الجمعة السوداء: بين الفوضى والفرص الشرائية

توقعات بأن ينفق البريطانيون ملياري جنيه

في متجر «ميسي» الشهير بنيويورك تدفقت أعداد كبيرة من المتسوقين الباحثين عن الفرص الشرائية والتخفيضات (أ.ف.ب)
في متجر «ميسي» الشهير بنيويورك تدفقت أعداد كبيرة من المتسوقين الباحثين عن الفرص الشرائية والتخفيضات (أ.ف.ب)
TT

الجمعة السوداء: بين الفوضى والفرص الشرائية

في متجر «ميسي» الشهير بنيويورك تدفقت أعداد كبيرة من المتسوقين الباحثين عن الفرص الشرائية والتخفيضات (أ.ف.ب)
في متجر «ميسي» الشهير بنيويورك تدفقت أعداد كبيرة من المتسوقين الباحثين عن الفرص الشرائية والتخفيضات (أ.ف.ب)

ازدحمت شوارع المدن الكبرى في العالم أمس بالمتسوقين المتلهفين للاستفادة من تخفيضات «بلاك فرايداي» (الجمعة السوداء) وهو اتجاه جديد نسبيا قدم من الولايات المتحدة، ويبدأ مع الاحتفالات بيوم الجمعة الذي يوافق 25 نوفمبر (تشرين الثاني). وبالرغم مما تقدمه «الجمعة السوداء» من أرباح هائلة لبعض ملاك المتاجر، وتبضع أرخص للمتسوقين، لكنها لا تخلو من الفوضى والحوادث المؤلمة.
فقد قتل البارحة شخصان وأصيب اثنان آخران في ثلاثة حوادث منفصلة في ولايات نيوجيرسي، ونيفادا، وتينيسي أثناء تسوقهم. حيث أصيب رجل، يبلغ 20 عامًا، برصاصة قاتلة بولاية نيوجيرسي، كما عانى أخوه، الذي كان معه، من إصابات بالغة دخل على إثرها المستشفى. وصرح أحد المتسوقين بمنطقة الحادث، لشبكة كولومبيا للبث (سي بي إس)، والذي واظب على حضور تخفيضات «الجمعة السوداء» لعشر سنوات متواصلة، بأنه «حزين جدا لما حصل» وأن «الجمعة السوداء» أصبحت «شيئا مرعبًا». وحتى الآن، لم توفر السلطات في نيوجيرسي معلومات كافية حول الحادث أو المشتبه بهم.
أما في نيفادا، فقد قتل شخص بسبب شجار حول موقف للسيارة على مقربة من أحد متاجر «وال مارت». إلى ذلك، أُصيب شخص بطلق ناري يوم الخميس في مركز تجاري في ولاية تينيسي، حيث كان المتسوقون يحجزون أماكنهم أمام المتاجر لدخولها في وقت مبكر من يوم الجمعة. وقال شهود عيان، حسب ما ذُكرت صحيفة الـ«دايلي ميل» على موقعها الإلكتروني أمس، أن مجموعة من الشباب أطلقوا عدة طلقات عشوائية ثم فروا بسيارتهم إلى مكان مجهول. وأشارت التقارير الأولية لعدم وجود إصابات إلا أن المستشفى القريب من موقع الحاث شهد وصول بعض المصابين. وقامت السلطات بدورها باحتجاز ثلاثة أشخاص مشتبه بهم.
وبحسب إحصائية أجريت بين 2006 إلى 2014 فقد شهدت تخفيضات «الجمعة السوداء» في الولايات المتحدة فقط 7 حالات وفاة و98 جريحا.
ولم تغب الحوادث المماثلة عن بريطانيا، حيث شهدت مدينة ليدز تجمع كبير لرجال الشرطة عند متجر «إتش إم إف» بعد أن قام أحد النشالين بتوجيه طعنة مباشرة لعنق أحد رجال الأمن، نقل على إثرها إلى المستشفى. واعتقلت الشرطة رجلا مشتبها به يبلغ 37 عامًا وأغلقت المتجر.
وجرت العادة على أن تطلق الكثير من المتاجر في يوم الجمعة السوداء، عروضا سنوية ضخمة وخصومات كبرى. ولذلك، يتوافد المشترون منذ ساعات الصباح الأولى من هذا اليوم إلى المتاجر والمحلات الكبرى لكي يضمنوا الحصول على أفضل السلع المخفضة قبل نفاذها. وقد شوهدت فجر أمس أعداد غفيرة من الزبائن أمام الكثير من المتاجر الكبرى بالولايات المتحدة، افترش بعضهم الأرض والبعض نصب خيامًا صغيرة حاملين معهم وجبات غذائية لتناولها خلال فترة الانتظار الطويلة. ولم تمنع درجات الحرارة المنخفضة، التي وصلت لأقل من درجة الصفر في بعض المناطق، المتحمسين من الانتظار والتربص أمام بوابات المتاجر.
وتتنافس المتاجر الإلكترونية على جذب المشترين بعروض سخية، معتمدة على أن المتسوق لن يضطر للخروج من منزله في الجو البارد ولا للمعاناة في وسط حشود غفيرة من أجل شراء غرضه. وبحسب ما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية على موقعها الإلكتروني أمس فقد وصلت مبيعات شركة «أمازون» في الجمعة السوداء من العام الماضي إلى 7.4 مليون سلعة، أي بمعدل 86 سلعة بالثانية.
وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية فمن المتوقع أن ينفق المتسوقون البريطانيون 1.96 مليار جنيه إسترليني (44.‏2 مليار دولار)، وهو مبلغ يعد قياسيا، في يوم «الجمعة السوداء»، وفقا لبحث من مركز للبحوث البيع بالتجزئة وأحد مواقع الإنترنت.
وتعد الإلكترونيات والملابس وهدايا عيد الميلاد من بين الأشياء الأكثر مبيعا في فترة التخفيضات في الأسعار.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».