«الدفاع المدني» الفلسطيني يرسل طواقم مدربة وإطفائيات للمساعدة

الناطق باسمه لـ«الشرق الأوسط»: نفصل بين السياسة والإنسانية

طائرة إخماد حرائق تقوم بعملياتها في منطقة حيفا حيث هرب المئات من منازلهم وجرى إجلاء مئات آخرين (أ.ف.ب)
طائرة إخماد حرائق تقوم بعملياتها في منطقة حيفا حيث هرب المئات من منازلهم وجرى إجلاء مئات آخرين (أ.ف.ب)
TT

«الدفاع المدني» الفلسطيني يرسل طواقم مدربة وإطفائيات للمساعدة

طائرة إخماد حرائق تقوم بعملياتها في منطقة حيفا حيث هرب المئات من منازلهم وجرى إجلاء مئات آخرين (أ.ف.ب)
طائرة إخماد حرائق تقوم بعملياتها في منطقة حيفا حيث هرب المئات من منازلهم وجرى إجلاء مئات آخرين (أ.ف.ب)

بعد ثلاثة أيام من اشتعال مئات الحرائق في إسرائيل وتمددها بشكل فاق التصورات، طلبت تل أبيب من فلسطين العون في جهود إخماد الحرائق إلى جانب دول كبيرة مثل روسيا. ويفترض أن تكون طواقم مؤهلة من الدفاع المدني وصلت إلى إسرائيل في وقت متأخر أمس، بعد تحديد بعض القضايا اللوجيستية.
وقال نائل العزة، الناطق باسم الدفاع المدني، إنه «سيتم إيفاد طواقم وإطفائيات للمساعدة في إطفاء الحرائق في إسرائيل».
وأضاف العزة لـ«الشرق الأوسط»: «يجري الآن فحص حجم القوات والأماكن التي ستتوجه إليها.. ستكون مساعدة فاعلة».
وهذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها الدفاع المدني الفلسطيني في إطفاء حرائق في إسرائيل، وشارك بصورة فاعلة في حريق كبير مشابه في عام 2010. ويبدو أن إسرائيل اضطرت للطلب من الفلسطينيين المشاركة، بعدما حاصرت النيران أمس، أحياء كبيرة في حيفا، وتمددت إلى مناطق أوسع على الرغم من مشاركات دولية في إطفاء الحرائق.
وقال العزة، إن قرار المشاركة اتخذ بعد مشاورات لوجيستية مع الحكومة الفلسطينية. وأوضح: «في الضفة الغربية لدينا قنوات تنسيق عن طريق الارتباط العسكري، لكن خارج حدود ذلك، تطلب أي دولة من الحكومة المساعدة، وترسل لنا الحكومة، من أجل تقييم لوجيستي، وبعد أن نرسله، يتقرر طبيعة الرد، المشاركة أو لا، وطبيعة هذه المشاركة وحجمها». وتابع: «طلب منا تقييم لوجيستي ومن ثم قررنا المشاركة». وأردف: «طواقمنا مجهزة بأحدث الوسائل. نملك طواقم مدربة على مستوى عال وإطفائيات حديثة للغاية. لكن لا نملك مثلا طائرات.. في البداية توجهوا للدول التي تملكها».
وأرسلت أمس اليونان وإيطاليا وكرواتيا وروسيا وقبرص وتركيا، عشر طائرات إطفاء للمساعدة في إخماد الحرائق التي نشبت في مناطق مختلفة، بناء على طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وشدد العزة على أنهم في جهاز الدفاع المدني يفصلون بين السياسة والإنسانية، ويعرفون أنهم قد يتعرضون لمواقف مماثلة ويتوقعون مساندة.
لكن نظرة متفحصة، تظهر أثرا كبيرا للسياسة. ففي الحريق السابق، تحادث الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فورا وعرض الأول المساعدة وطلبها الثاني. كما أرسل جهاز الدفاع المدني خيرة شبابه للمساعدة في إطفاء الحريق، وكان لذلك أثر بالغ ومهم داخل إسرائيل نفسها.
وهذه المرة تأخر الطلب الإسرائيلي، بل رفض جهاز الدفاع المدني الفلسطيني التدخل في حريق شب في مستوطنة قرب رام الله يوم الأربعاء.
وقال العزة: «حدود عملنا معروفة. جاءنا طلب عبر الارتباط الفلسطيني، ولم تطلب الحكومة الفلسطينية منا ذلك. قلنا إن حدود عملنا واضحة، وإن أي طلب يجب أن يتم عبر القنوات الرسمية. لقد تم ذلك لاحقا بشأن الحرائق في إسرائيل وقررنا المساعدة فعلا».
وإلى جانب المشاركة المرتقبة لقوات الدفاع المدني الفلسطيني، رفع الجهاز استعداداته في الضفة الغربية كذلك، خشية تمدد هذه الحرائق إلى مناطق الضفة، بعدما امتدت، في وقت سابق، من مستوطنة تالمون إلى مناطق واسعة من أراضي قرية الجانية في رام الله.
وعلى الرغم من أن طواقم الدفاع المدني الفلسطيني نجحت في السيطرة على حريق الجانية، الذي امتد على 400 دونم، فإن سيارات ورجال الدفاع ما زالوا يرابطون في المنطقة خشية تجدد هذه النيران. وقال العزة: «لا نتهاون مع أي حريق في الصفة الغربية، ثمة استعدادات عالية». وأضاف: «أرسلنا إلى الجانية نصف قواتنا في رام الله، وسيطرنا على الحريق، والآن بعض مركباتنا ورجالنا ما زالوا يرابطون في المكان».
ويخشى جهاز الدفاع المدني الفلسطيني من سهولة تنقل الحرائق بسبب الرياح الجافة في المنطقة، التي كانت سببا مباشرا في توسع دائرة الحرائق في إسرائيل.
وحريق الجانية امتد أصلا من مستوطنة تالمون القريبة وبقي ليومين، وفي يوم الأربعاء، اندلعت نيران كذلك بالقرب من مستوطنة دوليف القريبة من رام الله، وأمس في أحد أحراش مستوطنة نيريت شمال الضفة الغربية.
والمستوطنات هذه، وأخرى غيرها، مقامة على أراض فلسطينية بالقرب من تجمعات الفلسطينيين.
وقال العزة: «أطلقنا حملة إعلامية ضخمة من أجل حث الناس على تحمل مسؤولياتهم، وحاولنا التأكيد أن الأمر ليس سهلا وخطيرا للغاية».
وطلب جهاز الدفاع المدني الفلسطيني من المواطنين، في ظل استمرار موجة الرياح الشديدة التي تضرب البلاد، «عدم إشعال النيران في الأعشاب لأي سبب كان، تجنبا لحصول حرائق يصعب السيطرة عليها، وتثبيت كل ما هو عرضة للتطاير على أسطح المنازل، وتثبيت اللوحات الكبيرة في الشوارع بشكل كامل، واستخدام الطاقة البديلة التي تعمل على البطاريات في حال انقطاع الكهرباء، والحرص على استخدام الشمع في إناء معدني وبداخله ماء، ووضعها بعيدا عن كل ما هو عرضة للاشتعال وإطفائها قبل النوم، وعدم تحميل الكهرباء فوق طاقتها، تجنبا لحصول ماس كهربائي، وعدم استخدام المدافئ للطهي وتجفيف الملابس».
وحذر العزة من أن بعض الحرائق التي تبدأ صغيرة لا يمكن السيطرة عليها لاحقا، بسبب ظروف محددة، وضرب مثلا بما يجري في إسرائيل.

 



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.