«عدوى الجمعة» تصل إلى لبنان وتتسبب بشتائم إلكترونية

بدأ العمل بها في عام 2014 وتتصدّر لائحتها محلات الألبسة والإلكترونيات

الزبائن تهافتوا على المحلات التجارية المتبعة أسعار «الجمعة السوداء»
الزبائن تهافتوا على المحلات التجارية المتبعة أسعار «الجمعة السوداء»
TT

«عدوى الجمعة» تصل إلى لبنان وتتسبب بشتائم إلكترونية

الزبائن تهافتوا على المحلات التجارية المتبعة أسعار «الجمعة السوداء»
الزبائن تهافتوا على المحلات التجارية المتبعة أسعار «الجمعة السوداء»

«الجمعة السوداء» أو (بلاك فريداي) كما هي معروفة في أميركا ظاهرة وصلت لبنان مؤخرا، وبات أهله ينتظرونها تماما مثل الأميركيين في اليوم التالي لعيد الشكر (25 نوفمبر «تشرين الثاني»). وفي هذا اليوم تجري حسومات مرتفعة على منتجات المحلات، كلّ حسب نوعها، لتصل إلى نحو 70 في المائة، مستقطبة بذلك مختلف شرائح المجتمع اللبناني.
وهذا العام اتّبع عدد لا يستهان به من المراكز التجارية في لبنان هذا التقليد، لا سيما في العاصمة، الذي عادة ما يسبق عيد الميلاد بأسابيع قليلة. فيقصد الناس تلك المحلات علّهم يجدون فيها هدايا العيد بأسعار منخفضة. ومن بين المحلات التجارية التي شاركت في هذا اليوم «زارا» و«آيزون» و«آيشتي» و«آلدو» و«إكسيسورايز» وغيرها. إلا أن محلات «خوري هوم» للإلكترونيات حصدت اهتمام اللبنانيين في الدرجة الأولى، بحيث تفاجأ أصحاب هذه المحلات المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية بكثافة عدد الناس الذين قصدوها لشراء حاجاتهم بعد حسومات طالتها بدءا من 5 في المائة، وصولا إلى 70 في المائة. وتسببت «الجمعة السوداء» في بيروت بزحمة سير خانقة، لا سيما على الطرقات المؤدية إلى المكلّس والدورة وجونية وغيرها، حيث تنتشر فروع محلات «خوري هوم»، إذ اضطر الناس إلى أن يبقوا محصورين في سياراتهم لساعات طويلة تجاوزت الساعات الثلاث أحيانا.
هذا المشهد الذي أثار حفيظة بعض الذين أصيبوا بالتوتّر من جراء زحمة السير، دفع بالمتضررين منه إلى نشر رسائل إلكترونية مسجّلة بالصوت أو الصورة على مواقع التواصل الاجتماعية، تصف هذه الظاهرة بـ«الجمعة السوداء» بأنها خربت البلاد وتسببت في حوادث سير. فيما راحت بعض النسوة يسجّلن الرسالة الإلكترونية تلو الأخرى بنبرة عالية وهن يشتمن فيها هذه المحلات وأصحابها، مما ولّد أجواء توتّر على تلك المواقع انتهى بعضها بردود وخناقات لم يسلم منها آل الخوري ولا مراكز الـ(أ.ب.ث) ولا غيرها من المولات التجارية المنتشرة في لبنان، التي اعتمدت بعض المحلات فيها أسعار «الجمعة السوداء».
وأشارت ريتا، إحدى العاملات في محلات «خوري هوم» في منطقة الدورة، إلى أنها تفاجأت وزملائها بالأعداد الغفيرة من الناس التي قصدت محلاتها وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «رغم وجود مواقف ضخمة وواسعة لاستيعاب مئات السيارات في هذه المناسبة، إلا أننا شهدنا حشودات من الناس تفوق التوقعات، مما تسبب في زحمة سير خانقة على الطرقات المؤدية إلى محلاتنا لا سيما في الدورة وجونية والمكلّس».
وأكّد ماريو في الفرع نفسه، أن هذا التقليد اتّبع في محلاتهم منذ نحو السنوات الثلاث، إلا أن السنة الحالية كانت الأقوى من حيث ازدياد نسبة المبيعات، حتى إن بعض السلع اختفت من المحلات رغم أن الحسومات باقية حتى الثلاثاء المقبل.
أما علي، أحد العاملين في محلات «زارا» في مجمّع كونكورد في منطقة فردان، فقد أكّد أن غالبية الزبائن استفادوا من حسومات «الجمعة السوداء» لشراء هدايا أعياد الميلاد ورأس السنة ولو قبل حين من موعدها.
وبينما استمتع البعض بممارسة هواية التسوّق بأسعار متهاودة، إلا أن قسما آخرا وجد أن بعض المحلات لم تكن حسوماتها حقيقية، إذ ادّعت تخفيض أسعارها فيما الحقيقة تشير إلى عكس ذلك. فوضى وتدافع وزحمة سير قد تكون العناوين العريضة اللافتة لـ(الجمعة السوداء) في لبنان، إلا أنها ساهمت في المقابل في تحريك القوة الشرائية بنسبة الضعف أحيانا، وربما أكثر، كما أكد أحد العاملين في محلات «مانغو» وسط بيروت.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».