أميركا: هدوء في عيد الشكر.. لكن ترامب مازال يغرد

الصحف الأوروبية: وفاة كاسترو.. والانتخابات الفرنسية

أميركا: هدوء في عيد الشكر.. لكن ترامب مازال يغرد
TT

أميركا: هدوء في عيد الشكر.. لكن ترامب مازال يغرد

أميركا: هدوء في عيد الشكر.. لكن ترامب مازال يغرد

كان الأسبوع الماضي شبه عطلة بسبب احتفالات عيد الشكر، وركز الإعلام على مواضيع لها صلة بالاحتفالات: غياب كثير من الموظفين والعمال عن العمل ليوم أو يومين أكثر من الإجازة الرسمية، وسافر الملايين لقضاء العيد مع عائلاتهم (المناسبة العائلية السنوية الأهم في أميركا)، وشراء وإعداد وأكل وجبة العيد التقليدية، الديك الحبشي (الرومي). لهذا، ابتعد الإعلام قليلاً عن السياسة والسياسيين، لكن تظل باقية آثار الحملة الانتخابية التي فاز فيها المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
فقد تابعت صحيفة «واشنطن بوست» رصد الأخطاء التي وقعت في عد الأصوات في الانتخابات الرئاسية في ولاية وسكونسن (فاز فيها ترامب)، وامتداد حملة «الأخطاء» إلى ولايات أخرى، مثل بنسلفانيا وأوهايو (فاز فيهما ترامب).
لهذا، ورغم أن كثيرًا من السياسيين صمتوا خلال احتفالات عيد الشكر، فإن ترامب لم يصمت، فقد غرد وانتقد حملة من سماهم «الفاشلين الذين سقطوا في الانتخابات، وها هم يريدون إعادة عد الأصوات»، كما انتقد حزب الخضر في ولاية وسكونسن الذي يقود حملة لإعادة عد الأصوات هناك، قائلاً إن الحزب «أفشل» من الحزب الديمقراطي.
ولم يتجاهل ترامب خبرًا آخر مهمًا في أثناء الاحتفالات: وفاة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو. فقد غرد بثلاث كلمات: «موت فيدل كاسترو». وكان هذا عكس البيان الذي أصدره البيت الأبيض، وفيه إشارات إلى التقارب الأخير مع كوبا، خصوصًا قرار الرئيس باراك أوباما إعادة العلاقات الدبلوماسية.
لكن، خلال الحملة الانتخابية، انتقد ترامب هذا القرار. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن ترامب، عندما يصير رئيسًا، لن يلغي قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية، لكنه سيتخذ سياسة «البرود» نحو حكومة كوبا، وأضافت أن ترامب الذي كسب ولاية فلوريدا في الانتخابات الأخيرة (وساعده ذلك على كسب كل الانتخابات) سيضع اعتبارات للجالية اللاتينية والكوبية الكبيرة التي تعيش هناك.
وقالت الصحيفة: «سيريد ترامب الواقعي علاقة واقعية مع كوبا.. سيتصرف مثل البائع الذي يريد أن يبيع بضاعته، من دون وضع اعتبار لجوانب أخرى للشخص الذي سيشتري بضاعته».

اهتمت الصحف الأوروبية بعدة ملفات دولية وإقليمية ولعل أبرزها وفاة الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو واستمرت المتابعة للجولات التمهيدية للانتخابات الرئاسية في فرنسا، فضلا عن استمرار متابعة الأزمة السورية، ونبدأ من باريس والصحف الفرنسية والبداية من «ليكسبراس» التي عنونت إحدى ملفاتها مات فيدل كاسترو. نقرأ في المجلة ملفا كاملا مخصصا لحياة وسيرة الزعيم الكوبي السابق فيدل كاسترو. تساءلت كاتبة المقال كريستين ماكاريان إن كاسترو كان من الحكام الذين فرضوا الديكتاتورية وقبضة يدهم الحديدية على بلادهم، بل واستطاع الرجل أن يصدر أفكاره السياسية والأمنية والعسكرية إلى خارج الجزيرة الكوبية ونقل الزعيم السابق التجربة الكوبية إلى الخارج بطريقة عجيبة، إذ وصلت إلى ليبيا ومالي والجزائر وغينيا بيساو والكونغو برازافيل وغيرها من الدول تعلق الكاتبة. وفي إطار آخر تضيف الكاتبة، نوعا ما كان الاتفاق مع الولايات المتحدة وصيته، وكأنه يقول حتى، إن المصالحة مع واشنطن لن تتم من دوني.
رمز أو طاغية؟ «فيدل كاسترو» لعب دور الثوري الذي لا يموت. في مجلة «لوبس» نقرأ في مقال لشارلوت سيلانسكي أن فيدل كاسترو جسد في الجزء الثاني من القرن العشرين آمال الجيل الثوري الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية.. فيدل كان مؤمنًا بأن قصص الثوار يمكن لها أن تصبح حقيقة. وتتساءل الكاتبة في مقالها، «فيدل كاسترو مات». هل يمكن أن نقول إن السحر الجماعي الذي أضفاه على جيل بأكمله اتخذ نتائج ملموسة للثورة الكوبية؟
وفي موضوع آخر نقرأ في مجلة «لوبوان» مقالا عن دعوة رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلا من رئيس الوزراء مانويل فالس والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالإضافة إلى وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون وزعيم الحزب الشيوعي جون لوك ميلانشون إلى المشاركة في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017 عن أحزاب اليسار.
أما الـ«أوبزرفر» البريطانية فقد نشرت موضوعا ضمن تغطيتها للملف السوري بعنوان: «لا يمكننا الوقوف ومشاهدة أكثر من ذلك: نواب يطالبون ماي بالسماح بإسقاط المساعدات جوًا على حلب».
تقول الجريدة إن هناك مجموعة من نواب مختلف الأحزاب في مجلس العموم البريطاني يطالبون رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بتوجيه أوامرها للقوات الجوية البريطانية بالمساهمة في نقل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في مدينة حلب شمال سوريا. توضح الجريدة أن المجموعة التي تضم أكثر من 120 نائبا، بينهم عضو الحكومة السابق من حزب المحافظين الحاكم مايكل غوف، أكدوا لماي أنه من واجب الحكومة مساعدة الأطفال والبالغين الذين يعانون الجوع في حلب.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.