عشية اجتماع «أوبك».. أسهم الاتفاق تتراجع مع فشل توافق «الخبراء»

إيران تسعى إلى 4 ملايين برميل يوميًا وتريد خفض إنتاج السعودية

وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي يتحدث للصحافيين في فيينا أمس (رويترز)
وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي يتحدث للصحافيين في فيينا أمس (رويترز)
TT

عشية اجتماع «أوبك».. أسهم الاتفاق تتراجع مع فشل توافق «الخبراء»

وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي يتحدث للصحافيين في فيينا أمس (رويترز)
وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي يتحدث للصحافيين في فيينا أمس (رويترز)

ازدادت احتمالية عدم نجاح اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اليوم في العاصمة النمساوية فيينا، بعد أن فشلت كل المحاولات حتى يوم الاثنين الماضي لتقريب وجهات النظر بين السعودية والعراق وإيران، في الوقت الذي أعلن فيه الوزير الإيراني أن بلاده لن تقوم بتخفيض إنتاجها.
وأصبحت الأمور في الاجتماع تتوقف على موقف السعودية وإيران، حيث إن السعودية تريد من إيران خفض إنتاجها؛ حالها حال باقي المنتجين في المنظمة، فيما رفضت إيران الأرقام التي اقترحتها السعودية للخفض الإيراني في اجتماع الخبراء الذي انعقد يوم الاثنين.
وقال وزير النفط الإيراني بيجين زنغنه، أمس الثلاثاء، إن بلاده على استعداد للإبقاء على إنتاجها النفطي عند المستويات التي اتفقت عليها «أوبك» أثناء اجتماعها في سبتمبر (أيلول) في الجزائر.
وأبلغ الوزير الصحافيين، ردا على سؤال حول ما إذا كانت إيران ستخفض إنتاج النفط جنبا إلى جنب مع غيرها من أعضاء «أوبك»، قائلا: «سنبقي الإنتاج عند المستوى الذي حددناه في الجزائر».
وأمس، قال وزير الطاقة الإندونيسي إغناسيوس جونان إنه ليس واثقا من أن «أوبك» ستتوصل لاتفاق على كبح إنتاج النفط خلال اجتماعها في فيينا اليوم الأربعاء. وحين سئل من الصحافيين عن احتمالات التوصل لاتفاق، أجاب: «لا أعلم. دعونا نرَ.. فالانطباعات اليوم متباينة».
وفشل اجتماع خبراء المنظمة في فيينا، الذي عقد يوم الاثنين الماضي لنحو 10 ساعات، في تضييق هوة الخلافات بين السعودية، أكبر منتج داخل المنظمة، وثاني وثالث أكبر منتجين بالمنظمة بشأن آليات خفض الإنتاج. واتفقوا على تقديم المقترح النهائي للاجتماع إلى الوزراء، الذين سيحددون ما سيتم فعله.
وفي الوقت ذاته، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي للصحافيين في فيينا إن اجتماع اليوم سيناقش جميع المقترحات؛ وأنه متفائل. وأوضح أن «(أوبك) ستجد طريقة لحل الخلاف. ومسألة اعتماد الأرقام من المصادر الثانوية أو الأرقام الرسمية للدول ليست مشكلة، وسيتم حلها» اليوم.
وتسعى «أوبك» لوضع اللمسات الأخيرة على أول اتفاق لخفض الإنتاج منذ عام 2008، في محاولة لدعم أسعار النفط التي تدهورت كثيرًا منذ عام 2014، لكن إيران تقف حجر عثرة لأنها تريد إعفاءات، في وقت تحاول فيه استعادة حصتها في سوق النفط بعد تخفيف العقوبات الغربية عليها. وضغط العراق أيضا من أجل مستوى أعلى للإنتاج، قائلا إنه بحاجة لمزيد من الأموال لمحاربة تنظيم «داعش»، بحسب ما أوضحته المصادر لـ«الشرق الأوسط». وينصب الخلاف بين العراق والسعودية بشكل أساسي على ما إذا كانت بغداد ستستند لتقديراتها الخاصة لمستوى الإنتاج عند تقييد إنتاج الخام، أم لأرقام أقل حسب تقديرات خبراء «أوبك».
ونقل موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت عن وزير النفط بيجين زنغنه قوله إن «استعادة حصة إيران المفقودة في سوق النفط إرادة وطنية ومطلب للشعب الإيراني».
واتفق أعضاء «أوبك» - التي تمثل ثلث الإنتاج العالمي من النفط - في سبتمبر الماضي على كبح الإنتاج عند ما بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا، مقارنة مع 33.64 مليون برميل يوميا، وذلك لدعم أسعار الخام التي انخفضت بمقدار النصف منذ منتصف 2014.
وتقول إيران إنها تريد زيادة الإنتاج لاستعادة حصتها السوقية التي فقدتها في ظل العقوبات الغربية، مما أتاح للسعودية زيادة إنتاجها. وقال مصدر في «أوبك» لـ«رويترز» إن إيران كتبت إلى المنظمة خطابًا تقول فيه إنه يجب على السعودية أن تخفض إنتاجها النفطي إلى 9.5 مليون برميل يوميا.
وأشارت السعودية في وقت سابق إلى أنها مستعدة لخفض إنتاجها بمقدار نصف مليون برميل يوميا فقط، من المستوى الحالي البالغ 10.6 مليون برميل يوميا.
وفي حين تصاعدت حدة التوتر داخل «أوبك»، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح يوم الأحد الماضي، إن «أسواق النفط ستستعيد توازنها حتى من دون اتفاق لكبح الإنتاج». وكان الفالح قال في وقت سابق إن «الرياض حريصة على التوصل إلى اتفاق».
ومساء أمس، قالت مصادر في «أوبك» لـ«رويترز» إن الوزراء سيعقدون «اجتماعا غير رسمي» في الساعة السابعة من صباح اليوم، قبل المحادثات الرسمية، كما أشارت إلى تأجيل موعد الاجتماع الوزاري الرسمي لمدة ساعة عن موعده الأصلي، ليبدأ في العاشرة.
وأوضحت المصادر أيضا أن وثائق أعدت للاجتماع الوزاري اليوم تقترح خفض مجمل الإنتاج النفطي للمنظمة بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا من مستويات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما تقترح أن تخفض السعودية إنتاجها إلى 10.07 مليون برميل يوميا من مستويات أكتوبر البالغة 10.54 مليون برميل يوميا، وأن تثبت إيران إنتاجها النفطي عند 3.797 مليون برميل يوميا، بحسب المصدر.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.