الطباخة «فلافيا» تكشف لسجينات أم درمان أسرار الطعام الإيطالي

الخرطوم وروما تتبادلان نكهات المتوسط الشهية

الشيف فلافيا ({الشرق الأوسط})
الشيف فلافيا ({الشرق الأوسط})
TT

الطباخة «فلافيا» تكشف لسجينات أم درمان أسرار الطعام الإيطالي

الشيف فلافيا ({الشرق الأوسط})
الشيف فلافيا ({الشرق الأوسط})

احتفل العشرات من السودانيين والغربيين بالمذاق الشهي لـ«الباستا» الإيطالية، في ليلة خرطومية باذخة نظمتها سفارة روما في الخرطوم، احتفالاً بختام «أسبوع المطبخ الإيطالي» الذي دأبت على تنظيمه في الخرطوم منذ 3 سنوات، وأعجبت فكرته الخارجية الإيطالية فعممته على سفارات روما في أنحاء العالم.
وقال السفير فابريزيو لوباسو لضيوفه في مفتتح الحفل، أمس، إن الاحتفاء بالمطبخ الإيطالي مهرجان عالمي ينظم بالتزامن في كل سفارات روما في العالم ابتداء من هذا العام، على الرغم من أن سفارته دأبت على تنظيمه للمرة الثالثة في الخرطوم، بالاشتراك مع مجموعة دال الغذائية السودانية (نوبو) التي تنتج أنواعًا من الباستا (المعكرونة) المحلية.
وأوضح السفير لوباسو أن سفارته تحتفي بالطباخة الإيطالية الشهيرة (فلافيا بانتاليو) التي جاءت من روما خصوصًا للاشتراك في مهرجان الطعام الإيطالي في الخرطوم، وقال إنها نظمت ودربت عددًا من المطاعم السودانية على إعداد الباستا بالمواد المحلية السودانية، وأضاف: «سنقدم لكم بعض الباستا من مطبخها، ونرجو ألاّ تكونوا قد أكلتم كثيرًا في الخارج لتستمعوا بها».
وتابع السفير أن ضيفته فلافيا ظلت تدرّس تقاليد وطرائق المطعم الإيطالي لأكثر من 15 سنة، وتعد أحد أعضاء مدرسة الباستا للمطبخ الإيطالي في روما وخارج البلاد.
وقال إن حكومته منذ العام الماضي شرعت في تبني دبلوماسية التفاعل الثقافي، للتعرف على رغبات السودانيين في الموسيقى والطعام والسينما وكرة القدم، ولإضافة «لمسة إيطالية» عليها، مضيفًا: «سنتعامل ابتداء من العام المقبل بدبلوماسية الدعم مع السودان، وبدأنا منذ أسبوع دورة لتدريب الطباخين السودانيين (شيف) في المطاعم المهمة والشهيرة في المدينة، وستقدم تلك المطاعم لائحة طعام إيطالية أعدتها فلافيا، بأجواء إيطالية أصيلة».
ونظمت الخبيرة الإيطالية ورشًا دربت 100 سجينة في سجن أم درمان على أساسيات الطبخ وصناعة الخبز والمخبوزات، وخبز البصل، وبسكويت الزنجبيل، وغيرها من المهارات، لإكسابهن مهارات الطبخ الحديث، ليصبحن قادرات على العمل وامتلاك مصادر دخل بعد خروجهن من السجن.
وبدأ أسبوع المطبخ الإيطالي في الحادي والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بورشة تدريبية أقامتها مجموعة دال الغذائية، في مركز سيقا ببحري، تدرب خلالها طهاة من المطاعم الشهيرة بالخرطوم على إعداد الأطباق الإيطالية المميزة، وعلى رأسها الباستا، من مكونات محلية.
كما تضمن الأسبوع حفلاً خيريًا لأعضاء البعثات الدبلوماسية، يعود ريعه لمراكز الصم والبكم بالخرطوم، باعتباره نوعًا من دبلوماسية الدعم والإسناد التي تنتهجها الخارجية الإيطالية مع السودان.
وقال السفير لوباسو: «نأمل في بناء جسر بين المطبخ السوداني والنكهات الغذائية المميزة لمنطقة البحر المتوسط وإيطاليا، ونحن ننظر للطعام كنوع من أنواع التضامن والتبادل الثقافي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».