن مرشح اليمين المتطرف أصبح أكثر ثقة بالفوز، خاصة وأنه يخوض المعركة ببرنامج أقرب لبرنامج دونالد ترامب، بخصوص تضييق الهجرة، وإغلاق الباب أمام المسلمين، ومراجعة العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وخلق علاقة أقوى مع روسيا.
وبينما تتوقع المصادر كافة أن تكون نتيجة الانتخابات متقاربة للغاية، وأن ترتفع نسبة المشاركة لما قد يفوق 70 في المائة، زاد الحماس الإعلامي للمناظرات الرئاسية بين ألكسندر فان دير بلن ومنافسه هوفر، كما زادت سخرية البرامج الكوميدية التي توفرت لها مادة شيقة تجذب المشاهدين.يخوض المرشح اليميني نوربرت هوفر، 45 عامًا، مهندس الصناعات الجوية النائب الثاني لرئيس البرلمان، الذي يبدو وسيمًا يتحدث بصوت منخفض ويتوكأ على عصا نتيجة كسر في سقوط مظلي- الانتخابات بالنمسا. هوفر ينتقي كلماته ويبدو هادئًا فيما يطلق من تصريحات دعائية مثل «النمسا للنمساويين»، وأن حدود البلد الأوروبي الثري لا بد أن تكون مغلقة بإحكام لصد المهاجرين واللاجئين لاسيما المسلمين، متعهدًا بالقضاء على البطالة والاهتمام بملف الصحة، ومراجعة المساعدات الاجتماعية، والإعانات التي تصرفها الحكومة، منددًا بطموحات تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، ومطالبًا بإجراء استفتاء على عضوية النمسا بالاتحاد الأوروبي إذا قبل بانضمام تركيا، أو إذا حاولت بروكسل فرض مزيدٍ من السلطات. كما تعهد بتوثيق العلاقات مع دول جوار النمسا شرقًا، وبالدرجة الأولى مع روسيا. من جانبه قال المرشح البيئي المستقل (ابن مهاجر) ألكسندر فان دير بلن الذي يخوض الانتخابات، 75 عامًا، الرئيس الأسبق لحزب الخضر والأستاذ الجامعي، إنه سيكون رئيسًا لكل المقيمين بالنمسا، داعيًا لتمتين الدور العالمي الذي تلعبه النمسا كدولة ثرية متطورة يجب أن تتضامن مع الدول كافة، سيما ألمانيا التي تربطها بها علاقات تجارية مهمة كأكبر شريك تجاري، مشيدًا بالدور الذي لعبته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وما انتهجته من سياسة الباب المفتوح لاستقبال اللاجئين، منبهًا بأن الدستور النمساوي يقر بالإسلام دينًا ثانيًا بالنمسا، ومبديًا شعوره بالقلق تجاه ما قد يحدث في حال نفذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب برنامجه الانتخابي الذي يعزز ويؤجج الكثير من المخاوف بشأن أكثر من قضية.
من جانبها تنشط دوائر كل حملة نشاطًا غير مسبوق لكسب أصوات الأفراد الذين لا يزالون لم يقرروا بعد لمن يصوتوا، وتشجيعهم للتوجه للمراكز يوم الانتخابات، أو على الأقل التصويت ببطاقة بريدية.
ويستغل الفريقان وسائل التواصل الاجتماعي لأقصى درجة، مؤكدين على أهمية مشاركة مؤيديهم في النقاش الإلكتروني لتفنيد الآراء والمواقف المعاكسة، وتأكيد مواقف مرشحهم وآرائه والإكثار من «اللايكات» لكل ما يدعم المرشح، وإعادة النشر على مواقعهم ما يعجبهم من آراء وصور.
إلى ذلك ارتفعت نسبة البرامج الكوميدية التي تصور فان دير بلن كأستاذ جامعي عجوز يدخن كثيرًا، ويتحدث كثيرًا بلغة رفيعة، ونوربرت هوفر كشاب يميني متطرف متهم بنازية لا تخفيها حتى بسماته الناعمة.



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.