67 ورقة بحثية في انطلاق مؤتمر الأدباء السعوديين.. وتكريم 14 شاعرًا

وزير الثقافة والإعلام: الملتقى يعود بعد 11 عامًا من الغياب

د. عادل الطريفي لدى تكريمه د. عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام السعودي السابق في مؤتمر الأدباء السعوديين بالرياض أمس (تصوير: إقبال حسين)
د. عادل الطريفي لدى تكريمه د. عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام السعودي السابق في مؤتمر الأدباء السعوديين بالرياض أمس (تصوير: إقبال حسين)
TT

67 ورقة بحثية في انطلاق مؤتمر الأدباء السعوديين.. وتكريم 14 شاعرًا

د. عادل الطريفي لدى تكريمه د. عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام السعودي السابق في مؤتمر الأدباء السعوديين بالرياض أمس (تصوير: إقبال حسين)
د. عادل الطريفي لدى تكريمه د. عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام السعودي السابق في مؤتمر الأدباء السعوديين بالرياض أمس (تصوير: إقبال حسين)

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، دشن الدكتور عادل الطريفي، وزير الثقافة والإعلام، مؤتمر الأدباء السعوديين في دورته الخامسة، بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض مساء أمس، مشيرا إلى أن إقامة المؤتمر بالرياض هذه المرة، جاءت استمرارا لجهود الوزارة وإيمانا بأهمية المؤتمر من ناحية؛ وأهمية دعم الأدب والأدباء السعوديين من ناحية أخرى.
ويناقش الباحثون عبر عنوان المؤتمر: «الأدب السعودي ومؤسساته.. مراجعات واستشراف» 67 ورقة عمل تتناول محاور عدة. كما خُصص جانب من مقر عقد المؤتمر لمعرض مصاحب لعدد من المؤسسات الثقافية ودور النشر، إلى جانب معرض تشكيلي للفنانين السعوديين.
وكرّم المؤتمر ثلاث مؤسسات خدمت الأدب العربي في السعودية، وهي مجلة «المنهل»، و«كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود»، و«إثنينية عبد المقصود خوجة»، كما كرم 14 شاعرا أصدروا أولى دواوينهم قبل عام 1400هـ.
وقال الطريفي في كلمة له إن المؤتمر «يأتي في دورته هذه، ليكون استمرارا للعناية والرعاية الملكية الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين، وداعما للأدب والأدباء السعوديين، ضمن الأدوار التي تقوم بها الوزارة في هذا الشأن». وأضاف: «إن المسؤولية الملقاة على كاهل الأدباء كبيرة في هذا الوقت الذي يشهد تحولات كبرى في مختلف المجالات، وتطورات متسارعة في الأحداث، وثورة كبرى في مجالات الاتصالات والمعلومات، تستوجب التعامل معها بإحساس المواطنة الحقة».
وتستوجب هذه الثورة أيضا، وفق الطريفي، «رصد هذه التحولات، وقراءتها بلغة صادقة تدعم وحدة الوطن وتعزز دوره ومكانته الكبرى على الصعد كافة، وتكون خير معين لأبنائه وبناته في العصر الحالي، ومرآة للأجيال المقبلة، ومواكبة لـ(الرؤية 2030) في المجالات ذات الصلة بالأدب والثقافة والفنون».
واستذكر الطريفي في كلمته، بدايات المؤتمر؛ تحديدا دورته الأولى في مكة المكرمة عام 1394هـ، ثم في دورته الثانية في مكة المكرمة عام 1419هـ، منوها بأنه بعد غياب 11 عاما تبنت وزارة الثقافة والإعلام المؤتمر، فعقدت دورته الثالثة في الرياض عام 1430هـ، ثم دورته الرابعة في المدينة المنورة عام 1434هـ.
وقال وزير الثقافة والإعلام: «من مبادرات (الرؤية السعودية)، المدينة الإعلامية التي من أهدافها صناعة محتوى سعودي، يعكس ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وثوابتنا الدينية، وهذا المحتوى في الحقيقة من نتاج علمائنا وأدبائنا الكبار، والمجمع الملكي للفنون الذي يشتمل على مسرح وطني، ومعرض وطني لكافة الفنون بأنواعها؛ وذلك كله تعزيزا للعمل الثقافي والأدبي، ليحول العمل الأدبي إلى سيناريوهات للإنتاج المرئي». وزاد أن «هذه المبادرات ستكون كلها لصالح الأدب والثقافة في المملكة»، كاشفا عن حلمه بالبدء في العمل على إنشاء موسوعة أدبية وثقافية وفنية للناشئة السعودية، تساعدهم على معرفة ثقافة وتاريخ بلادهم، متطلعا إلى تحقيق ذلك قريبا.
وتابع وزير الثقافة والإعلام قائلا: «بات بإمكان الأديب والمثقف السعودي الحصول على فسوحات الكتب والتراخيص وإقامة الندوات والأمسيات بكل يسر وسهولة، وذلك باستخدام الأجهزة وخدمات الرسائل النصية عبر أجهزة الهواتف النقالة ومعرفة حالة الطلب»، مشيرا إلى تولي إدارة التقنية مسألة تقليص الوقت الزمني، لتنال رضا المثقف والأديب، وزاد: «بدأنا العمل على إعادة مسرح الإذاعة والتلفزيون حتى يتمكن من تقديم الأعمال الأدبية السعودية، من قصص وروايات، إلى الجمهور السعودي، وهناك خطة شاملة تتعلق بتنشيط العمل المسرحي في كافة أرجاء المملكة، وقد انتهينا من مشروع المراكز الثقافية في معظم مناطق المملكة، لتكون مراكز إشعاع للأدب السعودي».
وأكد وزير الثقافة والإعلام أن الوزارة تتحمل مسؤوليات كبيرة في دعم الثقافة والمثقفين والأدب والأدباء والفنون والفنانين، وتسهيل متطلبات العمل الثقافي ودعم مؤسساته، «فهي مع العمل الجاد والمتميز بالأساليب والآليات الممكنة، خدمة للوطن، ورفع رايته خفاقة في المحافل كافة، وإظهار الصور الحقيقية لثقافة وآداب وفنون السعودية»، مبديا تطلعه إلى أن يقدم الباحثون والباحثات في هذا المؤتمر، من خلال أوراق عملهم التي تجاوزت الـ60، ما يتناسب مع التطور الكبير في الأدب السعودي، شعرا ونثرا، ويسهم في تطوير حركة النقد والبحث والدراسات الأدبية في السعودية، ويقدم صورا حقيقية للتحولات المختلفة في مسيرة الأدب السعودي خلال العقود القليلة الماضية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».