جمعية سعودية تقود مبادرة لتسهيل سفر المعاقين جوًا

أطلقتها {سواعد} لتصبح المنطقة الشرقية «صديقة» لهذه الفئة

منسوبو جمعية سواعد لذوي الإعاقة الحركية مع الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية
منسوبو جمعية سواعد لذوي الإعاقة الحركية مع الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية
TT

جمعية سعودية تقود مبادرة لتسهيل سفر المعاقين جوًا

منسوبو جمعية سواعد لذوي الإعاقة الحركية مع الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية
منسوبو جمعية سواعد لذوي الإعاقة الحركية مع الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية

يجد المعاقون حركيًا صعوبة بالغة في صعود الطائرة والنزول منها، إذ تعود المسافرون رؤية العاملين في المطار ينقلون المعاقين إلى كرسي الطائرة، ولذلك عملت جمعية «سواعد» للإعاقة الحركية بالمنطقة الشرقية، على تغيير هذا المشهد وتخفيف معاناة هذه الفئة، عبر عقد شراكة مع مطار الملك فهد بالدمام الأربعاء المقبل، لإيجاد حل يُسهل تنقلهم أثناء السفر الجوي، مع مساعٍ لتعميم هذا المشروع ليشمل بقية مطارات السعودية.
وذكر خالد العبيد الأمين العام والمدير التنفيذي للجمعية أن هذه الشراكة المرتقبة هي الأولى من نوعها مع المطارات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا مشروعًا يضمن تنقل المعاقين حركيًا داخل الطائرة بكل أريحية، من خلال كرسي مزود بجهاز للتحكم عن بعد، يستطيع من يجلس فيه التحكم بالكرسي وتخطي السلالم إلى جانب خصائص كثيرة غير مسبوقة».
وأشار إلى أن الجمعية وفّرت الكرسي، وفي حال اعتماده مع مطار الملك فهد يمكن تطبيق التجربة في مطارات أخرى، بالتعاون مع هيئة الطيران المدني، لافتًا إلى أن هذه الخطوة من شأنها إزالة العوائق التي تواجه المعاقين حركيًا حال تنقلهم جوًا.
ويأتي حديث الأمين العام لجمعية سواعد على خلفية مشاركة الجمعية في اليوم العالمي لذوي الإعاقة، الذي يقام في مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية (سايتك)، يومي الجمعة والسبت المقبلين. وقال العبيد: «نسعى لأن تكون المنطقة الشرقية صديقة للمعاقين حركيًا، الذين أصبحوا يشكلون نسبة كبيرة على مستوى السعودية، ووضعنا استراتيجية لذلك، وقدمناها لبلدية الخبر كمرحلة أولى، على أمل أن تشمل جميع مدن المنطقة الشرقية».
وتطرق العبيد إلى خدمات سواعد الإنسانية، موضحا أن أبرزها صيانة وإصلاح الكراسي المتحركة، وتعليم مهارات الكرسي المتحرك، وتأهيل المعاقين، وتقديم دورات تدريبية لذوي الإعاقة الحركية، إضافة إلى برامج مخصصة لهم منها حملة ذرية للمتزوجين من ذوي الإعاقات الشديدة، وبرنامج توظيف المعاقين وتوعيتهم بحقوقهم، وبرامج ترفيهية وتثقيفية ورياضية.
ويمثل المعاقون نسبة 90 في المائة من موظفي جمعية «سواعد» التي تأسست عام 2013. وتمتد خدماتها لتشمل أكثر من 270 معاقا ومعاقة بالمنطقة، معظمهم من ضحايا الحوادث المرورية، كما يفيد العبيد، الذي بدأ عمله في خدمة ذوي الإعاقة الحركية بعد أن أصيب هو أيضا بحادث مروري جعله ينضم إلى هذه الفئة.
وكانت إحصاءات حديثة وردت في كتيب «السلامة المرورية» الذي أصدرته جمعية الأطفال المعاقين مؤخرًا كشفت أن نحو 80 في المائة من الإعاقات الحركية في السعودية جاءت نتيجة الحوادث المرورية، في حين أن 30 في المائة من الحالات بالمستشفيات من مصابي الحوادث، مع الإشارة إلى أن 72 في المائة من الحوادث المرورية ضحاياها من الشباب، مع تسجيل نحو 1400 حادث مروري يوميًا، وقرابة 40 ألف مصاب سنويًا نتيجة الحوادث المرورية.
وكانت مدينة الملك سعود الطبية سجلت مؤخرًا فقدان 372 شخصا لأطرافهم بسبب الحوادث المرورية خلال العشرة شهور الماضية، كان أصغرهم طفلا يبلغ من العمر 9 سنوات، وذلك وفقا لما أوضحه الأخصائي منصور السويحب، رئيس قسم تقنيات التأهيل بالمدينة.
واستقبل مركز قسم تقنيات التأهيل بمدينة الملك سعود الطبية أكثر من 5 آلاف مريض، خلال العام الماضي، ويقدم 24 خدمة علاجية للمرضى منها؛ تركيب عدة أنواع من الأطراف تشتمل على أطراف علوية وسفلية، وأجهزة تقويمية للأطراف العلوية والسفلية والجبائر القماشية والبلاستيكية، والأحزمة الطبية وتتضمن قماشية وبلاستيكية، والأجهزة الطبية التعويضية، والجبائر، والأحذية الطبية، وبطاقات الإعاقة، وغير ذلك من الخدمات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».