المال هو كل ما يهم داخل مصنع الأخبار الكاذبة

القرصنة والسطو على محتويات المواقع الإلكترونية وسائل لجذب القراء

تعتمد المواقع الإخبارية المشبوهة على نسخ أخبار من مواقع أخرى وتجربة الصيغة التي تنجح في جذب القراء  -  أحد مواقع الأخبار الملفقة
تعتمد المواقع الإخبارية المشبوهة على نسخ أخبار من مواقع أخرى وتجربة الصيغة التي تنجح في جذب القراء - أحد مواقع الأخبار الملفقة
TT

المال هو كل ما يهم داخل مصنع الأخبار الكاذبة

تعتمد المواقع الإخبارية المشبوهة على نسخ أخبار من مواقع أخرى وتجربة الصيغة التي تنجح في جذب القراء  -  أحد مواقع الأخبار الملفقة
تعتمد المواقع الإخبارية المشبوهة على نسخ أخبار من مواقع أخرى وتجربة الصيغة التي تنجح في جذب القراء - أحد مواقع الأخبار الملفقة

بعدما اقترب موعد التخرج ولأنه يخشى شبح البطالة، قرر طالب علوم الكومبيوتر بأقدم جامعات جورجيا بداية العام الحالي أن أفضل وسيلة لجمع المال ستكون من خلال نهم الشعب الأميركي للأخبار السياسية والحزبية. وبالفعل أنشأ موقعا إلكترونيا ونشر فيه سيلا من الأخبار عن هيلاري كلينتون وانتظر تدفق الإعلانات عليه.
قال طالب الكومبيوتر بيقا لاتسبايدز، 22 عاما: «لا أدري لماذا لم ينجح الأمر»، لكنه كان من الفطنة بحيث قرر تغيير وجهة المواد المنشورة لتجتذب عددا أكبر من القراء، وملأ الموقع بأخبار تمجد دونالد ترامب، كان بعضها حقيقيا وكان البعض الآخر ملفقا وذا نكهة مناوئة لكلينتون.
وعلى بعد أكثر من 6000 ميل حيث مدينة فانكوفر، كان للكندي جون إيغان الذي يدير موقعا ساخرا الملاحظة نفسها. فموقع إيغان، ذا بوراد ستريت جورنال، ينشر تعليقات ساخرة على الأخبار لكنها لم تكن أخبارا مفبركة، ولم يكن يحاول خداع القراء. لكنه أيضا اكتشف أن الكتابة عن ترامب «منجم ذهب»، حيث ارتفع معدل الزيارة لموقعه الإلكتروني، وحقق الموضوع الساخر الذي نشره عن هجرة أوباما إلى كندا حال فاز ترامب نجاحا كبيرا، لكن لاتسبايدز وغيره سرقوا الموضوع ونشروه بمواقعهم.
وفي مكالمة هاتفية قال إيغان: «الأخبار كلها باتت تغطي ترامب. فالناس تلهث وراءها». ومع تحذير أوباما من خطورة نشر الأخبار السياسية الكاذبة وتداولها عبر موقع «فيسبوك» وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، فإن السؤال الأكثر إلحاحا هو ما مصدر تلك الأخبار؟ وكيف يعمل النظام الإيكولوجي لتلك الأخبار الساخنة والملفقة؟
يحذر بعض المحللين من أن أجهزة استخبارات أجنبية تتدخل في السياسة الأميركية مستخدمة الأخبار الكاذبة للتأثير على سير الانتخابات. لكن من ضمن الطرق التي يجرى بها طهي اللحم الفاسد تأتي القرصنة الإلكترونية في المقدمة والتي لا تهدف سوى لجمع المال، حيث تجد أن قصة ساخرة كتبها شخص ما في كندا قد استولى عليها خريج جامعي حديث من إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، تحديدا جورجيا، ليجرى تقديمها كخبر حقيقي لجعل القراء السذج في الولايات المتحدة ينقرون على الـ«ماوس». قال لاتسبايدز إن هدفه الوحيد هو جني المال من الإعلانات في جورجيا بإغراء أصحاب صفحات «فيسبوك» للدخول على موقعه. وللحصول على المواد، غالبا ما يكتفي لاتسبايدز بعمل قص ولصق، وأحيانا يرسل بعناوين الموضوعات في رسائل خاصة، لكن عملية القص واللصق هي الغالبة، مثلما حدث مع قصة الكندي إيغان المفبركة عن أوباما. لم يكن إيغان راضيا لرؤيته أعماله الساخرة منشورة على موقع لاتسبايدز، وقام بعمل تحذير بأن ما جرى يعد انتهاكا لحقوق النشر.
ولم يفت الساخر إيغان أن ينهي تحذيره بتعليق ساخر قال فيه: «لا أكاد أصدق أن ترامب جاء وسيجلس بيننا لأربعة أعوام كاملة».
وبحسب بعض التقديرات، فإن الأخبار الكاذبة التي تظهر على الإنترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي كان لها تأثيرها الكبير خلال الشهور الأخيرة على الحملة الانتخابية أكثر من غيرها من الأخبار الصادرة عن مصادر معتمدة.
البحث عن الروح
ونتيجة لذلك، بدأ عمالقة الإنترنت مثل «فيسبوك» و«غوغل» في البحث عن دورهم في نشر وتبادل الأخبار الكاذبة. فمن جانبها أعلنت «غوغل» عزمها حظر المواقع التي تنشر أخبارا كاذبة من استخدام خدماتها الإعلانية، فيما أعلن المدير التنفيذي لموقع «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، بعضا من الخيارات التي تدرسها شركته، منها بعض الطرق البسيطة لوضع علامة على المحتويات المشبوهة.
يعيش لاتسبايدز في تبليسي مع أخيه في شقة مستأجرة ويعترفان بأنهما لا يهتمان بالأخبار السياسية وقد قاما بالتجريب في وضع الأخبار فبدأ بإنشاء موقع موال لهيلاري كلينتون وصفحة منفصلة على «فيسبوك» تدعم بيرني ساندرز، وموقع آخر يقدم موجز أخبار منوعة منقولة من موقع صحيفة «نيويورك تايمز» ومواقع إخبارية أخرى. ولكن لم تنجح تلك المواقع وأخريات أنشأها لاتسبايدز، وقرر التحول لدونالد ترامب وأنشأ موقعا مناصرا لترامب نجح في استقطاب الاهتمام خصوصا مع قوائم موضوعات موالية بشدة لترامب ومعادية لهيلاري، بعد أن حاورت «نيويورك تايمز» لاتسبايدز حول نشاطه اختفى الموقع وصفحة «فيسبوك».
وقال في الحوار: «جمهور القراء على موقعي يحب ترامب، ولا أريد أن أكتب أشياء سيئة عنه، فإذا نشرت أخبارا كاذبة عنه سأخسر جمهوري».
بعض الأخبار على موقعه حول ترامب حقيقية وبعضها متحيز وعدد منها غير صحيح؛ مثل خبر نشر هذا الصيف مفاده أن الحكومة المكسيكية قررت إغلاق حدودها مع الولايات المتحدة الأميركية حال فاز ترامب في الانتخابات. وحسب موقع «بازفيد» فقد تربعت هذه القصة على الموقع الثالث بين أكثر المواضيع تداولا على «فيسبوك» في الفترة ما بين شهري مايو (أيار) ويوليو (تموز).
أثبتت التوليفة نجاحها لدرجة أن مواقع أخرى في جورجيا وبلدان أخرى استخدمتها مثل «نيكا كوردادز»، وهو زميل دراسة للاتسبايدز، والذي أنشأ موقعا خاصا به موال لترامب كانت آخر موضوعاته المفبركة ما عنوانه «توقفوا أيها الليبراليون.. هيلاري خسرت ملايين الأصوات الانتخابية.. وهذا هو السبب». لم يصادف لاتسبايدز أي مشكلات من طريقته في قص ولصق الأخبار من مواقع أخرى، بل تعرض موقعه للاقتباس من مواقع في الهند.
يعرب لاتسبايدز عن دهشته من أن يعتبر أي قارئ أن الموضوعات على موقعه حقيقية، مؤكدا أنه يجب على أن القراء أن يعتبروها نوعا من التسلية الممزوجة بالمعلومات وألا يتعاملوا معها بجدية.
خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».