«الحواس الخمس» أول معرض فني في السعودية لذوي الإعاقة البصرية

تستخدم فيه لغة برايل وإيقاعات صوتية وروائح عطرية بمشاركة رسام عالمي

أعمال المأكولات والفواكه  في معرض الحواس الخمس  -  الخطوط كذلك من الفنون التي ستكون حاضرة في المعرض
أعمال المأكولات والفواكه في معرض الحواس الخمس - الخطوط كذلك من الفنون التي ستكون حاضرة في المعرض
TT

«الحواس الخمس» أول معرض فني في السعودية لذوي الإعاقة البصرية

أعمال المأكولات والفواكه  في معرض الحواس الخمس  -  الخطوط كذلك من الفنون التي ستكون حاضرة في المعرض
أعمال المأكولات والفواكه في معرض الحواس الخمس - الخطوط كذلك من الفنون التي ستكون حاضرة في المعرض

تشهد العاصمة السعودية الأسبوع المقبل حدثا فنيا هو الأول من نوعه من الفعاليات الثقافية، يعمد إلى تعزيز روافد الإبداع الثقافي في المجتمع، إذ تجري الاستعدادات حاليا لإقامة معرض فني ضخم يركز على تذوق الحواس الخمس لجمالية الفنون التشكيلية باستخدام تقنيات عالية وإمكانيات كبيرة.
وأوضحت الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة «ليان» الثقافية، أن المعرض الفني «تذوق الفن بحواسك الخمس» للفنان التركي العالمي إسماعيل آجار، سيعقد الأحد المقبل في مدينة الرياض، برعاية الأمير عبد العزيز بن أحمد بن عبد العزيز رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة العمى.
وأوضحت الأمير عادلة أن المعرض يهدف إلى استخدام حواس النظر والسمع والتذوق والشم واللمس من أجل ذوي الإعاقة البصرية عبر عرض عدد كببر من الأعمال الفنية بأسلوب «برايل»، إضافة إلى تسجيلات إيقاعية وعطور منوعة ومأكولات تتواكب مع موضوع كل قاعة من القاعات الخمس التي تمثل أركان المعرض، لتلامس الحواس الخمس، وتزود الفن بأكبر عدد ممكن من الخبرات الحسية. وأشارت إلى أن رسالة المعرض، الذي سيستمر لأسبوعين، تم اختيارها بعناية، حيث إن الأعمال الإبداعية المعروضة تخاطب جميع الحواس بدلا من الاقتصار على البصر.
وأوضحت الأميرة عادلة أن تنظيم المعرض للفنان التركي العالمي إسماعيل آجار يأتي تناغما مع رسالة مؤسسة «ليان» الثقافية الرامية إلى إبراز الحضارة العربية والإسلامية بمفهومها الشامل وتبني المواهب المتميزة وتشجيعها للرفع من قدراتهم في مجالات الفنون والإبداع. وأبانت الأميرة عادلة أن المعرض يأخذ أبعادا جديدة في المعارض الفنية، حيث إن العديد من الأعمال تعرض بأسلوب برايل لتكون ملائمة لذوي الإعاقة البصرية، مشيرة إلى أهمية البحث عن آفاق جديدة في الفعاليات الثقافية لتعزيز روافد الإبداع الثقافي في المجتمع.
إلى ذلك، أوضحت الأميرة أضواء بنت يزيد بن عبد الله، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة الفن النقي، أن المعرض سيشهد فعالية جانبية، حيث ستكون هناك ورش عمل مصاحبة معنية بتطوير مهارات الموهوبات في الفن التشكيلي والرسم للكفيفات.
من جهة أخرى، أوضحت الدكتورة مها السنان، المشرفة على المعرض، أن الفنان إسماعيل آجار من أفضل النماذج التي تختزل المفاهيم الإسلامية فكريا وفق إطار فني كلاسيكي يتناسب مع النقلة التي ينشدها المعرض والانتقال من الأسلوب التقليدي إلى المعاصر في ممارسة الفنون البصرية. وأشارت السنان إلى أهمية البحث عن وسائل لرفع الذائقة الفنية في المجتمع، مشيرة إلى أن المعرض يوفر فرص احتكاك للفنانين السعوديين بتجارب فنية ناجحة مما ينعكس على تطور الحركة الفنية السعودية.
وحول تصميم المعرض أوضحت مصممة المعرض الفنانة السعودية رشا الهوشان، صاحبة مكتب الهوشان للتصميم، أن أفكار الفنان إسماعيل آجار كانت خلف التصميم باللون الداكن في مدخل المعرض، مشيرة إلى حرصها على تجسيد شغف الفنان بالتركيز على الإعاقة البصرية من خلال مقدمة المعرض. وأضافت «يمكن للزائرين أن يدركوا المغزى من إقامة المعرض عبر المؤثرات الصوتية والبصرية حال ولوجهم إليه»، مبينة أن تصميم المعرض راعى إنتاج فيلم قصير يحقق الهدف من إقامة المعرض من خلال دمج كل الحواس بأسلوب فني محترف.
ولفتت الهوشان إلى أن النتيجة النهائية للمعرض تكون بمثابة رحلة عبر عيون فنان يرى الحياة من خلال الحواس الخمس متأملا في معاني البركة والنقاء والجمال والحب والقوة، والتي تم تمثيلها في ردهات المعرض من خلال نمط مميز من اللوحات الغنية بالمشاعر والألوان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».