اختتمت القمة الأفريقية العربية الرابعة أعمالها في مالابو بغينيا الاستوائية أمس، بتأكيد ضرورة الشراكة الاستراتيجية، والتنسيق السياسي والأمني الكامل بين جميع الدول المشاركة، وسط خلافات عاصفة أدت إلى انسحاب تسع دول عربية، تضامنا مع المغرب الذي احتج بعد إصرار الاتحاد الأفريقي على إبقاء لوحة الجمهورية الصحراوية في القمة.
واعتمد القادة الحاضرون إعلان القمة الرابعة في مالابو، الذي أكد الشراكة الكاملة والبناء على ما سبق، والتطلع للمستقبل بروح أخوية، وإبعاد شبح التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للإقليمين، مجددين التزامهم بمواصلة الجهود المشتركة من أجل تحقيق تطلعات الشعوب وتعزيز العلاقات الأخوية الطويلة الأمد بين أفريقيا والعالم العربي على أساس المصالح والمنافع المتبادلة، والتغلب على التحديات، وإزالة العقبات أمام تفعيل التعاون الأفريقي - العربي وتطويره.
ورحب الإعلان باعتماد أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي وخريطة الطريق الخاصة، وكذلك بالخطط والاستراتيجيات الصادرة عن مؤتمرات القمة العربية، بما في ذلك الإعلان العربي حول تنفيذ خطة التنمية المستدامة الصادرة عن قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في نواكشوط هذا العام.
وكانت دول المغرب والبحرين والسعودية، والإمارات والأردن وقطر واليمن، بالإضافة إلى سلطنة عمان، والصومال، قد أعلنت انسحابها احتجاجا على مشاركة جبهة البوليساريو في القمة، التي تعقد تحت عنوان «التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي بين أفريقيا والعالم العربي».
وكان من أبرز الحضور في الجانب العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والرئيس السوداني عمر حسن البشير.
وطالب المسؤول المصري أبو الغيط بأهمية تسوية المشكلة التي أدت إلى عدم مشاركة عدد من الدول العربية في أعمال القمة، والوصول إلى صيغ تنهي هذا الموقف حتى لا يتكرر ما حدث. وأوضح المتحدث باسم الأمين العام حرص أبو الغيط على أن يلفت النظر في كلمته إلى شعوره بالحزن لعدم قدرة الدول العربية والأفريقية المشاركة في القمة على تسوية الإشكال، الذي أعاق العملية التحضيرية للقمة، مضيفا أن الموقف الذي عبرت عنه الدول التي لم تشارك تمثل في التمسك بالضوابط التي سبق العمل بها في القمتين السابقتين، اللتين عقدتا في سرت عام 2010 والكويت عام 2013، وهو الموقف الذي أشار أبو الغيط إلى أنه لا يسعه بصفته أمينا عاما، إلا أن يتفهمه ويؤيده.
وتمنى الأمين العام أن تتواصل قريبا المشاورات ببن الجانبين العربي والأفريقي من أجل تسوية الإشكال الذي ظهر كعقبة في طريق التعاون العربي - الأفريقي، وبما يسمح باستئناف هذا التعاون المهم والحيوي للجانبين بشكل نشط وإيجابي.
وأكدت وزارة الخارجية المغربية أن المملكة ومعها دول عربية وأفريقية أخرى حرصت على توفير وسائل الدعم وجميع الظروف الملائمة لإنجاح القمة، وأنها كانت ولا تزال على وعي تام بما تمثله الشراكة العربية - الأفريقية من أهمية، وما تشكله من رهان يصب في اتجاه تعزيز مكانة المجموعتين.
وأضاف البيان أنه «كان من بين هذه الضوابط المنبثقة عن احترام الوحدة الترابية للبلدان، أن تقتصر المشاركة في الأنشطة التي تجمع الطرفين على الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، غير أنه لوحظ إخلال بهذه الضوابط، إذ وضع علم ولافتة باسم كيان وهمي داخل قاعات الاجتماعات».
وبعد أن بذلت تلك الدول، ومعها دول أخرى، جهودا مسؤولة وصادقة للتشبث بالضوابط التي أجازتها القمم العربية الأفريقية السابقة، ظل الوضع على ما هو عليه، فوجدت تلك الدول نفسها مضطرة، مع كامل الأسف، إلى الانسحاب من المؤتمر حتى لا تكون طرفا في الإخلال بالضوابط المشتركة العربية الأفريقية، وحتى لا يسجل عليها التاريخ أنها تراجعت عن المكتسبات المشتركة التي ستسمح للعرب والأفارقة ببناء المستقبل، ومواجهة التحديات الأمنية والتنموية الماثلة أمامهم.
وكان الرئيس الغيني أوبيانج إنجومباسوجو قد افتتح القمة، واعتبرها فرصة للعرب والأفارقة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في قمة الكويت، وتحديد الأولويات ووضع خريطة للعمل على كل المحاور السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال إطار يسمح بدعم اقتصادات الدول وتعبئة الموارد المالية اللازمة. وقال بهذا الخصوص إن الشعوب العربية والأفريقية تملك كثيرا من الميزات المشتركة ثقافيا وتاريخيا كي تتحقق من خلالها أهداف التنمية، وطالب بالوقوف في وجه التحديات التي تعترض التعاون حتى تتمكن دول القارة من ممارسة سيادتها ضد التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي، مطالبا في ذات السياق بأهمية وجود مقعد دائم في مجلس الأمن لقارة أفريقيا.
كما شدد الرئيس الغيني على أن هذه القمة سوف تشكل نقطة تحول تمكن شعوب المنطقتين من العيش بمستوى اقتصادي أفضل.
من جهته، تحدث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد عن أهمية صناديق التنمية للاستثمار في أفريقيا بقروض ميسرة، وتعهد بالعمل حتى تكون الشراكة ضمن اقتصاديات العالم الواعدة، وكذلك السعي لتحقيق التكامل ببين الدول، كما لفت النظر إلى التحديات والأخطار والظروف الدقيقة التي انعكست على أمن واستقرار المنطقة ومعدلات التنمية، داعيا إلى استمرار التعاون من أجل الحفاظ على وحدة الأوطان والنأي بالدول عن أي تدخل خارجي، مؤكدا دعم ومساندة الكويت لطلب السعودية باستضافة القمة الخامسة لما تحظى به من مقومات ومكانة عالمية مرموقة.
وبصفته رئيسا للدورة الراهنة للقمة العربية، دعا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى الدفع بالعمل المشترك إلى آفاق أفضل وعلى أساس مبادئ الاحترام وحسن الجوار، والمصالح المتبادلة. كما تحدث عن التحولات الدقيقة على المستويين السياسي والاجتماعي التي تستوجب تطوير الشراكة الاستراتيجية.
من جانبه، تحدث الرئيس التشادي إدريس ديبي عن أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تأخرت كثيرا، مؤكدا أهمية مكافحة الإرهاب والهجرة، ودعا إلى تعزيز التعاون في هذه المجالات المهمة من خلال قرارات القمة وخطة العمل.
وفي كلمته أمام القمة خلال الجلسة المغلقة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر تضع تحقيق السلم والأمن بالعالمين العربي والأفريقي على رأس أولوياتها للسياسة الخارجية المصرية، مؤكدا أن مصر ستواصل جهودها لتحقيق السلام والتنمية المستدامة. وأضاف أن جهود مصر مستمرة لتعزيز التعاون الاقتصادي العربي والأفريقي، موضحا أن توافر البنية التحتية الإقليمية للمساعدة يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين العربي والأفريقي.
القمة العربية - الأفريقية تختتم أعمالها بالتأكيد على التنسيق السياسي والأمني الكامل بين دولها
الشيخ صباح الأحمد يؤيد استضافة السعودية القمة الخامسة ويشيد بمكانتها العالمية المرموقة
القمة العربية - الأفريقية تختتم أعمالها بالتأكيد على التنسيق السياسي والأمني الكامل بين دولها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة