حداد في كوبا بعد غياب قائد تحدى الموت 638 مرة

مسيرة لنقل رماده عبر البلاد لمدة 4 أيام تنتهي في سانتياغو

حداد في كوبا بعد غياب قائد  تحدى الموت 638 مرة
TT

حداد في كوبا بعد غياب قائد تحدى الموت 638 مرة

حداد في كوبا بعد غياب قائد  تحدى الموت 638 مرة

عمت مظاهر الحداد كوبا أمس بعد وفاة زعيمها الثوري فيدل كاسترو، وسط استعدادات الجزيرة الشيوعية للوداع الأخير لأحد عمالقة زمنه، بمراسم تكريم ضخمة، وموكب تشييع يستمر 4 أيام.
بعد المفاجأة التي أثارها إعلان وفاة كاسترو عن 90 عاما، بدأت الاستعدادات بهدوء أمس الأحد الذي لا يشمل في العادة أي نشاط رسمي. وتوفي كاسترو، الذي حكم كوبا بقبضة حديدية متحديا الولايات المتحدة طوال نصف قرن، في وقت متأخر الجمعة الماضي، بعدما مرت عليه 11 إدارة أميركية، ونجا من مئات محاولات الاغتيال. ولم تعلن السلطات سبب الوفاة.
وكان مقررا أن يتم أول من أمس إحراق جثمان القائد المثير للانقسام وعملاق القرن العشرين الذي انتقل إلى القرن التالي رغم كل التوقعات، في اليوم الأول من 9 أيام أعلن فيها الحداد الرسمي. وتنطلق اليوم سلسلة مراسم تكريم بتجمع للكوبيين في «ساحة الثورة» التاريخية في هافانا.
لاحقا، سينقل رماد كاسترو في مسيرة تستغرق 4 أيام عبر البلاد قبل مواراته في مدينة سانتياغو جنوب شرقي البلاد في 4 ديسمبر (كانون الأول) 2016. وتشكل سانتياغو ثانية مدن كوبا التي شهدت محاولة كاسترو الأولى لإطلاق الثورة في 1953، قبل 6 سنوات من نجاحه في طرد الديكتاتور الذي تدعمه الولايات المتحدة فولغنسيو باتيستا.
وسط حب معجبيه الذين يرونه مخلصا للشعب، من جهة، وكراهية أعدائه الذين يعدونه طاغية شرسا من جهة أخرى، حكم كاسترو كوبا منذ 1959 حتى تسليمه السلطة إلى شقيقه الأصغر راوول كاسترو في 2006 وسط أزمة صحية.
وحتى في تلك الفترة، ظل وجوده طاغيا، فكثف مقالات الهجوم على «الإمبريالية» الأميركية في الصحف الرسمية، محافظا على نفوذ واسع من الكواليس. أثار كاسترو الشقاق على حد سواء في حياته ومماته، وأثار إعلان وفاته ردود فعل حادة، وعلى طرفي نقيض حول العالم.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «رجل الدولة المميز يعد بحق رمزا لحقبة في التاريخ الحديث للعالم»، مضيفا أن كاسترو «كان صديقا وفيا لروسيا يمكنها الاعتماد عليه».
من جهته، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة بثها التلفزيون أول من أمس: «لقد فقد الشعب الصيني رفيقا صالحا ووفيا (...). الرفيق كاسترو سيبقى خالدا». لكن في مدينة ميامي التي بها ما تعد أكبر جالية كوبيين في المنفى، فروا من حكم كاسترو إلى الولايات المتحدة، أقامت حشود مبتهجة احتفالات صاخبة. كذلك صدرت ردود فعل شديدة التفاوت من الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما، والرئيس المنتخب دونالد ترامب؛ ففيما عد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن «التاريخ سيحكم على التأثير الهائل» للزعيم الكوبي الراحل، رأى خلفه دونالد ترامب أن كاسترو كان «ديكتاتورا وحشيا قمع شعبه».
وكان ترامب دعم في البداية سياسة التقارب مع كوبا، إلا أنه مع دخوله في الحملة الانتخابية عاد وأبدى تحفظات، معربا عن الأسف لأن أوباما لم يحصل على شيء مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على النظام الكوبي.
وأعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنه «سيقوم بكل ما هو ممكن للحصول على اتفاق صلب» مع كوبا، مما يؤشر إلى احتمال عودته عن بعض ما توصل إليه أوباما. وقالت أوروبا مينديز، البالغة 82 عاما، وهي دامعة: «ماذا عساي أقول؟ فيدل كاسترو كان شخصا كبيرا جدا»، متذكرة حياة فقر عاشتها قبل ثورة كاسترو في 1959. وأضافت: «كان فيدل دائما الأول في كل شيء، قاتل من أجل المظلومين والفقراء».
وفيدل كاسترو، نجل أحد كبار ملاكي الأراضي من ذوي الأصول الإسبانية، وقد فاجأ حتى أنصاره بتقربه من موسكو بعد توليه السلطة في يناير (كانون الثاني) 1959، وتبنى أثناء حكمه شعار «الاشتراكية أو الموت» الذي رافقه حتى النهاية.
وتحدّى فيدل كاسترو 11 رئيسا أميركيا، ونجا من عدد قياسي من المؤامرات لاغتياله بلغ 638 محاولة بحسب موسوعة «غينيس»، إضافة إلى محاولة فاشلة لإنزال منفيين كوبيين مدعومين من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في خليج الخنازير (جنوب كوبا) في أبريل (نيسان) 1961.
وفي أكتوبر 1962، وقعت أزمة الصواريخ التي تسبب فيها نصب صواريخ نووية سوفياتية في كوبا، مما أثار أزمة وضعت العالم على شفير حرب ذرية. وأثارت الثورة الكوبية حينها نوعا من الإعجاب، وتباهى النظام بأنه قضى على الأمية وأقام نظاما صحيا ناجعا وفي متناول جميع سكان كوبا البالغ عددهم 11.1 مليون نسمة، وهو إنجاز نادر في بلد فقير في أميركا اللاتينية.
لكن انهيار الاتحاد السوفياتي، أهم ممول لكوبا، في 1991 سدد ضربة قوية للاقتصاد الكوبي، وواجه السكان نقصا كبيرا في التموين، فيما توقع كثيرون نهاية نظام كاسترو. لكن فيدل بطل الاستمرارية السياسية، وجد مصدرا جديدا للدخل مع السياحة، خصوصا مع حليفين جديدين هما الصين وفنزويلا في عهد الرئيس هوغو شافيز الذي قدمه كاسترو بوصفه «ابنه الروحي».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.