حقيبة الأشغال والنقل.. وزارة الخدمات الانتخابية في لبنان

السباق من قبل الأحزاب عليها أحد أبرز الأسباب التي تؤخر تشكيل الحكومة

الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله المطران لوقا الخوري (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله المطران لوقا الخوري (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

حقيبة الأشغال والنقل.. وزارة الخدمات الانتخابية في لبنان

الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله المطران لوقا الخوري (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله المطران لوقا الخوري (تصوير: دالاتي ونهرا)

يعكس السباق المحتدم على حقيبة وزارة الأشغال والنقل بين الأطراف اللبنانية أهمية هذه الحقيبة بالنسبة إلى الأحزاب والكتل البرلمانية اللبنانية، لا سيّما أن تشكيل الحكومة العتيدة يأتي اليوم قبل أشهر معدودة من الانتخابات النيابية التي يفترض أن تجرى في شهر مايو (أيار) المقبل.
وتشكّل هذه الوزارة التي يتولاها في حكومة تصريف الأعمال الحالية الوزير غازي زعيتر، المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أحد أبرز الأسباب التي تعيق تشكيل الحكومة، في ظل رفض برّي التخلي عنها، ومطالبة كل من «حزب القوات اللبنانية» و«تيار المردة» بالحصول عليها.
وفي حين بات من المعروف أن عمل هذه الوزارة، لا سيما قبل أي انتخابات نيابية هو بمثابة الحملات الانتخابية للأحزاب ومرشحيهم من خلال الخدمات التي تقوم بها، يرفض زعيتر في حديث لـ«الشرق الأوسط» ربط مطالبة برّي بها بهذه الأسباب. ويشدد على أن مرده لعدم تطبيق مبدأ المداورة على باقي الوزارات. ويعتبر أن هذا الأمر «إهانة للشعب اللبناني قبل الأحزاب»، ويقترح إجراء دراسات خاصة بالمناطق واحتياجاتها عبر البلدية لتأمين اعتمادات خاصة لها والحد قدر الإمكان من احتمال توظيف هذه الخدمات في الانتخابات النيابية.
حول هذا الموضوع، يذكر ربيع الهبر، مدير عام شركة «ستاتيستيكس ليبانون»، أن «وزارة الأشغال» تلقب بـ«وزارة الأسفلت» انطلاقا من مشاريع تعبيد الطرقات التي تنشط لتنفيذها هذه الوزارة قبل موعد الانتخابات النيابية والتي ترتكز في المنطقة أو المناطق التي يحظى فيها الوزير وحزبه بنفوذ معين، وهي قد تلعب دورا أساسيا في تغيير موازين نتائج الانتخابات. من جهته، يقول الخبير الاقتصادي سامي نادر: «خدمات وزارة الأشغال ولا سيما الأشغال تساهم بشكل كبير في وصول نواب إلى المجلس النيابي، لا سيما في المناطق النائية والقرى»، مؤكدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن هذا الأمر يمأسس الفساد في وقت هذه الحقوق هي طبيعية للمواطن يجب أن يحصل عليها من دون مقابل وليست حسنة، أو لشراء الولاءات بأموال الدولة».
وفي ضوء استمرار الإنفاق الحكومي في لبنان من دون موازنة عامة لأسباب سياسية والاعتماد على تلك التي أقرّت في العام 2005 على قاعدة ما يعرف بـ«الاثني عشرية» أي توزيعها على 12 شهرا، يوضح زعيتر كنا نعمل بموازنة 2005 مع إضافات بسيطة بقوانين 2012 و2015، مشيرا إلى أنه وعند تسلمه «وزارة الأشغال» عام 2004 كان المبلغ المخصص لمشاريعها، باستثناء تلك المخصصة للنقل، كان نحو 110 مليارات ليرة لبنانية (نحو 73 مليون دولار) لترتفع في العام 2015 إلى 160 مليارا (نحو 107 ملايين دولار)، في وقت تصل كلفة المشاريع المطلوب تنفيذها إلى 500 مليار (333 مليون دولار) كحد أدنى. وفيما لا ينفي زعيتر أن وزارته لم تنفذ معظم المشاريع التي كان يفترض أن تقوم بها، خلال سنتين ونصف السنة من توليه الوزارة، يعتبر أن السبب في هذا الأمر، هو إضافة إلى الميزانية المحدودة، الواقع السياسي الذي مرّ به لبنان خلال هذه المرحلة وسياسة التعطيل التي طبعت الحكومة وقراراتها، مشيرا في الوقت عينه إلى أن هذا الأمر قد لا يتغيّر كثيرا بالنسبة إلى الحكومة المقبلة والتي باتت تعرف بأنها ستكون «حكومة انتخابات» مهمتها إقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات. وهو الأمر الذي يشير إليه أيضا، رئيس «لجنة الأشغال والنقل» النائب في «تيار المستقبل» محمد قباني، معتبرا أن هذا الواقع، هو السبب الأساسي في سباق الأحزاب على «وزارة الأشغال» في الحكومة العتيدة، قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية. ويلفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن الطلب على الوزارات الخدماتية هو السمة المشتركة بين مختلف الأحزاب، وتأتي (الأشغال) التي تلبي حاجات متعلقة بتعبيد الطرقات وإجراء الصيانات الخاصة بها، على رأس هذه الوزارات»، لافتا إلى أن الاستفادة من خدمات «الأشغال» تختلف بين منطقة وأخرى انطلاقا من انتماء الوزير الذي يتولاها والجهة التي ينتمي إليها، ملمّحا إلى عدم المساواة في توزيع هذه الخدمات في عهد وزير الأشغال الحالي غازي زعيتر، بين المناطق.
وكانت حملات إعلامية وسياسية قد شنّت على زعيتر متّهمة إياه بعدم المساواة في توزيع الخدمات، وتركيزه على بعلبك والهرمل البقاع، حيث قاعدته الشعبية والانتخابية، وهو ما ينفيه زعيتر جملة وتفصيلا ويؤكد أن التوزيع يجري بالتساوي بين المناطق، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات بعض المناطق التي تختلف عن غيرها، مؤكدا أنه سيقوم ومع انطلاقة عهد الحكومة الجديد بإطلاق تقرير مفصّل حول الأعمال التي قامت بها وزارته والمناطق التي وزعت عليها.
أما قباني، فيشرح أنّ وزارة الأشغال تتوزّع على 4 مديريات أساسية، هي «الطرق والمباني» التي يخصّص لها الحصة الأكبر من الميزانية وتحديدا للعمل على شق الطرقات وتعبيدها، و«التنظيم المدني» و«النقل البحري والبري» إضافة إلى «الطيران المدني» التي سبق أن صدر قرار بإلغائها على أن يتم إنشاء «هيئة عامة للطيران المدني» بدلا عنها، لكن هذا الأمر لم يتم وبالتالي لا تزال الأولى هي التي تعمل. وهنا، يشير زعيتر إلى أن أبرز المشاريع التي يفترض أن تقوم بها، وزارة الأشغال والنقل في العهد الجديد، هي ملء الشواغر في كل المديريات، وإنجاز الخطة الموضوعة للنقل المشترك منذ سنوات عدّة، إضافة إلى «خطة الأملاك البحرية» و«السكك الحديد» التي يتطلب العمل عليها من نقطة الصفر.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.